كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن وثائق وصور من داخل قصر جيفري إبستين في مانهاتن، تتزامن مع تصاعد الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب للإفراج عن ملفات القضية.
تضمنت الاكتشافات ألبوم رسائل تهنئة بعيد ميلاد إبستين الثالث والستين من شخصيات عالمية بارزة، إلى جانب مقتنيات غريبة تلقي الضوء على شبكة علاقاته الممتدة لعقود، في وقت تشهد العاصمة الأمريكية استدعاء شخصيات سياسية رفيعة المستوى للتحقيق.
رسائل المشاهير
جمعت شريكة إبستين، جيسلين ماكسويل، رسائل التهنئة في يناير 2016، وظهر من بينها رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك وزوجته أشادا فيها بـ”تنوع ضيوف حفلات إبستين”، مع إشارة غامضة إلى أنه “كتاب مغلق يعرف كل شيء عن الجميع”.
من جانبه، اقترح قطب الإعلام مورتيمر زوكرمان وجبة عشاء “تعزز الأداء الجنسي”، بينما شبه المخرج وودي آلن الحفلات بـ”قلعة دراكولا” ووصف الخادمات بـ”مصاصات الدماء الشابات”، مشيرًا إلى حضور سياسيين وعلماء وعائلات ملكية، فيما ضمت القائمة أيضًا فيلسوف اللغة نعوم تشومسكي والفيزيائي لورنس كراوس، ما يؤكد اتساع دائرة معارف إبستين في أوساط النخبة الفكرية.
مفاجآت داخل القصر
كشفت الصور الداخلية للقصر عن تفاصيل مثيرة للجدل، حيث عُثر على نسخة نادرة من رواية “لوليتا” المعنية بهوس رجل بفتاة قاصر معروضة في مكان بارز بمكتب إبستين.
كما ظهر نمر محنط في غرفة العمل، ولوحات لنساء عاريات، وأرفف مليئة بمواد تشحيم، وكرة حديدية بسلسلة فضية في غرفة التدليك التي تعرضت فيها ضحايا قاصرات لاعتداءات جنسية بحسب الشهادات.
ومن بين المقتنيات الأخرى خريطة لإسرائيل بتوقيع باراك على سبورة طباشيرية، وصور لإبستين مع البابا يوحنا بولس الثاني وفيدل كاسترو، وإطار زجاجي يحوي دولارًا موقّعًا من بيل جيتس مرفقًا بعبارة “كنت مخطئًا”.
ترامب في دائرة الاتهام
تصاعد الجدل حول علاقة ترامب بإبستين بعد تقارير “وول ستريت جورنال” في يوليو 2025 التي زعمت وجود بطاقة تهنئة من ترامب لإبستين عام 2003 تحمل رسمًا لإمرأة عارية وتوقيعًا منسوبًا للرئيس، مع عبارة “ليكن كل يوم سرًا رائعًا جديدًا”.
كما أفادت الصحيفة بأن وزارة العدل أبلغت ترامب في مايو 2025 أن اسمه ورد في ملفات القضية، رغم نفي البيت الأبيض لأي دليل على مخالفات، فيما رد ترامب برفع دعوى قضائية ضد الصحيفة واصفًا الرسالة بأنها “مزيفة”، مؤكدًا أنه طرد إبستين من ناديه في فلوريدا عام 2004.
تمرد داخل صفوف الجمهوريين
أثار قرار وزارة العدل بعدم الإفراج عن وثائق إضافية غضبًا واسعًا في أوساط أنصار ترامب نفسه، ووصف الإعلامي المحافظ أليكس جونز القرار بأنه “خيانة لوعود الحملة الانتخابية”، بينما طالبت نائبات جمهوريات بارزات مثل مارجوري تايلور جرين ولورين بوبرت بتعيين مستشار خاص للتحقيق، وبلغ التمرد ذروته حين صوت النائب الجمهوري رالف نورمان مع الديمقراطيين في لجنة الكونجرس لإجبار وزارة العدل على كشف الملفات، معلقًا: “لو كانت الصفحة فارغة فليُظهروها”.
استدعاءات في الكونجرس
أصدرت لجنة الرقابة بمجلس النواب في الأسبوع الأخير من يوليو 2025 اثنتي عشرة مذكرة استدعاء تستهدف وزارة العدل لتسليم جميع الوثائق المتعلقة بالقضية، وعشر شخصيات سياسية بينهم الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري كلينتون، ومديرو مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقون جيمس كومي وروبرت مولر، وستة مدعين عامين سابقين، ومن المقرر أن تبدأ جلسات الاستماع المغلقة في أغسطس وتستمر حتى منتصف أكتوبر 2025، في خطوة تعكس تحول القضية إلى معركة سياسية شاملة.
خيوط القضية الممتدة
توفي إبستين في أغسطس 2019 داخل زنزانته بسجن مانهاتن أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاتجار الجنسي بالقاصرات. رغم إعلان الوفاة انتحارًا، لا تزال نظريات المؤامرة تنتشر خاصة بين مؤيدي ترامب، الذين يرون في الملف جزءًا من نظرية “كيو أنون” حول شبكات النخبة.
يذكر أن إبستين حصل على صفقة قضائية مخففة عام 2008 بتهمة دعارة قاصرات، وقضى ثلاثة عشر شهرًا فقط في سجن خاص بفضل المدعي العام أليكس أكوستا الذي عُيّن لاحقًا وزيرًا للعمل في إدارة ترامب.
تداعيات سياسية
يحذّر محللون من انقسامات عميقة في قاعدة أنصار ترامب، بينما يحاول البيت الأبيض تحويل الأنظار نحو اتهامات لباراك أوباما، يصرّ الكونجرس على المضي قدمًا في التحقيقات، في مؤشر على أن أسرار إبستين ستظل تطارد المشهد السياسي الأمريكي طويلًا بغض النظر عن التكلفة.
خلفية القضية
تعد قضية جيفري إبستين (1953-2019) واحدة من أكبر فضائح الاتجار الجنسي بالقصر في التاريخ الأمريكي الحديث، تجسدت في شبكة منهجية استهدفت فتيات مراهقات من خلفيات فقيرة، مستغلة ثروة إبستين وعلاقاته الدولية.
بدأت التحقيقات الجدية عام 2005 عندما تلقت شرطة فلوريدا بلاغات من عائلات ضحايا قاصرات اتهمن إبستين بإجبارهن على ممارسة الجنس مقابل المال في قصره ببالم بيتش. رغم الأدلة الدامغة – بما في تسجيلات كاميرات المراقبة واعترافات الضحايا – تفاوض محامو إبستين على صفقة استثنائية عام 2008 مع المدعي العام أليكس أكوستا، خُفضت فيها التهم من “الاتجار الجنسي” إلى “التحرش بالقصر”، وقضى على إثرها 13 شهراً فقط في سجن خاص سمح له بمغادرته 6 أيام أسبوعياً للعمل.
تجدّدت القضية عام 2019 بعد تحقيق استقصائي لصحيفة “ميامي هيرالد” كشف تفاصيل الصفقة المشبوهة، ما دفع نيويورك إلى توجيه اتهامات جديدة له بتجنيد وتنظيم شبكة للاتجار بالفتيات القاصرات بين 2002 و2015.
اتهمت وثائق المحكمة إبستين وشريكته جيسلين ماكسويل بتشغيل “مخطط توظيف” وهمي، حيث كانت الضحايا تُجند عبر منحهن مبالغ مالية مقابل جلب “فتيات جدد”، قبل انتهاكهن في قصور إبستين بمانهاتن وفلوريدا وجزيرته الخاصة “ليتل سانت جيمس”، فيما توفي إبستين في أغسطس 2019 داخل زنزانته بسجن مانهاتن أثناء انتظاره المحاكمة، وحُكم على ماكسويل بالسجن 20 عاماً عام 2022.
امتداد الفضيحة
كشفت تحقيقات لاحقة أن دائرة إبستين شملت شخصيات عالمية بارزة من سياسيين (كالأمير البريطاني أندرو الذي تسوى بدعوى مدنية مع إحدى الضحايا عام 2022)، ورجال أعمال (منهم الرئيس التنفيذي السابق لشركة “فيكتوريا سيكرت” ليكس رازنيك)، وعلماء (كالمتخصص في الذكاء الاصطناعي مارفن مينسكي الذي اتهمت ضحايا باعتدائه عليها).
وأثارت القضية تساؤلات حول “ثقافة الإفلات من العقاب” للنخب، وتأثير الثروة في تشويه مسار العدالة، بينما حوّلها مؤيدو نظرية “كيو أنون” إلى رمز لفساد “الدولة العميقة”.
==
المصادر: نيويورك تايمز – وول ستريت جورنال – دويتشه فيله – الحرة – بي بي سي
نقلاً عن : تحيا مصر
- تربوية توجه نصائح هامة لأولياء الأمور قبل بداية الدراسة 2025/2026 - 7 أغسطس، 2025
- تنسيق المرحلة الثانية أدبي.. كليات غير متوقعة ما زالت متاحة - 7 أغسطس، 2025
- أستاذة بـ”طب عين شمس” تستغيث برئيس الجامعة لتوفير علاجها - 7 أغسطس، 2025
لا تعليق