يبدو الترحال سمة غالبة في قصة الداعية أبو إسحاق الحويني، الذي ولد بقرية حُوَين بمحافظة كفر الشيخ لعائلة من الطبقة المتوسطة تشتغل بالزراعة، في سنواته الأولى تنقل بين قرى المحافظة خلال دراسته الابتدائية والمتوسطة حتى السنةِ الأخيرة من المرحلة الثانوية، والتي رحل في نهايتها إلى القاهرة ليلتحق بكلية الألسن جامعة عين شمس ويتخصص في اللغة الإسبانية.
بين ميوله الدينية ورغبته في دراسة اللغة الإسبانية فجوة كبيرة، لكنها أيضا بمثابة رحلة جديدة لـ أبو إسحاق الحويني الذي وجد تفسيرا للأمر ذكره على موقعه الخاص وهو “أن يتساوى مع الطلاب ويتفوق عليهم”
الفتى القادم من قرية صغيرة في كفر الشيخ إلى القاهرة قرر منذ اللحظة الأولى أن يكون الأول على دفعته، وكان له ما أراد طيلة سنوات الدراسة في الجامعة، ليتخرج في النهاية بتقدير امتياز، ويواجه الترحال بعدها مرة أخرى، عندما حصل على بعثة لاستكمال تعليمه في إسبانيا لكنه لم يستمر في أوروبا طويلا نتيجة كرهه المعيشة هناك وفق ترجمته الذاتية.
رحلة أبو إسحاق الحويني من الأدب إلى الحديث
الرحلة هذه المرة لم تكن على بين الأماكن، ولكنها نقلة كبرى في أفكاره بعد أن انجذب خلال سنوات الجامعة إلى كتب الشيخ الألباني، الذي سيصبح فيما بعد صاحب التأثير البالغ على مسيرته العلمية، تخصص أبو إسحاق الحويني في علم الحديث، وعاود الترحال مجددا إلى الأردن والسعودية ليلتقي بالشيخ الألباني وعددًا من علماء السلفية، مثل ابن عثيمين وصالح آل الشيخ، كما درس على يد الشَّيخ محمد نجيب المطيعي.
وذكر الحويني أنه أخذ من للشيخ الألباني ما يقرب من مئتي سؤال في العلل فقط، كما كانت له مع الألباني سؤالات أخرى في علوم الشريعة، وبعض الأسئلة في حكم البرلمانات المعاصرة، والأحزاب.
العودة إلى كفر الشيخ والصعود إلى الفضائيات
دراسة أبو إسحاق الحويني للحديث، وتتلمذه على مشايخ السلفية، جعلته واحدا من أبرز مشايخهم في مصر، بدأ رحلة نقل الأفكار بإلقاء دروس ومحاضرات في العديد من المساجد بمحافظات مختلفة، في مقدمتها مسجد شيخ الإسلام بمسقط رأسه بمحافظة كفر الشيخ، ولكنه بعد ظهور الفضائيات، في مطلع الألفية بات نجما في قنوات عديدة مثل “الناس” و”الرحمة” و”الندى”، وهو يقدم برامج دعوية تهتم بتفسير الأحاديث النبوية ويناقش قضايا العقيدة، وفق مدرسة السلفية العلمية، التي ينتمي إليها، وهي مدرسة تقوم على التدريس ونقل علوم الحديث والتفسير بعيدًا عن العمل السياسي المباشر، على النقيض من السلفية السياسية أو الجهادية.
مؤلفات أبو إسحاق الحويني
أصدر الحويني العديد من المؤلفات أبرزها “فصل الخطاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب لأبي حفص الموصلي الحنفي، نشر عام 1985م، ونقد فيه كتاب المغني عن الحفظ والكتاب الذي ألفه ابن قدامة، و “الانشراح في آداب النكاح” ونشر عام 1987.
ومن بين مؤلفاته أيضا: مسند سعد بن أبي وقاص للبزار، جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب لأبي حفص الموصلي الحنفي، ورسالتان في الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام، ونوح الهديل بشرح ما في سنن أبى داود من التذييل، مسند أبي هريرة، الظل الوريف في حكم العمل بالحديث الضعيف، و الفجر السافر على أوهام الشيخ أحمد شاكر.
وُلِد أبو إسحاق الحُوَيني يوم 10 يونيو 1956، وتوفي اليوم في قطر عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد صراع مع المرض، بحسب ما أعلن نجله حاتم الحويني عبر حسابه على فيسبوك.
نقلاً عن : تحيا مصر
لا تعليق