بلا كافيين ولا يقظة”.. القهوة في مصر بين “أخذ وردّ

بلا كافيين ولا يقظة”.. القهوة في مصر بين “أخذ وردّ

لا يمكن لكثير من المصريين أن يبدأوا يومهم دون فنجان القهوة الصباحي، إذ تُعد القهوة مشروبًا أساسيًا في طقوس الاستيقاظ، لا سيما لدى الطبقات العاملة في الهيئات الحكومية والقطاعات الخاصة، وأصحاب الحرف والصنائع، حيث تُعد القهوة جزءًا راسخًا من الروتين اليومي، بغية الحصول على الكافيين الذي يُنشّط الذهن ويُوقظ الجسد، لتبدأ عجلة الحياة بالدوران.

ارتفاع الاستهلاك المحلي

بحسب تقارير إعلامية، تشير بيانات “شعبة البن” التابعة لاتحاد الغرف التجارية المصرية للعام 2024، إلى أن حجم الاستهلاك المحلي للقهوة يتراوح بين 90 و100 ألف طن سنويًا.

وبرغم وجود زراعة محلية إلا أنها توفر نحو 600 طن فقط، لذا فإن الاعتماد الأكبر يظل على الاستيراد، حيث تصل واردات مصر من حبوب القهوة إلى ما يقرب من 80 ألف طن سنويًا، بتكلفة تتجاوز 280 مليون دولار، معظمها من دول، مثل: البرازيل، وكولومبيا. وتعكس هذه الأرقام تزايدًا مطّردًا في معدلات الاستهلاك، خصوصًا مع تنامي الطلب في عام 2025 الجاري.

تنوع البيع وتفاوت الأسعار

يعتمد المستهلك المصري في اقتنائه للقهوة على عدة مسارات؛ فمن جهة، توجد المحال المتخصصة ذات السمعة التجارية الحسنة، التي تُقدّم البن طازجًا يُطحن أمام الزبائن، إذ تُعد الطريقة المفضلة برغم ارتفاع تكلفتها، ويتراوح سعر الكيلوغرام منها بين 15 و30 دولارًا.

في المقابل، تنتشر القهوة المعلبة والمغلفة في أكياس جاهزة بأوزان متباينة وأسعار في متناول فئات أوسع، إذ يتراوح سعر الكيس زنة 200 غرام بين 3 و5 دولارات، ما يجعلها الخيار الأكثر انتشارًا في السوق المصري، خاصة في المناطق الشعبية.

قهوة بلا كافيين

وبرغم كثافة الاستهلاك المحلي، فإن ثمة سخطًا يتصاعد بين المستهلكين عبر عدد كبير من المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، يعكس شعورًا بخيبة الأمل تجاه الكافيين اللازم من القهوة.

يشتكي البعض من فقدان القهوة لتأثيرها المنشّط، واصفين إياها بأنها “بلا كافيين”، وقد أثارت موجة من الفيديوهات الساخرة والادعاءات المتداولة شكوكًا حول جودة القهوة، بل وتحدث بعضها عن احتمال خلطها أو تصنيعها من مكونات غريبة، مثل “نوى التمر” المحمص، وأشياء أكثر غرابة، ما أثار قلقًا واسعًا بشأن مصداقية القهوة التي تُقدَّم في الأسواق.

دراسات وشكوك

بعيدًا عن المزاعم الشعبية، أبدت مؤسسات بحثية مصرية اهتمامًا بإنتاج بدائل صحية للقهوة، مثل دراسة جامعة الوادي الجديد لاستخدام نوى التمر الخالي من الكافيين، وأبحاث مركز البحوث الزراعية لخلطه بالشعير والتوابل.

ومع هذه الجهود، لا توجد أدلة رسمية على غش القهوة المتداولة، خاصة لدى العلامات المعروفة، وفق تقارير إعلامية.

وترى مصادر مختصة أن القهوة في مصر تجاوزت كونها مشروبًا إلى طقس يومي وثقافة متجذرة، غير أن تفاوت الجودة وضعف الرقابة، مع انتشار منتجات منخفضة الثمن، يثير الشكوك ويُبرز الحاجة لضمان الشفافية والجودة لحماية ثقة المستهلك.

سعر زهيد لقهوة نوى التمر

وفي مناقشات أجراها “إرم نيوز” مع عدد من أصحاب مطاحن ومحال بيع القهوة الشهيرة في العاصمة القاهرة، أجمعوا على أن نوى التمر لا يُستخدم في مطاحن القهوة ذات العلامات المعروفة، ويُعتمد فقط على الحبوب المصرية والمستوردة. لكنهم لم ينفوا احتمالية استخدام نوى البلح المحمص في القهوة المعبأة أو لدى المطاحن الشعبية، نظرًا لانخفاض سعرها مقارنة بحبوب القهوة الأصلية.

تفاعلات “ميلارد” الكيميائية وتكوين النكهة

من جهته، قال المهندس الزراعي محمد مجدي في تصريحات خاصة لـ “إرم نيوز” إن نوى التمر يُشبه القهوة في الشكل والرائحة، لكنه لا يُعد بديلًا حقيقيًا بسبب خلوه من الكافيين. وأوضح أن تفاعلات “ميلارد” الكيميائية، التي تحدث عند تسخين المواد الغنية بالسكريات والبروتينات، تُفسر تشابه الروائح والنكهات بين القهوة الأصلية وتلك المصنوعة من نوى التمر.

وأضاف أن تناول نوى التمر المحمص لا يُشكّل خطرًا صحيًا، لكنه أشار إلى أن المشكلة تكمن في استخدامه كوسيلة للغش التجاري، ما يخدع المستهلك الباحث عن جرعة الكافيين اللازمة للنشاط واليقظة.

وبيّن وجود فروق واضحة بين القهوة الأصلية والمغشوشة، منها: اللون الداكن للأصلية مقابل اللون الفاتح للمغشوشة، القوام الأجنس مقابل القوام الخشن، الرائحة التي تدوم مقابل الزائلة سريعًا، والطعم المرّ الخفيف مقابل مذاق خشبي محايد، وفق تعبيره.

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف