الفرصة الأخيرة.. هل يمنح الاتحاد السعودي قبلة الحياة لكونسيساو؟

في عالم كرة القدم، هناك تحالفات تولد من رحم الطموح المشترك، وأخرى تولد من رحم الأزمة المشتركة. ويبدو أن العلاقة التي تجمع بين نادي الاتحاد السعودي ومدربه الجديد المرتقب، البرتغالي سيرجيو كونسيساو، تنتمي بقوة إلى النوع الثاني.
فهذا ليس مجرد تعاقد بين نادٍ كبير ومدرب قدير، بل هو رهان أخير ومصيري لطرفين وصلا إلى مفترق طرق حرج، كل منهما يرى في الآخر قبلة الحياة وفرصة الخلاص الوحيدة لإنقاذ مسيرته.
كونسيساو.. المدرب الجريح الباحث عن رد الاعتبار
بالنسبة لسيرجيو كونسيساو، لم يكن قرار القدوم إلى الدوري السعودي خيارًا سهلاً. فقبل عامين فقط، كان اسمه يتردد في كبرى الأندية الأوروبية بعد مسيرته الأسطورية مع بورتو، حيث أعاد الفريق لهيبته وحصد الألقاب وقهر الكبار في دوري أبطال أوروبا. لكن تجربته الأخيرة والقصيرة مع ميلان الإيطالي كانت بمثابة صدمة عنيفة هزت سمعته. رحيله عن ميلان بعد موسم مخيب للآمال، أنهاه الفريق في المركز الثامن، أغلق في وجهه أبواب العودة للقمة الأوروبية مؤقتًا.
لهذا السبب، يمثل الاتحاد بالنسبة لكونسيساو أكثر من مجرد عقد تدريبي مغرٍ. إنه طوق النجاة ومسرح رد الاعتبار. هو يدرك أن تحقيق نجاح ساحق في السعودية، وقيادة فريق مرصع بالنجوم مثل الاتحاد للفوز بالبطولات المحلية والآسيوية، سيعيده بقوة إلى دائرة الضوء الأوروبية. هو يسير على خطى مواطنه نونو سانتو الذي استخدم الدوري السعودي كبوابة للعودة إلى البريميرليج. نجاح كونسيساو في جدة ليس مجرد هدف، بل هو ضرورة حتمية لإعادة إحياء مسيرته وإثبات للعالم أنه لا يزال مدربًا من طراز الكبار.
الاتحاد.. البطل الذي يقاتل شبح الموسم الواحد
على الجانب الآخر، يعيش نادي الاتحاد أزمة لا تقل تعقيدًا. فبعد تحقيقه لثنائية تاريخية ومبهرة في الموسم الماضي، انهار كل شيء بسرعة مقلقة. سلسلة من النتائج السلبية، وإقالة المدرب لوران بلان، كلها أمور جعلت النقاد والجماهير المنافسة يرددون نفس العبارة القاسية: الاتحاد كان فريق الموسم الواحد، ومجرد ضربة حظ.
هذا الاتهام يمثل طعنة في كبرياء النادي وإدارته. ولهذا، فإن التعاقد مع مدرب بشخصية حديدية وصدامية مثل كونسيساو هو الرهان الأكبر للإدارة لإسكات كل هذه الأصوات. هم لا يبحثون عن مدرب يفوز بالمباريات فحسب، بل يبحثون عن قائد يفرض الانضباط، ويعيد الروح القتالية للفريق، ويثبت أن مشروع الاتحاد حقيقي ومستمر وقادر على المنافسة كل عام. النجاح مع كونسيساو هو الطريقة الوحيدة لقتل شبح الموسم الواحد وإعادة هيبة بطل الدوري.
الخلاصة
في النهاية، العلاقة بين كونسيساو والاتحاد هي زواج مصلحة من الطراز الأول، مبني على الحاجة المتبادلة. المدرب الجريح يحتاج إلى منصة ليعيد إثبات نفسه، والنادي الذي اهتزت صورته يحتاج إلى قائد قوي يعيد له هيبته. كلاهما يراهن بكل مستقبله على نجاح الطرف الآخر. الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان هذا الرهان سيؤدي إلى ولادة جديدة للطرفين، أم أنه سيكون مجرد فصل آخر في قصة معاناتهما.
نقلاً عن: إرم نيوز