البنتاجون بدائل gps أشعة ليزر البوصلة قياس المجال المغناطيسي

البنتاجون بدائل gps أشعة ليزر البوصلة قياس المجال المغناطيسي

أصبح تطوير وسائل ملاحة جديدة أمراً بالغ الأهمية للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة في ظل الحرب في أوكرانيا، حيث تنفذ روسيا عمليات متكررة للتشويش وتزييف الإشارات، ما يجعل الاعتماد على الأقمار الصناعية غير موثوق، فضلاً عن امتلاك خصوم محتملين آخرين، بما في ذلك الصين وكوريا الشمالية، قدرات مشابهة. 

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن طائرة أقلعت الشهر الماضي، من مطار صغير في ريف أستراليا، وهي تحمل جهازاً ربما يغيّر طريقة تنقل الطائرات والمسيرات والسفن الأميركية في ميادين القتال المستقبلية. 

وأضافت الصحيفة أن الطائرة حملت جهازاً يبث أشعة ليزر على ذرات، تتصرف مثل إبر البوصلة لقياس المجال المغناطيسي للأرض في الوقت الفعلي. ويمكن مقارنة القراءات الصادرة عن الجهاز بخريطة المجال المغناطيسي، ما يساعد المستخدم على تحديد موقعه بدقة، وهو ما يشكّل بديلًا لأنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية مثل GPS. 

وأشارت الصحيفة إلى أن عمليات تزييف إشارات GPS لم تعد مجرد مسألة عسكرية، بل أصبحت تشكل تهديداً للمدنيين، بما في ذلك الطائرات التجارية. 

نهاية GPS؟

نقلت الصحيفة عن راسل أندرسون، كبير العلماء في شركة Q-CTRL الأسترالية الناشئة التي أجرت الرحلة التجريبية، قوله: “لم تكن هذه المشكلة تتطلب اهتماماً عاجلاً حتى اليوم، لكننا نشهد الآن نهاية الاعتماد الموثوق على GPS؛ إنه سباق تسلح حقيقي في مجال الملاحة”. 

أضافت الصحيفة أن علماء حول العالم يستكشفون إمكانية استغلال الخصائص الكمومية للذرات للملاحة بدقة في ما يُعرف بـ “البيئات المتنازع عليها”.

ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأجهزة، التي أثبتت كفاءتها في المختبرات والاختبارات الميدانية، ستؤدي أداءً موثوقاً في المهمات العسكرية الفعلية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الحرب الأميركية (البنتاجون) تسعى لحل هذه المشكلة، إذ أطلقت وكالة البحث والتطوير التابعة للبنتاجون برنامجاً لتعزيز متانة أجهزة الاستشعار الكمومية، في أغسطس الماضي. 

وأوضحت الوكالة أن الحساسية الفائقة لهذه الأجهزة تجعلها هشة في البيئات الواقعية، إذ يمكن للاهتزازات أو التداخلات الكهرومغناطيسية أن تؤثر على أدائها بشكل كبير. 

ولفتت الصحيفة إلى أن شركة Q-CTRL جرى اختيارها للمشاركة في البرنامج، كما حصلت شركة Safran Federal Systems في روتشستر، نيويورك، على عقد مماثل. 

الصحيفة لفتت إلى أن الحاجة لتطوير هذه الأجهزة أصبحت أكثر إلحاحاً في ظل تقدم قدرات الحرب الإلكترونية لدى روسيا والصين، واتهامات المسؤولين الأوروبيين لموسكو بشن عمليات تشويش واسعة على الطائرات. 

M-code

قالت “وول ستريت جورنال” إن المشكلة الأساسية في GPS تكمن في أن الإشارات عادةً ما تكون ضعيفة، ما يسهل عملية التشويش، موضحة أن الولايات المتحدة تعمل على إطلاق إشارة GPS جديدة أقوى للجيش تُعرف باسم M-code، مقاومة للتشويش بشكل أفضل، إلا أن الحصول على التمويل اللازم لأجهزة استقبال هذه الإشارة تأخر، بحسب تود هاريسون، الباحث البارز في American Enterprise Institute، المتخصص في الاستراتيجية الدفاعية وسياسات الفضاء. 

وأضاف هاريسون: “الجيش الأميركي يدرك الآن أن المعارك المستقبلية ستدور بالكامل في بيئة يتنافس فيها الخصوم على التحكم بالمجال الكهرومغناطيسي، بشكل لم نشهده من قبل”. 

أوضحت الصحيفة أن مؤيدي الأجهزة الكمومية يرون أنها، عند عملها معاً، ربما تُغيّر ميزان القوى؛ فمثلاً، يمكن للساعات الكمومية تحسين دقة وموثوقية قياس الوقت، بينما يمكن لجهاز كمومي آخر، يُطوَّر أيضاً بواسطة Q-CTRL، التنقل عبر اكتشاف التغيرات الطفيفة في الجاذبية. 

ونقلت الصحيفة عن تانيا مونرو، العالمة الرئيسية في وزارة الدفاع الأسترالية، التي استضافت تجربة جهاز الجاذبية الكمومي الخاص بشركة Q-CTRL على إحدى سفنها، قولها: “الاستشعار الكمومي أولوية قصوى. هناك حاجة مُلِحة للعمل في حالة انعدام وجود GPS تماماً”. 

وأضاف التقرير أن جهاز Q-CTRL الذي حملته الطائرة في مدينة جريفيث، التي يبلغ عدد سكانها نحو 27 ألف نسمة، يُعرف باسم مقياس المجال المغناطيسي البصري. ويعمل الجهاز عبر تسليط أشعة ليزر على ذرات الروبيديوم، وهو معدن ناعم فضي اللون يحفظ في شكل غازي داخل أنبوب زجاجي صغير. وتعمل أشعة الليزر على رصد تغيّر اتجاه إبرة البوصلة الداخلية للذرات، وهو ما يُستخدم بعد ذلك لحساب قوة المجال المغناطيسي. 

وأوضحت الصحيفة أن برنامج Q-CTRL يزيل التداخلات الناتجة عن المصادر الخارجية، بما في ذلك الطائرة نفسها، ليقدّم قياساً دقيقاً للمجال المغناطيسي للأرض في الموقع المحدد، يمكن مقارنته بعد ذلك بخريطة مغناطيسية تُظهر الانحرافات عن متوسط قوة المجال على سطح الأرض. 

أداء موثوق

نقلت الصحيفة عن مايكل جيه بيركوك، الفيزيائي الكمومي الأميركي ومؤسس Q-CTRL، قوله: “يمكنك التجول في الغابة ومعك خريطة وعينيك لتحديد موقعك: هنا تل، وهناك وادٍ، فتستنتج موقعك. يمكنك فعل الشيء نفسه تماماً بالاعتماد على الإشارات المغناطيسية”. 

وأوضح بيركوك أن مقاييس المجال المغناطيسي وأجهزة قياس الجاذبية الكمومية لا يمكن تشويشها عن بُعد إلا بواسطة نبضة طاقة قوية قد تدمر كافة الإلكترونيات على متن الطائرة، وتتسبب في إسقاطها.

وأكد أن Q-CTRL اختبرت الأجهزة تحت اهتزازات ومناورات ديناميكية بنتائج جيدة، بما في ذلك أكثر من 140 ساعة تشغيل متواصل على السفينة الأسترالية. 

وأضاف التقرير أن مهندسي الشركة اختبروا 3 مقاييس مغناطيسية في مواقع مختلفة على الطائرة في جريفيث، نظراً لاختلاف التداخل الخارجي في كل موقع. 

كما اختبروا الأجهزة مقابل نظام ملاحة بالقصور الذاتي متقدم، يعتمد على الجيروسكوبات (أجهزة تقيس معدل دوران الجسم حول محاوره، وتساعد في تحديد الاتجاه) ومقاييس التسارع (أجهزة تقيس التغير في سرعة الجسم، وفي تتبع الحركة والمسافة المقطوعة).

وتُستخدم هذه الأنظمة عادة كنسخ احتياطية لنظام GPS، وعلى الغواصات التي لا يمكنها الوصول إلى GPS تحت الماء. ومع ذلك، تتزايد الأخطاء في تحديد الموقع كلما طالت المسافة المقطوعة. 

وقال بيركوك إن أداء جميع المواقع الثلاثة كان متقارباً، إذ أظهر اختبار لمسافة 80 ميلًا أن المستشعر الموجود على طرف جناح الطائرة قدّم تقديراً متوسطاً للموقع ضمن نحو 620 قدماً من الموقع الفعلي، ولم يزد هامش الخطأ مع طول مدة الرحلة.

وأوضح أن الأداء كان أفضل بعشر مرات على الأقل مقارنةً بنظام الملاحة بالقصور الذاتي. 

وأكد التقرير أن نظام GPS لا يزال دقيقاً جداً عند توفره، حيث تحدد الأجهزة الذكية المجهزة بـGPS الموقع عادةً بدقة تصل إلى نحو 16 قدماً في الأماكن المكشوفة. 

تحديات

وأشارت الصحيفة إلى التحديات المرتبطة بالطريقة المعتمدة على مقياس المجال المغناطيسي، من بينها الحاجة إلى خرائط مغناطيسية مفصلة ربما لا تكون متوفرة أو محدثة دائماً، وكذلك ضرورة أن يكون الجهاز منخفض التكلفة بما يكفي للطائرات دون طيار الصغيرة التي قالت إنها غيّرت الاستراتيجية العسكرية في أوكرانيا. 

ونقلت الصحيفة عن أليسون كيلي، أستاذة في جامعة سوينبرن للتكنولوجيا في ملبورن والمتخصصة في تحديد المواقع والملاحة، قولها: “الفيزياء الكمومية توفر إمكانيات كبيرة، لكنها مثل أي جهاز استشعار آخر، لها نقاط قوة وضعف”. 

وأضاف التقرير أن هناك شركات أخرى تستكشف تقنيات مختلفة، مشيراً إلى أن شركة Advanced Navigation الأسترالية، المتخصصة في أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي، تستعد لإطلاق جهاز يقيس سرعة الطائرة في 3 أبعاد عبر تسليط الليزر على الأرض، ويعمل بالتوازي مع أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي لتحسين الدقة على المسافات الطويلة. 

ونقلت الصحيفة عن ماكس دوملينج، المدير التنفيذي للمنتجات في شركة Advanced Navigation، التي تعاونت مع Q-CTRL سابقاً، قوله: “لا يوجد حل واحد يناسب كل المشكلات. وسنكون مهتمين باستخدام أجهزة الاستشعار الكمومية عندما تكون التقنية جاهزة”. 

وأكد التقرير أن تجارب Q-CTRL في جريفيث لم تخل من بعض المشكلات، إذ واجه الفريق في مرحلة ما مشكلة في الاتصال تتعلق بمستشعر طرف الجناح، فتم استبداله بوحدة أخرى. 

وقال بعض علماء Q-CTRL إن هناك المزيد من العمل الذي يجب إنجازه لإثبات قدرة أجهزة الاستشعار على التعامل مع مختلف السيناريوهات التي قد تواجهها أي منصة عسكرية. 

ونقل التقرير عن يوفال كوهين، باحث في Q-CTRL، قوله: “هل يمكن لهذه الأجهزة أن تتحمل إطلاق صاروخ؟ هل يمكنها تحمّل هبوطاً اضطراريًا؟ لا يمكنك التأكد إلا بعد إجراء الاختبارات الفعلية”. 

نقلاً عن: الشرق

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف