المعركة الألمانية.. كيف وضع توني كروس الملح على “جرح برشلونة”؟

للوهلة الأولى، قد تبدو تصريحات توني كروس الأخيرة عن نادي برشلونة مجرد مناوشات طبيعية من أسطورة ريال مدريد، أو محاولة للتقليل من الغريم التقليدي في وقت يعاني فيه فنيا.
قد يراها المشجع العاطفي مجرد “كيد” من خصم، لكن الحقيقة أن اللاعب الألماني المعتزل لم يكن يلقي الكلمات فحسب بل كان يقدم تشريحاً دقيقاً ومؤلماً لأزمة برشلونة الحقيقية، واضعاً الملح على جرح غائر يعرفه كل متابع للفريق الكتالوني، كروس لم يهاجم، بل قام بالتشخيص، والحقيقة أنه كان على حق في كل كلمة قالها.
تشخيص دقيق أم كيد منافس؟
جوهر تحليل كروس يكمن في وصفه لأسلوب لعب برشلونة بأنه “ممتع للغاية ولكنه محفوف بالمخاطر”. هذه هي المعادلة التي يعيشها فريق هانزي فليك؛ اعتماد شبه كلي على المهارات الفردية للاعبين مثل لامين يامال ورافينيا لخلق الفارق، دون وجود خطة بديلة واضحة أو صلابة تكتيكية عند فقدان الكرة أو انخفاض المخزون البدني.
نبوءة كروس بأن هذا الأسلوب سيؤدي حتماً إلى خروج الفريق من دوري أبطال أوروبا على يد فريق منظم، ليست مجرد تكهن، بل هي قراءة لنمط متكرر ومقلق.
أزمة الدقائق الأخيرة.. سيناريو يتكرر
المشكلة الكبرى التي شخصها كروس بدقة متناهية هي “مشكلة الأمتار الأخيرة”، أو الانهيار البدني والذهني للفريق بعد الدقيقة 75، المثال الذي ضربه بمباراة إنتر ميلان الموسم الماضي لم يكن حالة استثنائية، بل كان مجرد عنوان لأزمة عميقة.
هذا السيناريو تكرر بشكل مؤلم في العديد من المباريات الموسم الماضي، شاهدنا الفريق يفقد نقاطا ثمينة في الدقائق الأخيرة أمام فرق مثل سيلتا فيغو وفياريال وريال بيتيس، حيث كان الفريق يسيطر ثم يتراجع بشكل غير مفهوم في نهاية اللقاء.
حتى على الصعيد الأوروبي، لم تكن واقعة الإنتر هي الوحيدة، ففي المباراة الأخيرة من دوري المجموعة، كان برشلونة في طريقه لتحقيق فوز مهم قبل أن يستقبل هدف تعادل متأخرا من أتالانتا لتنتهي المباراة 2-2، مما كلفه صدارة المجموعة.
هذا الموسم، لم يتغير شيء؛ إذ استمر النمط في الظهور، رأيناه في الخسارة أمام باريس سان جيرمان، وتجلى بأسوأ صورة ممكنة في الهزيمة الكارثية أمام إشبيلية، حيث جاء هدفان من الأهداف الأربعة في وقت كان فيه لاعبو برشلونة قد استنفدوا طاقاتهم تماماً وباتوا مكشوفين دفاعياً بشكل فاضح.
الكرة في ملعب فليك
في النهاية، لم تكن كلمات توني كروس مجرد تصريحات خصم، بل كانت مرآة تعكس عيوب برشلونة بوضوح. إنها شهادة من “خبير ألماني” فاز بكل شيء، ويعرف جيداً أن المتعة وحدها لا تجلب الألقاب الأوروبية، وأن الفرق الكبرى تُبنى على التوازن بين الجمال والصلابة.
لقد كشف كروس “الجرح” بمهارة، والآن الكرة في ملعب مواطنه هانزي فليك، الذي يواجه التحدي الأكبر: إيجاد علاج لهذا النزيف المستمر في الدقائق الأخيرة قبل أن يصبح الجرح غائراً ولا يمكن شفاؤه.
نقلاً عن: إرم نيوز