ألتمان وشياو يرسمان ملامح الذكاء الاصطناعي في جيتكس 2025

ألتمان وشياو يرسمان ملامح الذكاء الاصطناعي في جيتكس 2025

في وقت ينشغل العالم بالنقاش حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيقضي على الوظائف أو سيعيد تشكيل الاقتصادات، حذّر اثنان من أبرز قادة هذا القطاع من أن الانقسام الحقيقي في المستقبل لن يكون بين من يبتكر الأنظمة الأذكى، بل بين من يستطيع الوصول إليها واستخدامها.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية جمعت سام ألتمان الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وبنج شياو الرئيس التنفيذي لمجموعة G42 الرائدة في مجال التكنولوجيا ومقرها دولة الإمارات، وذلك ضمن فعاليات معرض “جيتكس جلوبال 2025” في دبي بحسب صحيفة “جلف نيوز” الإماراتية.

واتفق ألتمان وشياو على أن التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة ليس تطوير الخوارزميات، بل ضمان أن تكون التكنولوجيا متاحة للجميع.

ورأى ألتمان أن أفضل وسيلة لتجنّب تعمّيق التفاوت بين الدول والأفراد في عصر الذكاء الاصطناعي هي جعل الذكاء الاصطناعي “وفيراً ورخيصاً”، موضحاً أن هذه العبارة تختصر جوهر المرحلة المقبلة من التنمية العالمية.

وأضاف: “الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مورداً مشتركاً، لا امتيازاً خاصاً. على كل دولة أن تضع استراتيجية للذكاء الاصطناعي، وأن تعمل على تعليمه للجميع وضمان الوصول إليه”.

من جانبه، طرح شياو رؤية أوسع، سماها “شبكة الذكاء”، وهي بنية تحتية جديدة تتدفق فيها القدرات الذكية كما تتدفق الكهرباء لتغذي التعليم والحكم والصحة.

وقال “إنه كخدمة عامة فائقة.. نحول الذكاء الاصطناعي إلى تأثير ملموس يحقق ما كان يبدو مستحيلاً، ويعزز ذكاء الإنسان، ويسرّع التقدم بشكل مسؤول، ويغيّر طريقة عيشنا وعملنا وتواصلنا”.

نموذج وطني للذكاء الاصطناعي

وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات تسعى من خلال مبادرة “الذكاء الاصطناعي من أجل الدول” التي تطورها مجموعة G42 بالتعاون مع OpenAI، إلى تحويل الذكاء الاصطناعي إلى منفعة عامة متاحة للجميع.

وأوضح شياو أن الفكرة تقوم على تطبيق النماذج المتقدمة مثل GPT في مختلف طبقات المجتمع، قائلاً: “نأخذ القوة العقلية الهائلة لنموذج متطور وصل إلى مستوى ذكاء أينشتاين – بل مجموعة من أمثال أينشتاين – ونكيّفه لخدمة المجتمع من أبسط احتياجات الرعاية الصحية إلى الأمن السيبراني. لم يعد الأمر شراء برنامج، بل تخيّلاً واسعاً على مستوى المجتمع بأكمله”.

وأضاف أن القيادة الإماراتية جعلت التعليم محوراً رئيسياً في هذا التحول، لافتاً إلى توجيهات رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي قال عند اطلاعه على إطلاق برنامج جامعي في الذكاء الاصطناعي بجامعة محمد بن زايد: “هذا جيد، لكنه غير كافٍ. انزلوا إلى سن السابعة، واصعدوا إلى سن السبعين”.

ومن هنا، أطلقت المجموعة برنامج “من 7 إلى 70” لتثقيف المجتمع بأسره على تبنّي الذكاء الاصطناعي.

الذكاء كبنية تحتية

وأظهرت المحادثة بين ألتمان وشياو، وفقاً للصحيفة، تقاطعاً متنامياً بين الذكاء الاصطناعي والطاقة، وهو ارتباط قد يحدد ملامح المرحلة المقبلة من الاقتصاد العالمي.

ووصف الرئيس التنفيذي لمجموعة G42 ذلك بأنه “طريق فائق عالمي لمنفعة فائقة”، إذ يتم توزيع الذكاء في كل مكان عبر مراكز بيانات ضخمة.

وقال: “نعتبر أنفسنا بناة أمة رقمية، ونرغب في جمع الدول لبناء طريق فائق لرموز الذكاء”.

واتفق ألتمان مع هذه الرؤية، متنبئاً بأن تكلفة الذكاء ستتساوى يوماً ما مع تكلفة الطاقة، مؤكداً أن العالم يتجه نحو واقع تصبح فيه قوة الحوسبة، وليس النفط أو البيانات، هي السلعة الأهم.

وأضاف: “نحن نقوم بكل هذا لأننا نؤمن بقدرة الذكاء الاصطناعي على تغيير حياة الناس وفتح آفاق جديدة مذهلة يستحقها الجميع”.

تحذير من التفاوت

لكن الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI نبّه في الوقت نفسه إلى أن تسارع تطور الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تركز الفوائد في أيدي قلة من الدول والشركات ما لم تُتخذ إجراءات استباقية، داعياً إلى شراكة عالمية شاملة.

وتابع: “الذكاء الاصطناعي سيكون رائعاً للبشرية، لكن لا يمكن لأي منا تحقيق ذلك بمفرده. الأمر يتطلب تعاوناً بين دول وشركات وأفراد على كل المستويات”.

بدوره أكد شياو أهمية التحرك العاجل قائلاً: “لا يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي واحداً من بين أولويات الحكومة الـ20، بل يجب أن يكون ضمن الثلاث الأولى، وربما الأولى. أفضل طريقة للتعامل مع هذا المجهول هي التجربة والتطبيق العملي، مع إبقاء الإنسان في قلب الثورة”.

وأشار إلى أن إنتاجية الموظفين تضاعفت 10 مرات بفضل وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين يعملون إلى جانبهم، واصفاً ذلك بأنه “قفزة إنتاجية هائلة نراها اليوم”.

وشارك سام ألتمان في الجلسة عن بُعد من سان فرانسيسكو، فيما حضر بنج شياو على المنصة في دبي، في حديث تناول صعود الذكاء الاصطناعي كأداة وكقوة اجتماعية، وتأثيره على عالمٍ يقترب من التعايش مع ما يُعرف بـ”الذكاء الفائق”، بحسب موقع TechRadar Pro.

وفي لحظة لافتة، سألت المقدّمة أمانديب بهانجون ألتمان: “لقد ذكرتَ سابقاً أن الطفل المولود في عام 2025 من غير المرجح أن يكون أذكى من الذكاء الاصطناعي”.

ابتسم ألتمان وأجاب: “لدي طفل وُلد في عام 2025، ولا أعتقد أنه سيكون أذكى من الذكاء الاصطناعي، لكني لا أرى أن ذلك سيؤثر على سعادته أو على إحساسه بالرضا في الحياة”، واصفاً هذه الحقيقة بأنها تعبّر عن التحول العميق الذي يرافق ظهور الذكاء الفائق وتبدّل طبيعة التجربة الإنسانية نفسها.

منازل يصممها الذكاء الاصطناعي

كما كشف شياو أن منزل رئيس مجلس إدارة مجموعة G42 تم تصميمه بالكامل باستخدام ChatGPT عبر أكثر من 500 أمرٍ توجيهي prompt، وتم بناؤه في أقل من عام.

وقال: “حين يُصمَّم منزلك بواسطة ChatGPT، وعندما يكون عدد الوكلاء الأذكياء الذين يعملون من أجلك أكثر من البشر، فهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي أصبح بالفعل جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية”.

وأوضح أن مكتب رئيس مجلس الإدارة في G42 يعمل اليوم بنسبة 10 وكلاء ذكاء اصطناعي لكل موظف بشري، مضيفاً: “نحن نضع الإنسان في قلب هذه الثورة. موظفونا يُعزَّزون بالوكلاء الذكيين، ما يشكّل نوعاً جديداً من فرق العمل”.

اختراقات علمية ومشروع “ستارجيت”

وتحدث ألتمان  الجلسة التي أقيمة خلال فعاليات معرض “جيتكس” عن أحدث تطورات OpenAI، مشيراً إلى أن GPT-5 يحقق اختراقات علمية صغيرة لكنها حقيقية للمرة الأولى.

وتوقع أن تتمكن الأنظمة بحلول 2026 من اكتشاف رؤى علمية جديدة، وأن تبدأ الروبوتات بحلول 2027 في أداء مهام عملية في العالم الواقعي.

كما استعرض ألتمان وشياو مشروع “ستارجيت”، وهو تعاون بين شركتيهما لبناء مركز بيانات بقدرة واحد جيجاواط في الإمارات، مع خطط لتوسيع المشروع إلى 5  جيجاواط، ما يعزز مكانة الدولة كمركز عالمي لحوسبة الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة.

وقال شياو: “تكلفة الذكاء ستتساوى في النهاية مع تكلفة الطاقة. الطاقة هي المفتاح. كل دولة تحتاج إلى سياسة وخطة طاقة ذكية”.

واختتم ألتمان قائلاً: “ما نشهده اليوم هو أعظم مشروع علمي في التاريخ، وهو في الوقت نفسه ما سيُحدث أكبر تحسّن في حياة البشر. العمل على هذا المشروع مُرهق، لكنه شرف عظيم”.

نقلاً عن: الشرق

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف