في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة مصر في صناعة السفن، تواصل الدولة جهودها لتوطين هذه الصناعة الثقيلة، التي تعتبر من العوامل الأساسية لدعم التجارة العالمية، حيث تملك مصر موقعًا استراتيجيًا حيويًا عبر قناة السويس. هذه الجهود تهدف إلى بناء أسطول بحري قوي مع التركيز على تصنيع السفن وصيانتها، بما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
الرئيس السيسي يدفع نحو تعزيز قدرات الأسطول البحري:
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماع مع الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، و مصطفى الدجيشي، رئيس ترسانة جنوب البحر الأحمر، على أهمية تعزيز قدرات قناة السويس، وتطوير ترسانات تصنيع وصيانة السفن وفقًا لأعلى معايير الجودة. كما شدد السيسي على ضرورة خلق فرص عمل جديدة في هذا القطاع الحيوي الذي سيعود بفوائد اقتصادية على مصر بشكل عام.
خطوات جادة لتوطين صناعة السفن:
تتخذ الدولة عدة خطوات ملموسة لتوطين صناعة السفن على الأراضي المصرية، بما في ذلك التعاون الدولي، تطوير الترسانات، وتوسيع الأسطول البحري. ومن أبرز هذه الخطوات:
1. التعاون الدولي لتصنيع السفن التجارية:
أعلن وزير النقل الفريق كامل الوزير عن شراكة استراتيجية مع شركة “ديسون” الكورية الجنوبية، لتصنيع سفن تجارية متنوعة. تشمل هذه السفن سفن “الرورو”، التي تحمل الحمولات الثقيلة، إلى جانب سفن للبضائع العامة والصب الجاف النظيف. هذا التعاون يهدف إلى تعزيز قدرات مصر في تصنيع السفن بجودة عالمية، مما يساهم في تطوير ميناء بورتوفيق وترسانة السويس.
2. إنشاء مصنع محلي لإنتاج ألواح الصلب:
في خطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وخفض تكاليف الصناعة، تخطط مصر لإنشاء مصنع محلي لإنتاج ألواح الصلب المستخدمة في صناعة السفن. هذا المشروع سيحقق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية للصناعة ويسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.
3. تطوير ترسانات قناة السويس:
تمكنت ترسانات الهيئة من تحقيق تقدم ملحوظ في صيانة وإصلاح السفن، حيث نجحت ترسانة السويس البحرية في إصلاح سفينة “ZOGRAFIA” التي تعرضت لأضرار في البحر الأحمر. هذا النجاح يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في خدمات صيانة السفن العابرة للقناة.
4. توسيع الأسطول البحري:
قامت شركة “الملاحة الوطنية” بإضافة سفن جديدة بحمولة 82 ألف طن، مما يرفع إجمالي أسطولها إلى 14 سفينة. وتعمل الشركة على خطط طموحة لزيادة عدد السفن إلى 36 سفينة بحلول عام 2030. يشمل هذا التوسع التعاقد مع ترسانة “هانتونج” الصينية لبناء سفينتين جديدتين بحلول 2026.
5. مشروع تخريد السفن في دمياط:
في خطوة مميزة، تم توقيع اتفاقية في ديسمبر 2024 لإنشاء أول مشروع لتخريد السفن في المنطقة العربية بميناء دمياط. يهدف هذا المشروع إلى تخريد السفن القديمة لإنتاج خردة الصلب، التي ستدعم صناعة الحديد والصلب المحلية. المشروع سيسهم في تحسين الإنتاج المحلي للحديد “الأخضر”، مما يعزز الاستدامة البيئية.
آراء الخبراء والمحللين:
أكد العديد من الخبراء في المجال البحري أن هذه الجهود تمثل تحولًا كبيرًا في صناعة السفن بمصر، حيث أن التطور في تصنيع وصيانة السفن سيعزز من قدرتها على مواجهة التحديات العالمية. كما أشاروا إلى أن مشروعات مثل تخريد السفن بميناء دمياط ستساهم بشكل كبير في تحقيق استدامة بيئية، مما يعزز صورة مصر كمركز إقليمي رائد في هذا المجال.
تسير مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق ريادة في صناعة السفن على المستوى الإقليمي والدولي. ومن خلال هذه المشروعات الطموحة، يتم تعزيز قدرتها على بناء أسطول بحري قوي يدعم التجارة العالمية ويعزز الاقتصاد المحلي. إن تلك الخطوات تمثل نقطة فارقة في تاريخ صناعة النقل البحري في مصر، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.
نقلاً عن : تحيا مصر
لا تعليق