أمجد الوكيل في حوار لـ تحيا مصر: محطة الضبعة النووية تضع مصر على خريطة الدول النووية وتؤمن 4800 ميجاوات كهرباء نظيفة

أمجد الوكيل في حوار لـ تحيا مصر: محطة الضبعة النووية تضع مصر على خريطة الدول النووية وتؤمن 4800 ميجاوات كهرباء نظيفة

رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق لتحيا مصر: 

  • الضبعة النووية يسير وفق الجدول الزمني ووفق معايير الجودة العالمية
  •  4800 ميجاوات كهرباء نظيفة توفر 7.7 مليار م³ غاز سنويًا
  •  تدريب أكثر من 2000 مهندس وفني مصري في الداخل والخارج
  •  تنمية شاملة لمنطقة الضبعة.. سكن، خدمات، فرص عمل
  •  مشاركة محلية متزايدة تصل إلى 35% في الوحدة الرابعة

في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والمستدامة، تخطو مصر خطوات واثقة نحو المستقبل من خلال مشروع محطة الضبعة النووية، والذي يُعد من أبرز المشروعات الاستراتيجية في تاريخ الدولة الحديثة.
وتسير أعمال الإنشاء بالمحطة وفق الجدول الزمني المتفق عليه مع الجانب الروسي، وبمستوى تقني يضع مصر ضمن مصاف الدول المالكة لتكنولوجيا الجيل الثالث المتقدم من المفاعلات النووية.

وفي حوار خاص مع موقع “تحيا مصر”، كشف الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق وعضو الجهاز التنفيذي لمشروع الضبعة، عن تفاصيل دقيقة حول مراحل التنفيذ، وحجم التقدم المحقق، والتحديات التي تحولت إلى فرص، فضلًا عن المكاسب الاقتصادية والتنموية التي ستعود بالنفع على المواطن المصري، إلى جانب الانعكاسات الإقليمية والدولية للمشروع على مكانة مصر في قطاع الطاقة وإلى نص الحوار:

1- ما تقييمكم لمستوى الإنجاز الحالي في مشروع محطة الضبعة النووية مقارنة بالجدول الزمني المعتمد؟

تقييمي أن المشروع يسير بخطوات ثابتة ووفق الجدول الزمني المتفق عليه مع الجانب الروسي، وبمتابعة دقيقة من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية. 

فقد تم صب الخرسانة الأولى لجميع الوحدات الأربع، وكان آخرها في 23 يناير 2024. كما جرى تركيب مصيدة قلب المفاعل (وهي أول معدة طويلة الأجل) لجميع الوحدات، وكان آخرها في 19 نوفمبر 2024، تزامنًا مع عيد الطاقة النووية الرابع، كذلك يتم حاليًا تنفيذ أعمال الإنشاءات لوعاء الاحتواء الداخلي لكل من الوحدة الأولى والثانية، مع الانتهاء من تركيب المستوى الثاني لوعاء الاحتواء الداخلي للوحدة الثانية والوصول إلى منسوب +20.15 متر. 

ونحن الآن نقترب من مرحلة تركيب المعدات الرئيسية مثل وعاء المفاعل والتوربينات. هذه المراحل تؤكد أن مصر أصبحت بالفعل على خريطة الدول النووية، وأن المشروع يُدار وفق معايير الجودة العالمية.

2- كيف سيغير دخول المحطة إلى الخدمة مزيج الطاقة المصري ويعزز أمن الطاقة الوطني؟

محطة الضبعة ستضيف 4800 ميجاوات بقدرة إنتاجية تتراوح بين 35 و40 مليار كيلووات ساعة سنويًا، وهي طاقة نظيفة منخفضة الكربون، وهذا يعني تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي والمشتقات البترولية، إذ من المتوقع أن توفر المحطة نحو 7.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا. كما ستُسهم في استقرار أسعار الكهرباء للمواطن والصناعة. 

وتتميز المفاعلات النووية بمعامل سعة يتجاوز 90%، وعمر تشغيلي طويل يصل إلى 60 عامًا، مع إمكانية التمديد حتى 100 عام، مما يجعلها ركيزة استراتيجية في أمن الطاقة المصري.

3- ما أبرز التحديات التي واجهت المشروع منذ بدايته، وكيف تم التعامل معها بنجاح؟

أبرز التحديات كانت تطوير هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء لتصبح أكثر ديناميكية وقادرة على القيام بمهامها في الإشراف على تنفيذ المشروع، مع إعداد كوادرها لمرحلة التشغيل والصيانة. 

وقد نجحت الهيئة في ذلك من خلال تحديث تشريعاتها ولوائحها وتطوير هيكلها التنظيمي، ما مكّن المشروع النووي المصري من الفوز بجائزة ضمن أفضل 3 مشروعات عالمية من حيث الانطلاقة، وذلك على هامش مؤتمر “أتوم إكسبو 2019″، ثم فوز فريق الإشراف على المشروع بجائزة الدولة لأفضل فريق عمل خلال جائزة مصر للتميز الحكومي في دورتها الثانية عام 2021.

كما واجه المشروع تحديات في بناء القدرات البشرية، وتم تجاوزها بفضل برامج انتقاء وتدريب وتأهيل للكوادر المصرية من المهندسين والفنيين داخل مصر وخارجها، وهذه التحديات تحولت إلى فرص عززت خبرة الدولة المصرية في إدارة المشروعات العملاقة.

4- هل لدى مصر خطة واضحة للتوسع في مشروعات نووية جديدة بعد الضبعة؟

نعم، فالضبعة ليست النهاية بل البداية. فالموقع الحالي يستوعب 4 وحدات إضافية مستقبلًا، إضافة إلى إمكانية إدخال مفاعلات مدمجة صغيرة (SMRs)، كما أجرت الدولة مسحًا شاملًا لمواقع مرشحة أخرى داخل الجمهورية، بما يعكس الطموح المصري نحو برنامج نووي طويل الأمد.

5- ما المكاسب الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي سيجنيها الاقتصاد المصري والمواطن من المشروع؟

صحيح أن التكلفة الرأسمالية للمشروعات النووية كبيرة، لكن الجدوى الاقتصادية تظهر عند حساب تكلفة إنتاج الكيلووات ساعة على مدار العمر التشغيلي للمفاعل، حيث تكون تكاليف الوقود والصيانة أقل بكثير من محطات الغاز أو الدورة المركبة.
الفوائد تشمل:

  • تقليل استيراد الوقود الأحفوري بتوفير نحو 7.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
  • استقرار أسعار الكهرباء، إذ لا تتجاوز مساهمة سعر الوقود النووي 5–10% من تكلفة الكيلووات ساعة.
  • إطالة العمر التشغيلي للمحطة حتى 100 عام مقابل 30 عامًا للمحطات التقليدية.
  • رفع نسبة المشاركة المحلية من 20% على الأقل في الوحدة الأولى إلى 35% على الأقل في الوحدة الرابعة، ما يعزز جودة الصناعة المصرية ويضيف صناعات جديدة تزيد من قدرتها التنافسية.
  • تحقيق معاملات سعة تتجاوز 90% مقارنة بثلث أو نصف هذه القيمة فقط لمصادر الطاقة المتجددة من الشمس والرياح.
  • المساهمة في استقرار الشبكة الكهربائية، خاصة مع زيادة نسبة مشاركة مصادر متجددة غير مستقرة كالرياح والشمس.

6- كيف يعزز المشروع النووي مكانة مصر الإقليمية والدولية في مجال الطاقة؟
المشروع يضع مصر ضمن قائمة محدودة من الدول المالكة لمفاعلات الجيل الثالث المتقدم، ويمنحها ثقلًا علميًا وتقنيًا يفتح أبواب التعاون الدولي، كما يتيح لها دورًا محوريًا في مبادرات الطاقة النظيفة إقليميًا ودوليًا، خصوصًا مع تصاعد دور الطاقة النووية في خطط خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.

