في وقت تزداد فيه الضغوط السياسية والاقتصادية على جرينلاند، يترقب سكان الجزيرة ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية المقررة يوم الثلاثاء.
تشهد الحملة الانتخابية هذه المرة تسليط الضوء بشكل كبير على قضية الاستقلال عن الدنمارك، في وقت حساس يعيد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرح فكرة ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة.
الاستقلال: حلم قديم يتجدد
على الرغم من أن قضية الاستقلال كانت دائماً حاضرة في ذهن سكان جرينلاند، إلا أن تصريحات ترامب الأخيرة عن الرغبة في شراء الجزيرة قد أعطت زخماً جديداً لحركة الاستقلال.
فبدلاً من أن يصبحوا جزءاً من الدنمارك أو الولايات المتحدة، يصر الجرينلنديون على أن يكونوا “جرينلانديين” فقط.
تعتبر جرينلاند، التي تعد أكبر جزيرة في العالم، مكاناً ذو حكم ذاتي منذ عام 1979، ولكنها لا تزال تحت سيطرة الدنمارك في العديد من الشؤون.
وفي هذا السياق، يرى محللون، أن تصريحات ترامب قد أعادت القضية إلى الواجهة، مشيرة إلى أن هذا ليس شيئاً جديداً بالنسبة لسكان جرينلاند، ولكن الآن يمنحهم ذلك الزخم لتحقيق أهدافهم السياسية
قضايا ساخنة في الحملة الانتخابية
تشهد الحملة الانتخابية الحالية تركيزاً على عدة قضايا رئيسية، وعلى رأسها الاستقلال عن الدنمارك، إلى جانب هذا، تبرز مواضيع أخرى مثل السياحة، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، ومصائد الأسماك التي تعد المصدر الرئيسي للاقتصاد في جرينلاند، حيث تشكل 90% من صادراتها.
تسعى الأحزاب السياسية المختلفة، التي تدعم جميعها فكرة السيادة الكاملة، إلى إحداث تغيير جذري في شكل العلاقة مع الدنمارك.
الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 57 ألف نسمة، تتحول بشكل سريع إلى مجتمع أكثر تطوراً.
وتظهر ملامح هذا التطور بوضوح في العاصمة نوك، حيث تتناثر رافعات البناء الشاهقة التي ترمز إلى النمو السريع، رغم التحديات الاجتماعية التي تواجه بعض سكانها.
التحديات الاجتماعية والصحية
على الرغم من الطموحات السياسية والاقتصادية، لا تزال جرينلاند تعاني من العديد من الأزمات الاجتماعية والصحية.
يسجل الإحصاء أحد أعلى معدلات الانتحار في العالم، ويقل معدل الولادات مقارنة بالإجهاض.
كما أن متوسط العمر المتوقع للرجال في جرينلاند يقل عن 70 عاماً، وهي أرقام تبرز الأزمات التي يعاني منها جزء كبير من السكان، خاصة في المجتمعات التقليدية من صيادي الأسماك.
هل جرينلاند قادرة على تحقيق الاستقلال؟
مع تزايد الدعم لقضية الاستقلال وتنامي الوعي بين السكان حول ضرورة اتخاذ خطوة نحو السيادة الكاملة، تظل هناك تساؤلات حول قدرة جرينلاند على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في حال تم قطع الروابط مع الدنمارك.
فهل ستتمكن جرينلاند من الوقوف على قدميها كدولة مستقلة؟ أم أن الارتباطات الاقتصادية والسياسية مع الدنمارك تبقى أكثر أمانًا
هل حان الوقت للانفصال عن الدنمارك؟
تعيش جرينلاند مرحلة سياسية فارقة، حيث تزداد دعوات الاستقلال بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وسط انقسام داخلي بين الأحزاب السياسية حول كيفية تحقيق هذا الهدف.
تتنافس الأحزاب على 31 مقعدًا في البرلمان الجرينلندي، مع دعم معظمها لفكرة الاستقلال، لكن الاختلاف يكمن في طريقة تحقيقه والجدول الزمني المناسب.
الاستقلال في أيدي الأحزاب المتنافسة
خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، ظهر التوجه نحو الاستقلال بشكل واضح، لكن لكل حزب رؤيته الخاصة حول كيفية الوصول إليه.
بينما يؤيد البعض مسارًا سريعًا، يفضل آخرون التمهل للوصول إلى هذه المرحلة، وكان حزب “ناليراك” القومي المعارض أحد أبرز الأحزاب التي تطالب بالاستقلال الفوري، والذي سجل حضورًا قويًا في الانتخابات السابقة، محققًا 12% من الأصوات في عام 2021.
يونو بيرثيلسن أحد أبرز مرشحي الحزب، قال إن اهتمام العالم، وخاصة الولايات المتحدة، بقضية جرينلاند يعزز من فرص الاستقلال.
ويضيف: يمكننا التنبؤ بأن الاستقلال سيكون في غضون دورة انتخابية واحدة أو اثنتين، ولكن هذا الأمر يتوقف على سير المفاوضات مع الدنمارك.
الحكم الذاتي وتاريخ طويل من الاستعمار
جرينلاند حصلت على حكم ذاتي في عام 1979، بعد أن كانت مستعمرة دنماركية لأكثر من 300 عام.
إلا أن الشؤون الخارجية والدفاع ظلت تحت سلطة الدنمارك، ومنذ عام 2009، أتاح القانون الجرينلندي بدء عملية الاستقلال من جانب واحد، ولكن هذا يتطلب مفاوضات بين حكومتي غرينلاند والدنمارك للوصول إلى اتفاق يوافق عليه برلمان الجزيرة ويُعرض على الاستفتاء العام.
التحديات الاقتصادية تواجه الحلم
على الرغم من تزايد دعوات الاستقلال، إلا أن هناك واقعًا اقتصاديًا يظل يؤثر على هذا الحلم، ففي شوارع العاصمة نوك، يتراوح رأي السكان بين الرغبة في الاستقلال والقلق من تبعاته الاقتصادية.
كما أن استغلال الموارد المعدنية في جرينلاند، والذي يعتبر من الفرص الاقتصادية المهمة للاستقلال، لا يزال في مراحل مبكرة.
هل جرينلاند مستعدة للاستقلال؟
تواجه جرينلاند تحديات كبيرة في طريقها نحو الاستقلال، سواء على صعيد السياسة أو الاقتصاد. لكن مع تزايد الدعم الشعبي للسيادة الكاملة، يبقى السؤال: هل جرينلاند جاهزة فعلاً للانفصال عن الدنمارك في الوقت الحالي؟ أم أن الواقعية الاقتصادية قد تجعل من الاستقلال خطوة صعبة المنال في المدى القريب؟
نقلاً عن : تحيا مصر
لا تعليق