أثرياء الصين يلجأون لمشتقات “كرة الثلج”.. بحث عن عوائد أم مخاطرة جديدة؟


مع اشتداد الضغوط على الاقتصاد الصيني وتراجع بريق بعض القطاعات التقليدية، بدأ عدد من الأثرياء والمستثمرين الكبار في الصين يتجهون نحو أدوات مالية مبتكرة تُعرف باسم مشتقات “كرة الثلج”، والتي تُغري بعوائد مرتفعة وسريعة. هذه المنتجات الاستثمارية المعقدة باتت تشهد انتشارًا واسعًا في السوق، لكنها في الوقت نفسه تثير جدلاً واسعًا بين من يراها فرصة لتعويض الخسائر، ومن يحذر من أنها قد تتحول إلى مخاطرة عالية تُضاعف من هشاشة الأسواق وتفتح الباب أمام تقلبات غير محسوبة

ضخ المستثمرون أصحاب الثروات الكبيرة عشرات المليارات من اليوان في نسخ معدلة من هذه المشتقات منذ بداية العام الجاري، في ظل بقاء أسعار الفائدة منخفضة، حيث خصص بنك “تشاينا ميرتشانتس بنك” أكثر من 30 مليار يوان (4.2 مليار دولار) من هذه المنتجات الصادرة عن شركات وساطة، وفقا لأشخاص مطلعين على الموضوع رفضوا الكشف عن هوياتهم نظرا لأن المعلومات خاصة.

ففي الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن بدائل أكثر ربحية وسط تباطؤ النمو وتراجع جاذبية العقارات والأسهم التقليدية، تبدو “كرة الثلج” خيارًا مثيرًا للاهتمام، إذ تُبنى على مزيج معقد من المشتقات المالية التي تعد بعوائد سريعة إذا سارت الأسواق في الاتجاه المتوقع. لكن الوجه الآخر لهذه الأداة لا يقل خطورة، فهي قد تؤدي إلى خسائر ضخمة حال انعكاس الاتجاهات أو حدوث تقلبات مفاجئة. وبين الرغبة في تحقيق مكاسب استثنائية والقلق من الانزلاق إلى مخاطر جديدة، يقف أثرياء الصين أمام معادلة معقدة ترسم ملامح مرحلة مختلفة من الاستثمار عالي المخاطر.

شهدت مشتقات “كرة الثلج” انتشارًا لافتًا في الصين خلال الأعوام الأخيرة، خاصة مع تشديد القيود على قطاع العقارات وتذبذب سوق الأسهم. ويعتمد هيكل هذه الأداة على ربط العوائد بأداء مؤشرات أو أسهم محددة، بحيث يحصل المستثمر على أرباح مجزية إذا التزمت الأسعار بنطاق معين، لكن في حال حدوث تقلبات حادة تتراجع المكاسب بسرعة وقد تتفاقم الخسائر.

وتشير تقارير مالية إلى أن هذه المنتجات جذبت شريحة واسعة من المستثمرين الأثرياء وحتى المؤسسات، في محاولة لتعويض ضعف العوائد من القنوات الاستثمارية التقليدية. غير أن هذا التوجه يثير قلق الجهات الرقابية، التي ترى أن الاعتماد المفرط على أدوات عالية المخاطر قد يُفاقم هشاشة النظام المالي الصيني، خصوصًا في ظل الضغوط التي يواجهها الاقتصاد المحلي وتباطؤ وتيرة النمو.

من جانب آخر، يرى محللون أن الإقبال على هذه المشتقات يعكس تحوّلًا في سلوك المستثمر الصيني، الذي بات أكثر جرأة في البحث عن بدائل غير تقليدية. لكنهم يحذرون من أن الانسياق وراء العوائد السريعة دون إدراك التعقيدات الفنية لهذه الأدوات قد يفتح الباب أمام أزمة جديدة، على غرار الأزمات المالية العالمية السابقة التي كان سببها الأساسي الإفراط في الاعتماد على أدوات مشتقة معقدة.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف