أسواق الغاز تتأهب لفائض وسط غياب مؤشرات على تعافي طلب الصين

يغادر تجار الغاز العالميون مؤتمراً رئيسياً للصناعة في ميلانو دون اتفاق واضح بشأن موعد، أو حتى إمكانية، انتعاش الطلب من المشترين الصينيين، مما يمثل خطراً رئيسياً في ظل تزايد إمدادات الغاز الطبيعي المسال.
ففي الوقت الذي أبرم فيه المشترون الأوروبيون سلسلة من اتفاقيات التوريد على هامش مؤتمر “غازتك” (Gastech) هذا الأسبوع، ضمن خططهم للتخلص التدريجي من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، بدت الصين أقل نشاطاً في السوق، رغم أنها تُعد تقليدياً أحد أكبر المشترين وركيزة أساسية مؤثرة في أسعار الشحنات لمنقولة بحراً عالمياً.
أثار استمرار ضعف الاستهلاك المحلي في الصين، إلى جانب قبولها مؤخراً شحنات من محطة روسية خاضعة للعقوبات، تساؤل التجار حول ما إذا كانت البلاد ستزيد مشترياتها من الأسواق العالمية هذا الشتاء وما بعده. كما تُثار شكوك على المدى البعيد بعدما أبرمت الصين اتفاقاً مبدئياً يهدف إلى زيادة تدفقات الغاز من روسيا عبر إنشاء خط أنابيب جديد بدءاً من العقد القادم.
تخمة الغاز تلوح في الأفق
هذا يشكل تحدياً بالنسبة للمنتجين مع توقعات بحدوث فائض في المعروض يمتد لسنوات اعتباراً من عام 2026. وتشهد الصادرات الأميركية بالفعل نمواً ملحوظاً مع تسارع إنتاج محطة “فينتشر غلوبال” (Venture Global) الجديدة في بلاكيمينز بولاية لويزيانا بوتيرة أسرع من المتوقع، على أن تلحق بها مشروعات كبيرة أخرى بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
قال ستيف هيل، نائب الرئيس التنفيذي لتجارة الغاز والغاز الطبيعي المسال لدى شركة “ميركوريا إنرجي غروب” (Mercuria Energy Group)، إن “الصناعة تواصل التنبؤ بارتفاع الطلب الصيني على الغاز الطبيعي المسال، لكن ذلك لم يتحقق بعد”. وأضاف: “مع ذلك، ستحتاج الصين بوضوح إلى زيادة كبيرة في وارداتها من الغاز الطبيعي المسال حتى تستوعب السوق النمو المرتقب في الإمدادات”.
اقرأ أيضاً: الصين تعزز تجارة الغاز المسال مع روسيا في اختبار لموقف ترمب
من جانبها، كانت شركات النفط والغاز العملاقة مثل “إكسون موبيل” (Exxon Mobil) و”شيفرون” (Chevron) من بين الشركات التي حافظت على تفاؤلها خلال المؤتمر، إذ تتوقع أن تستورد الصين الغاز من موردين متنوعين بعد الشتاء المقبل لتلبية احتياجاتها من الطاقة، في إطار توجهها لاستبدال الفحم الأكثر تلويثاً.
وأوضح بيتر كلارك، نائب الرئيس الأول في “إكسون”: “ما زلنا متفائلين للغاية بشأن نمو الصين على المدى الطويل. ونحن على يقين أن دول آسيا النامية ستسير على خطى الصين، حيث نشهد اهتماماً من العديد من الدول الآسيوية في تبني مسار استبدال الفحم بالغاز”.
تراجع واردات الصين
انخفضت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال لعشرة أشهر متتالية. وفي المقابل، ارتفع إنتاجها المحلي من الغاز، بينما تُعد صفقة خط الأنابيب الجديدة مع روسيا عاملاً إضافياً يضغط على مشتريات الغاز الطبيعي المسال، ما أثار شكوك بعض المشاركين في السوق بشأن فرص تعافي الطلب الصيني.
اقرأ أيضاً: الطلب الصيني الضعيف على الغاز المسال يواجه عقبات جديدة
في الوقت نفسه، فإن انخفاض الأسعار المحلية يعني أن استيراد الشحنات من الخارج ليس دائماً مجدياً اقتصادياً، حيث يفضل المستوردون إعادة توجيه الإمدادات نحو أسواق تحقق عوائد أفضل. كما أن التوسع المتسارع في استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الصين بدأ يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، مما يقلص الاحتياجات المستقبلية للغاز في قطاع الكهرباء.
ميزة هبوط أسعار الغاز
إذا انخفضت الأسعار العالمية أكثر، فهذا قد يشجع المشترين الأكثر حساسية للأسعار على العودة مجدداً إلى السوق، بحسب ما قاله أندرس بورسبورغ-سميث، المدير الإداري والشريك في مجموعة “بوسطن كونسلتنغ غروب” (Boston Consulting Group). وأوضح أن هبوط الأسعار إلى ما دون 8 أو 9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية قد يحفز نشاطاً شرائياً، مقارنة بالمستويات الحالية التي تبلغ نحو 11 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أوروبا وآسيا.
لكن مع استمرار تضرر الصناعة الصينية بشدة من الرسوم الجمركية وانعدام اليقين المرتبط بالاقتصاد الكلي، لا يتوقع بورسبورغ-سميث ظهور أي محفزات قوية للطلب في المدى القريب، ما سيترك على الأرجح مزيداً من الإمدادات لمشترين آخرين.
واختتم: “لا أعتقد أنهم سيعودون للشراء ما لم نشهد ظاهرة مناخية كبيرة. فهم لديهم ما يكفي لهذا العام”.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج