من لهجة عدن، إلى لهجة الجنوب التونسي، مرورًا بلهجات الصعيد في مصر، والبربرية في الجزائر، والنبطية في لبنان تواجه اللهجات المحلية في الوطن العربي خطر التآكل أو حتى الاندثار، في ظل تمدد لهجتين جديدتين: الفصحى الرسمية، والعامية التي تصنعها وسائل الإعلام والسوشيال ميديا.
اللهجة..أكثر من مجرد كلام
اللهجة ليست فقط طريقة نطق الكلمات، كما رصد موقع تحيا مصر أن اللغه تحمل في طياتها تاريخ طويل، وموروث ثقافي، وحس مجتمعي خاص،اللهجة تعكس طبيعة البيئة، والمكان، ونمط الحياة على سبيل المثال، لهجة أهل عدن تحمل كلمات من الإنجليزية والهندية بسبب الميناء والتجارة ولهجة الصعيد فيها حكم وأمثال لا يمكن ترجمتها حرفيًا.
لكن اليوم، باتت هذه اللهجات تُستبدل تدريجيًا بلهجات مُعدلة منتشرة عبر الإعلام، أو تُترك لصالح اللغة الفصحى في المدارس والعمل والنتيجة؟ جيل لا يتقن لا الفصحى جيدًا، ولا يحتفظ بلهجة أجداده.
السوشيال ميديا تُوحد
في تيك توك ويوتيوب وإنستغرام، يستخدم صانعو المحتوى لهجات خفيفة وسريعة مفهومة لأكبر عدد من المتابعين،اللهجة المصرية والخليجية باتت لهجات تسويقية، تُستخدم للوصول إلى جمهور أوسع، بينما تهمش اللهجات الأقل انتشار، التي تُعتبر ثقيلة أو غريبة.
التعليم والإعلام
في المدارس، يتم التركيز على اللغة الفصحى فقط، وغالبًا ما يُمنع التحدث باللهجات داخل الفصل، وكأنها عيب أو جهل أما الإعلام، فإما يستخدم فصحى مفرطة لا تعكس الحياة اليومية، أو عاميات معدلة موجهة لجمهور تجاري، مما يزيد الفجوة بين الناس وهويتهم اللغوية الأصلية.
حتى في السينما، تراجعت المسلسلات والأفلام التي تحتفي باللهجة المحلية لصالح الإنتاجات القابلة للتصدير،حين تندثر اللهجة، لا نفقد فقط أصوات وألفاظ، بل نفقد أسلوب تفكير وطرائق تعبير نفقد النكتة المحلية، الدعابة، الغضب، والفرح كما يُعبر عنها الأجداد ،تصبح اللغة معقمة، عامة، خالية من الروح.
هل يمكن إنقاذ اللهجات؟
الأغلب إجابة هذا السؤال هى نعم ولكن تتطلب بعض الشروط:
توثيق اللهجات: عبر الكتب، المقاطع الصوتية، الفيديو، والمناهج المحلية.
تشجيع استخدامها في الفنون: المسرح، الأغاني، الأفلام، وحتى الإعلانات.
دعم المبادرات الرقمية: مثل تطبيقات تعليم اللهجات، والبودكاستات المحلية.
اللهجات ليست لهو او ترف لغوي، بل تُمثل كنز حضاري يجب حمايته، كل لهجة تندثر، تأخذ معها جزء من ذاكرتنا وفي سعينا لتوحيد اللغة أو تبسيطها، علينا أن نحذر من أن نُفرغها من روحها، لأن لغة بلا لهجة ، ثقافة بلا جذور.
نقلاً عن : تحيا مصر
- نحرص على تنمية قدرات الشباب وبناء شخصية تجمع بين التفوق العلمي والبدني - 12 أغسطس، 2025
- كل التقدير و الاعتزاز بشباب مصرنا الغالية - 12 أغسطس، 2025
- موعد جنازة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق - 12 أغسطس، 2025
لا تعليق