في توقيت بالغ الدقة، توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية اليوم الخميس لإجراء مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمدينة نيوم.
تأتي هذه الزيارة في ظل ظروف إقليمية استثنائية، حيث تموج المنطقة بتطورات خطرة تشكل تحدياً جدياً للأمن القومي العربي، مما يستلزم أعلى درجات التنسيق بين القيادتين المصرية والسعودية.
و يرى مراقبون أن توقيت الزيارة يعكس حرص القيادتين على التنسيق الكامل في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة، خاصة مع استعداد إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة، وقرب انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستشهد المؤتمر الثاني لحل الدولتين بقيادة السعودية وفرنسا.
وتمثل الزيارة الرئيس تأكيداً على متانة العلاقات المصرية السعودية في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات غير مسبوقة، وجاءت بعد نحو شهر من لقاء جمع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره المصري بدر عبدالعاطي في مدينة العلمين الساحلية المصرية، حيث أكد الوزيران على عمق العلاقات الثنائية ورفضهما لأي محاولات للمساس بهذه العلاقات.
متانة العلاقات المصرية السعودية
تقوم العلاقات بين مصر والسعودية على أسس راسخة من الأخوة والتضامن التاريخي ووحدة المصير والمصالح المشتركة. فالتاريخ يشهد على مواقف الدعم المتبادل في كافة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، حيث طالما وقفت الدولتان معاً في مواجهة التحديات المشتركة، وكان لهما دور محوري في حماية الأمن القومي العربي 28. تؤكد الزيارة أن العلاقات بين البلدين “أبدية ومتجذرة في التاريخ”، كما وصفها وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، وأن تطوير هذه الروابط يخدم الأمتين العربية والإسلامية.
توافق في القضايا الإقليمية
تصدرت القضايا الإقليمية أجندة المباحثات بين الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، حيث تناولت المحادثات مستجدات الأوضاع في المنطقة، وفي مقدمتها تطورات الحرب في قطاع غزة، والتي تمثل أولوية كبرى للبلدين لما تشكله من تهديد للأمن الإقليمي والعالمي، كما ناقش الزعيمان الملفات المتعلقة بلبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن، فضلاً عن أمن البحر الأحمر الذي يمثل شرياناً حيوياً للتجارة الدولية وأمن المنطقة بأسرها.
اتفق السيسي وبن سلمان على ضرورة إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، مع التشديد على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية ومنع التهجير القسري للفلسطينيين. كما يجمع البلدان موقف رافض لتقسيم ليبيا والتأكيد على الحل السياسي الشامل، بجانب دعم الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمات في سوريا ولبنان، وفيما يخص السودان، لعبت المملكة دوراً محورياً عبر استضافتها المباحثات بين الأطراف السودانية في مدينة جدة خلال السنوات الماضية 1.
التعاون الاقتصادي والاستثماري
شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث تُعد السعودية أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، فضلاً عن كونها أحد أهم مصادر الاستثمارات المباشرة في قطاعات متنوعة أبرزها الطاقة، والسياحة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا.
وقد أسفرت هذه الشراكة عن اتفاقيات مهمة مثل اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، والتي تم التوقيع عليها عام 2024.
من بين المشروعات المشتركة البارزة مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، الذي يعد نموذجاً لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، ووجه الرئيس السيسي بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل هذا المشروع لكونه نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي.
كما تم إنشاء مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، لمتابعة مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها باستمرار، ونظمت غرفة القاهرة التجارية مؤخراً ملتقى الأعمال المصري السعودي، حيث تناول الملتقى سبل تعظيم الاستثمار المباشر وغير المباشر بين الجانبين، والتعاون المشترك لمضاعفة التبادل التجاري .
شراكة من أجل الاستقرار والتنمية
تمثل زيارة الرئيس السيسي إلى السعودية رسالة قوية بأن العلاقات المصرية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التكامل والشراكة الاستراتيجية، فالبلدين يمثلان معاً أكبر قوتين عربيتين في المنطقة، مما يجعل التنسيق بينهما ضرورة استراتيجية لحماية المصالح العربية وصون الأمن القومي في البحر الأحمر والخليج العربي والشرق الأوسط بوجه عام.
إن هذه الشراكة الاستراتيجية لا تخدم فقط مصلحة البلدين الشقيقين، بل تمثل أيضاً ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأسرها. فكما قال الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي: “مصيرنا واحد واستقرارنا مشترك وتنميتنا ستكون متكاملة”.
وهذا الإدراك المشترك هو الذي يحكم حرص القيادتين على مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق في كافة المجالات، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، لمواجهة التحديات المشتركة وبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للشعبين الشقيقين والأمة العربية بأكملها.
نقلاً عن : تحيا مصر
- سقوط مدوي البلوجر نورهان حفظي تواجه تهم حيازة المخدرات والمحتوى المشبوه - 21 أغسطس، 2025
- شراكة أكاديمية جديدة.. اتفاقية تعاون بين جامعة بنها الأهلية وجامعة فوشان الصينية - 21 أغسطس، 2025
- قنوات أم بي سي تحصل على بث بطولة الدوري الألماني لمدة 3 سنوات - 21 أغسطس، 2025