7- ما المنظومة المتبعة لضمان أعلى مستويات الأمان والسلامة النووية في المحطة؟
تصميم المحطة يعتمد على أحدث تقنيات الأمان من الجيل الثالث المتقدم، بما يشمل أنظمة فعالة وسلبية، وحاجز احتواء مزدوج، وأنظمة تبريد طبيعية، ومصيدة قلب المفاعل، وإضافة لذلك، تمتلك مصر هيئة رقابية مستقلة تطبق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتتابع باستمرار التصميمات وأعمال الإنشاء، ما يضمن الالتزام بأعلى مستويات الأمان والسلامة العالمية.

8- كيف يتم التعامل مع الوقود المستهلك والنفايات المشعة؟
تم اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لإدارة النفايات المشعة والوقود المستهلك عام 2017. وبموجب العقد مع الجانب الروسي:

  • سيتم إنشاء مستودعات للتخزين الجاف باستخدام أوعية متطورة بعمر افتراضي يصل إلى 100 عام.
  • كما ستُعالج النفايات الغازية والسائلة والصلبة وفق أعلى معايير الأمان.
  • هذه المنظومة تضمن حماية البيئة وصحة المواطنين، وتمنع تحميل الأجيال القادمة أية أعباء إضافية.

9- ما حجم الكوادر المصرية التي جرى تأهيلها للمشروع؟
تم تدريب مئات الكوادر المصرية داخل مصر وفي روسيا على تخصصات التشغيل والصيانة والأمان وإدارة النفايات، ومن المتوقع تدريب نحو 2150 من كوادر هيئة المحطات النووية وفقًا للعقود المبرمة مع الجانب الروسي، إضافة إلى برامج تدريب بالتعاون مع الاستشاري الدولي “وورلي” والوكالة الدولية للطاقة الذرية، من خلال خطط عمل تُحدث كل عامين وتشمل ورش عمل وطنية وإقليمية ودورات تدريبية وزيارات علمية.
كما جرى إدماج خريجي المدرسة الفنية لتكنولوجيا الطاقة النووية بالضبعة في المشروع، بجانب دعم الجامعات المصرية والهيئات النووية الشقيقة وشركات الكهرباء عبر برامج دراسات وتدريب متخصصة، بما يضمن استدامة الكوادر البشرية لعقود مقبلة.

10- كيف سينعكس المشروع على تنمية منطقة الضبعة والمجتمعات المحيطة بها؟
المشروع أحدث بالفعل نقلة حضارية للمنطقة من خلال:

  • إنشاء مدينة سكنية متكاملة (مدينة نواة) للعاملين والخبراء وأسرهم.
  • تطوير البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية.
  • خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
  • زراعة مساحات خضراء داخل المشروع لأغراض بيئية ورقابية.
  • وبذلك يتحقق تنمية متكاملة للمنطقة تجعلها مركزًا حضاريًا جديدًا.

11- ما الدور الذي تقوم به الجامعات والمراكز البحثية المصرية في دعم المشروع؟
الجامعات والهيئات النووية الشقيقة شريك أساسي عبر:

  • تخريج مهندسين وفنيين متخصصين.
  • إدخال برامج أكاديمية وبحثية مرتبطة بالطاقة النووية.
  • إتاحة فرص تدريب عملي داخل الهيئات النووية وشركات الكهرباء.
  • كما أن المشروع يفتح آفاقًا واسعة للبحث العلمي في مجالات الطب والزراعة وتحلية المياه والصناعات المتقدمة، ما يرفع مستوى المعرفة والابتكار في مصر.

12- ما رسالتكم للشباب المصري بخصوص المشروع النووي؟
رسالتي أن محطة الضبعة ليست مجرد مشروع لتوليد الكهرباء، بل هي مشروع أمل لمصر كلها. هي رسالة ثقة بأن مصر قادرة على امتلاك وإدارة وتشغيل أحدث التكنولوجيات في العالم، والمستقبل بين أيدي الشباب، وأدعوهم للانخراط في مجالات الهندسة والعلوم والبحث العلمي، فهذه المشروعات العملاقة تحتاج إلى عقولهم وابتكاراتهم لبناء مصر الحديثة.

 

نقلاً عن: موقع تحيا مصر

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف