آخر “ضارب للكتّان” يحافظ على تراث نسيجي أيرلندي يعود لقرون

وسط هدير آلات ضخمة وتصاعد الغبار، يواصل وليام سميث، البالغ 59 عاماً، ممارسة فن نادر يعود لقرون، ألا وهو ضرب خيوط الكتان لمنح القماش لمسة نهائية حريرية ولمعاناً خاصاً.
في معمله الواقع في قرية أبرلاندز على بعد 70 كيلومتراً غرب بلفاست، يمثل سميث اليوم آخر حرفي في العالم يُتقن هذه التقنية الأيرلندية التراثية. بحسب ما نشرت فرانس برس.
تستغرق عملية معالجة الكتان على الآلة القديمة، التي تحوي نحو 40 مطرقة خشبية عملاقة، ما يصل إلى 140 ساعة، وتتطلب تركيزاً ومهارة فائقة لضمان ألّا تتكوّن أي طيّات على القماش أثناء الدوران.
وبعد الانتهاء من الضرب، تُترك لفائف الكتان لتجفّ لمدة شهر، ثم تمرّ على الآلة مرة أخيرة لتسوية النسيج وتنعيمه.
ويُشير سميث بفخر إلى أنه يواصل “العمل اليدوي نفسه الذي كان يؤديه أسلافه منذ قرون”، مؤكداً أن هذه التقنية لم تُستبدل على مدار أكثر من قرن.
ومع تراجع صناعة الكتان التقليدية في القرن العشرين لصالح الألياف الصناعية الأرخص، بقي معمل “وليام كلارك وأبناؤه” صامداً بفضل مجموعة صغيرة من الزبائن المخلصين، بينهم خياطون في لندن ومشترون من اليابان.
وفي السنوات الأخيرة، عاد الاهتمام بالكتان التقليدي إلى الظهور بين دور الأزياء الفاخرة والمصممين الشباب، لما يتمتع به من استدامة ولمسة نهائية فريدة.
وتُستخدم الأقمشة الناتجة في بطانة البذلات الفاخرة، حيث يؤكد مدير المعمل كيفن ديفلين: “إذا أردتم أن تدوم أكمام البذلة طويلاً، هذا هو الكتان المثالي”.
ويطمح المعمل اليوم لتدريب جيل جديد من الحرفيين لمواصلة هذا التراث النادر. حيث يقول سميث: “علينا إيجاد شخص يمتلك الشغف بهذه الطريقة التقليدية، ولا يثنيه العمل اليدوي الشاق أو هدير الآلات”.
هذا المعمل ليس مجرد مكان لإنتاج القماش، بل صرح حي يحافظ على إرث نسيجي أيرلندي عمره قرون، يروي قصة صمود الحرفة اليدوية في عصر الصناعة الحديثة.
نقلاً عن: إرم نيوز