
في وقت تتسارع فيه التحديات أمام الاقتصاد المصري، وجدت الصناعة نفسها في اختبار صعب مع أزمة الغاز التي ألقت بظلالها على المصانع وخطوط الإنتاج، فبين الاضطراب في الإمدادات وارتفاع التكلفة، تقف الشركات أمام معادلة معقدة تبحث عن حلول عاجلة، بينما تبقى الأسئلة الجوهرية بلا إجابات واضحة، لتضع مستقبل القطاع الصناعي على المحك.
أوضح كامل الوزير وزير النقل والصناعة أنه بموجب قرار دولة رئيس مجلس الوزراء الخاص بزيادة أسعار توريد الغاز للمصانع اعتباراً من 15 سبتمبر 2025، فقد تم التوجيه بضرورة التزام جميع الشركات المنتجة للأسمدة بتوقيع بروتوكول ينص بوضوح على ثلاث حصص رئيسية (الكميات المقررة للتوريد إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والكميات المسموح بطرحها في السوق المحلي من خلال المزادات، بالإضافة إلى الكميات المخصصة للتصدير)، وشدد الوزير على أن التزام الشركات بهذه الحصص الثلاث يضمن تحقيق التوازن بين مصلحة الشركات واستقرار السوق المحلي، مؤكداً في الوقت ذاته التزام الدولة بتوريد كميات الغاز اللازمة لتشغيل مصانع الأسمدة، مع تكليف الأجهزة الرقابية المعنية، ومنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك بمتابعة الأسواق والتصدي لأي محاولات لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
إلى جانب بروتوكول الأسمدة، تعمل الحكومة على خطط عاجلة لتعويض نقص الإمدادات عبر استيراد شحنات إضافية من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، باستخدام وحدات التغييز العائمة، وذلك لتغطية احتياجات المصانع كثيفة الاستهلاك ومنع توقف الإنتاج. ووفق مصادر مطلعة، تم التعاقد على عدة شحنات ستصل تباعًا خلال أكتوبر ونوفمبر 2025 لضمان استقرار الإمدادات.
في السياق نفسه، كشفت وزارة البترول عن تراجع إنتاج بعض الحقول الكبرى مثل “ظُهر” بسبب عوامل فنية وضغط طبيعي في الآبار، الأمر الذي ضاعف الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المتزايد. وللتغلب على هذه الأزمة، وقّعت مصر عدة اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية مثل Apache وDragon Oil وPerenco، باستثمارات تتجاوز 120 مليون دولار للتنقيب في مناطق الصحراء الغربية وخليج السويس وشمال سيناء.
من ناحية أخرى، تحاول الدولة تحقيق توازن دقيق بين تلبية احتياجات السوق المحلي واستمرار التصدير، حيث يشكّل الغاز الطبيعي أحد أهم مصادر العملة الصعبة لمصر. وفي هذا الإطار، جرى تعديل بعض عقود التصدير مؤقتًا لضمان توجيه جزء أكبر من الكميات المتاحة إلى السوق المحلي، خاصةً لصالح الصناعات الحيوية مثل الحديد والبتروكيماويات والأسمدة.
في المقابل، لا يزال القطاع الصناعي يترقب انعكاسات زيادة الأسعار على تنافسيته في الأسواق العالمية، وسط مطالب من المستثمرين بضرورة تقديم حوافز أو تخفيضات ضريبية لتعويض ارتفاع التكلفة، حتى لا تفقد الصادرات المصرية مكانتها في ظل المنافسة الشرسة من الأسواق الإقليمية والعالمية.
نقلاً عن: تحيا مصر