بعد وفاتها.. سمر عبد العزيز أغنية سورية لا تُنسى


أغلقت سمر عبد العزيز عينيها إلى الأبد، تاركةً خلفها بصمات  فنية مميزة، وقصة إنسانية لا يمكن تجاوزها، رحلت سمر عبد العزيز عن عمر يناهز 52 عامًا، بعد معركة شرسة مع المرض، لكنها ظلّت حتى اللحظة الأخيرة أيقونةً للصمود والجمال الفني، لتثبت أنها ليست مجرد وجه على الشاشة، بل كانت صوتًا للضعفاء، وقصةً للإصرار، ما جعلها محبوبةً من الجمهور والنقاد على حدٍ سواء. 

البداية  من حلب.. صوتٌ يبحث عن مسرح 

وُلدت سمر عبد العزيز في مدينة حلب عام 1973، وسط عائلة فنيّة حملت إرثًا إبداعيًا كبيرًا. كانت ابنة الشاعر نظمي عبد العزيز، وشقيقة الفنانة ريم عبد العزيز، ما جعل الفن يسري في دمها منذ الطفولة. 

بدأت مشوارها كمطربة، حيث مزجت في أغانيها بين الأصالة السورية والحداثة، فقدمت أعمالًا مثل “يسعد لي هالمسا” و”تعلمنا”، التي لامست قلوب الجمهور بصدق كلماتها وعمق أدائها، كما تعاونت مع الفنان الراحل عازار حبيب في ألبوم باللهجة اللبنانية، مؤكدةً قدرتها على تجاوز الجغرافيا بصوتها الشجي. 

من الغناء إلى التمثيل..  حضورٌ فني مكتمل 

رغم نجاح سمر عبد العزيز في الغناء، إلا أن شغف سمر الفني قادها إلى التمثيل، حيث برزت في أعمال درامية تركّز على واقع المرأة وقضايا المجتمع. من أبرز أعمالها:  “ سيرة آل الجلالي” والذي جسدت من خلاله شخصيةً قويةً تعكس تحديات المرأة في مجتمع تقليدي، و”هولاكو” العمل التاريخي الدرامي الذي أظهرت فيه براعةً في تجسيد الأدوار المعقدة، إضافة إلى “أنشودة المطر”: التي مزجت فيها بين الحزن والأمل، كأنها تتنبأ بمصيرها الشخصي. 

 

الوجه الآخر.. معارك خلف الكواليس 

وراء الضحكة التي عرفها الجمهور، عاشت سمر عبد العزيز حياةً شخصيةً مليئة بالتحديات. في عام 2021، تعرّضت لصدمة عاطفية قاسية بعد طلاقها المفاجئ من المخرج محمد معروف، الذي لم يستمر زواجهما سوى 12 يومًا رغم قصة حب دامت ثلاث سنوات. وصفَت تلك التجربة بأنها “أقسى نكسة في حياتي”، حيث تركت جرحًا عميقًا لم يندمل بسهولة. 

لكن الضربة القاضية جاءت في 2022، عندما اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي، حيث خاضت رحلة علاج مؤلمة، شملت استئصالًا جراحيًا وعلاجًا كيميائيًا، لكنها واجهت المرض بقلبٍ مقاتل. وفي 2023، أعلنت تعافيها، قائلةً: “السرطان لم يكن النهاية، بل بدايةً جديدةً فهمت منها معنى الحياة.” 

سمر عبد العزيز.. قصة شفاء لم يكتمل 

رغم انتصارها الظاهري على المرض، إلا أن الآثار الجانبية للعلاج أضعفت مناعتها، مما جعلها فريسةً لالتهاب الكبد اليرقاني في الأسابيع الأخيرة من حياتها. تدهورت صحتها سريعًا، وودّعت العالم في صمت، تاركةً وراءها رسالةً واضحة: “الحياة تستحق القتال، حتى لو كانت المعركة خاسرة.” 

الوداع الأخير.. جنازةٌ تليق بملكة 

شُيّعت سمر عبد العزيز في دمشق وسط حضورٍ فنيٍّ وجماهيري كبير، نعتها نقابة الفنانين السوريين، وصُلّي عليها في جامع “لالا باشا”، ثم وُريت الثرى في مقبرة “نجها”. تقبل التعازي في صالة الإسعاف الخيري بشارع الحمراء، حيث توافد المحبون لوداع الفنانة التي لم تغب عنهم أبدًا. 

قصة إنسانية عن الألم الذي يتحول إلى فن

لم تكن سمر مجرد فنانة، بل كانت قصة إنسانية عن الألم الذي يتحول إلى فن، والضعف الذي يصنع القوة. تركت خلفها أغاني ترددها الأجيال، وأدوارًا تخلّدها الشاشات، ولكن الأهم من ذلك، تركت إرثًا من الشجاعة والكرامة. 


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *