برلمان 2025 والتحدي الأكبر


تشهد مصر خلال الأشهر القليلة القادمة محطة ديمقراطية هامة تتمثل في انتخابات السلطة التشريعية بغرفتيها: مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهي ليست مجرد ممارسة انتخابية دورية، بل تُعد هذه الانتخابات بمثابة محطة مفصلية في تاريخ الدولة المصرية، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة.

فالبرلمان المصري القادم يجب ألا ينحصر دوره فقط في الرقابة على أداء الحكومة وسنّ التشريعات، بل يتجاوز ذلك إلى أدوار أكثر عمقًا وتأثيرًا تفرضها التحديات الراهنة، داخليًا وخارجيًا، على الدولة المصرية. فمع تصاعد التوترات في المنطقة، والأخطار التي تحيط بمصر، تبرز الحاجة إلى برلمان يكون سندًا للدولة، يُعزز صمودها من خلال إصدار تشريعات ضرورية تواكب المستجدات، ويكون حلقة وصل حقيقية بين القيادة السياسية والمواطنين، يسهم في رفع الوعي العام بشرح وتوضيح حقيقة التحديات التي تواجه الوطن.

كما يتعين على البرلمان الُمقبل لعب دور خارجي لا يقل أهمية عن دوره الداخلي، عبر التواصل مع برلمانات العالم المختلفة لتوصيل وجهة النظر المصرية وتوضيح مواقف الدولة في القضايا الإقليمية والدولية، بما يعزز من الحضور المصري على الساحة العالمية ويكسبها مزيدًا من الدعم والتفاهم الدولي.

وفي الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل التحديات الاقتصادية المتفاقمة في ظل الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومحاولات إعادة التوازن العالمي بين القوى الكبرى، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري. وهنا يتوجب على البرلمان أن يتحرك بفعالية، عبر تقديم أفكار وتشريعات تسهم في تسهيل الاستثمار، وتحفيز التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وطرح حلول مبتكرة تواكب متطلبات المرحلة.

ومن الجدير بالذكر أن غياب المجالس الشعبية المحلية يفرض مسؤولية مضاعفة على النواب، حيث يصبح لزامًا عليهم التواجد المستمر بين الناس، ومتابعة أوضاع الشارع، والقيام بدور رقابي فاعل على مستوى المحليات. فالنائب ليس مجرد مشرّع، بل هو صوت المواطن والمدافع الأول عن حقوقه، ومن غير المقبول أن ينفصل عن واقعه أو ينعزل عن قواعده الشعبية.

لذلك  فالبرلمان القادم ليس برلمان تشريع ورقابة فحسب،  فهو برلمان خاص جداً ويتطلب نواباً بمواصفات خاصة بل هو برلمان المواجهة والبناء، برلمان يصنع الفارق في مرحلة شديدة الحساسية من عمر الوطن. لذا، فإن حسن الاختيار من قبل الناخبين، واستشعار المسؤولية الوطنية من قبل المرشحين، يمثلان الركيزة الأساسية لعبور هذه المرحلة بأمان نحو مستقبل أفضل لمصر ولأبنائها وخطوة مهمة نحو بناء الجمهورية الجديدة.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *