أغرب مفارقة في تاريخ كريستيانو رونالدو مع النصر
منذ أن وطأت قَدَمَا الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو أراضي الرياض، عاش جمهور النصر حالة من الانفصام الكروي لم يسبق لها مثيل.
نحن أمام مشهد سريالي؛ في جانب من الملعب يقف أعظم هداف في تاريخ اللعبة محطماً كل الأرقام القياسية الممكنة، وفي الجانب الآخر تقف منصات التتويج الكبرى بعيدة المنال، وكأن هناك حاجزاً زجاجياً يفصل بين أهداف الدون وكؤوس العالمي.
هذه هي المفارقة الأغرب في مسيرة رونالدو الذهبية: أن تكون الأفضل فردياً بمراحل، لكنك لا تملك الذهب الجماعي لتثبت ذلك.
الماكينة التي لا تتوقف: لغة الأرقام الصامتة.
للوهلة الأولى، إذا نظرت إلى الورق، ستظن أن النصر قد اكتسح الأخضر واليابس. رونالدو لم يأتِ للنزهة، بل جاء ليعيد كتابة التاريخ بأحرف صفراء.
فقد بدأ بتحطيم المستحيل حين أصبح هداف الدوري التاريخي في موسم واحد برصيد 35 هدفاً متجاوزاً كل من سبقوه، ومثبتاً أن الجودة الاستثنائية لا تعترف بالعمر.
ولم تتوقف العجلة عند هذا الحد، بل واصل الدون رحلته نحو الألفية بالوصول للهدف رقم 950 في مسيرته الكروية، حيث كان للنصر نصيب الأسد من مئويته الأخيرة، ليصبح العالمي جزءاً أصيلاً من إرث البرتغالي الأبدي.
ولم يكن هذا الحصاد مجرد أهداف متفرقة، بل تحولت الثلاثيات والثنائيات في دوري روشن إلى عادة روتينية للدون وليست استثناءً، مما وسع الفوارق الفنية بينه وبين أقرب منافسيه.
والأهم من ذلك، أن هذا الطوفان التهديفي دحض تماماً أي اتهامات بالأنانية أو التمركز داخل الصندوق، فقد تربع رونالدو أيضاً على عرش المساهمات التهديفية كأكثر من صنع وسجل في الفريق، ليكون هو المحرك الأول للمنظومة الهجومية بالكامل.
العقدة: أين الخلل؟ في الدون أم في المنظومة؟
ورغم هذه السيطرة الفردية المطلقة، تصطدم الأحلام بالواقع المؤلم المتمثل في غياب بطولات الدوري وآسيا. وهنا يثور الجدل الأزلي: هل يركز رونالدو على مجده الشخصي؟ الواقع داخل الملعب ينفي ذلك تماماً؛ فالبطولة الوحيدة التي دخلت خزائن النصر في هذا العهد كانت البطولة العربية، والتي حُسمت عن طريق رونالدو وسط ظروف قتالية ونقص عددي، مما يثبت أنه رجل المواعيد الكبرى متى ما توافرت له الظروف.
المشكلة الحقيقية تكمن في التوازن المفقود؛ فالنصر يملك هجوماً فتاكاً بقيادة رونالدو، لكنه عانى، مراراً، من هشاشة دفاعية تضيع مجهود الهجوم، كما عانى لفترات من عدم استقرار فني وإداري.
فالمفارقة هنا أن رونالدو يقوم بأكثر من دوره المطلوب، يسجل ويصنع ويوجه، لكن كرة القدم لعبة جماعية لا تعترف بالبطل الأوحد إذا كانت الخطوط الخلفية مكشوفة، أو إذا غابت الحلول عند باقي الزملاء.
الخلاصة: فخر ممزوج بالحسرة
يعيش الجمهور النصراوي مشاعر مختلطة؛ فخر تاريخي بمشاهدة أحد أعظم اللاعبين في المطلق يكتب التاريخ بقميصهم، وحسرة على أن هذه الأرقام لم تتوج بالكؤوس التي تزين الخزائن.
رونالدو قدم النسخة الأفضل لأي محترف مر على الملاعب السعودية، وأدى واجبه وزيادة. سيبقى التاريخ شاهداً على هذه الحقبة، والسؤال، الآن، ليس ماذا سيقدم رونالدو للنصر، بل ماذا سيقدم النصر لرونالدو ليكلل هذه الأرقام بالذهب الذي تستحقه؟
نقلاً عن: إرم نيوز
