بعد 15 عامًا من الغياب.. ما سر العودة القوية لكاميرات التصوير الفوري؟

بعد 15 عامًا من الغياب.. ما سر العودة القوية لكاميرات التصوير الفوري؟

شهد عالم التصوير الفوتوغرافي على مدى العقدين الماضيين، تغيرًا جذريًّا بفعل الثورة الرقمية والانتشار الواسع للهواتف الذكية المزودة بكاميرات عالية الدقة.

هذا التطور السريع جعل الكثيرين يعتقدون أن الكاميرات المدمجة الصغيرة، أو ما يعرف بـ”Point and Shoot”، قد انتهى دورها تمامًا، بعدما كانت  في بداية الألفية الجديدة وحتى عام 2010 الخيار الأكثر شيوعًا للأسر والشباب الذين يريدون تسجيل لحظاتهم اليومية بسهولة ودون تعقيدات تقنية.

لكن مع دخول الهواتف الذكية ساحة التصوير بقوة، اختفت هذه الأجهزة تدريجيًّا، لتعود الآن إلى الواجهة بعد غياب دام أكثر من خمسة عشر عامًا.

ليست مصادفة

هذه العودة ليست مجرد مصادفة، بل تعكس توجهًا جديدًا لدى جيل الشباب والمهتمين بالتصوير على حد سواء. فمع أن الهواتف الذكية تمنح صورًا عالية الجودة، إلا أن الكثيرين باتوا يبحثون عن تجربة أكثر عفوية وبساطة، بعيدًا عن التعقيدات الرقمية.

فكاميرات “Point and Shoot” تقدم هذه التجربة لأنها عبارة عن جهاز صغير خفيف الوزن بعدسة مدمجة، يتيح للمستخدم التقاط اللحظة فورًا بضغطة زر واحدة، دون الحاجة إلى تطبيقات تعديل أو خيارات معقدة.

في السياق ذاته، هناك أيضًا جانب النوستالجيا الذي يلعب دورًا مهمًا. فقد أصبحت الكاميرات القديمة رمزًا لحقبة مميزة من الذكريات العائلية والسفر واللحظات اليومية. والشباب اليوم، خاصة من جيل الألفية، ينجذبون إلى هذا الطابع الكلاسيكي الذي يعيدهم إلى زمن ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي حيث كانت الصورة أكثر طبيعية وبعيدة عن المثالية المصطنعة. وهذا الحنين جعل الكثيرين يعيدون شراء إصدارات جديدة من الكاميرات المستوحاة من الماضي.

تعبيرية

هوية بصرية جديدة

التقطت شركات التصوير العالمية هذه الموجة سريعًا. فقد بدأت بعض العلامات التجارية الشهيرة في إعادة طرح نماذج حديثة من كاميرات “Point and Shoot”، مع تحسينات على مستوى الحساسات ودقة العدسة، ولكن مع الحفاظ على البساطة التي ميزت هذه الأجهزة. فالمستهلك اليوم يبحث عن منتج يجمع بين سهولة الاستخدام وجودة الصورة والتجربة المختلفة عن تلك التي تقدمها الهواتف.

ومن اللافت أن هذا الاهتمام لم يقتصر على عشاق التصوير فحسب، بل امتد إلى المؤثرين على منصات مثل “إنستيغرام” و”تيك توك”. فهؤلاء وجدوا في الكاميرات المدمجة وسيلة لإنتاج محتوى بصري له طابع مختلف، يحمل إحساسًا عاطفيًّا أقرب إلى ألبومات الصور الورقية القديمة.

أما اقتصاديًّا، فقد أدى هذا الاهتمام المفاجئ إلى ارتفاع أسعار الكاميرات القديمة المستعملة في الأسواق، حيث باتت بعض النماذج الكلاسيكية تُباع بأسعار تفوق قيمتها الأصلية. في المقابل، تسعى الشركات إلى استغلال هذه الفرصة بإصدار منتجات جديدة بأسعار تنافسية تستهدف فئة الشباب.

ويمكن وصف عودة كاميرات التصوير الفوري “Point and Shoot” بعد أكثر من 15 عامًا بأنها تمثل مزيجًا من الحنين للماضي والرغبة في البساطة والبحث عن هوية بصرية جديدة في عالم بات مشبعًا بالصور المثالية. فهي ليست مجرد أجهزة للتصوير، بل أداة تعبيرية مختلفة تتيح للناس استعادة متعة اللحظة دون الحاجة إلى الفلاتر أو التعديلات الرقمية المبالغ فيها. 

ومع أن هذه الكاميرات قد لا تحل محل الهواتف الذكية أو الكاميرات الاحترافية، لكنها بالتأكيد وجدت لنفسها مكانًا خاصًّا بين عشاق التجربة الفوتوغرافية الأصيلة، لتؤكد أن بعض التقنيات مهما طال غيابها، تظل قادرة على العودة بقوة حين تلتقي مع رغبات الناس وتطلعاتهم.

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف