بليغ حمدي في ذكرى ميلاده.. إرث فني يتجاوز الزمن

بليغ حمدي في ذكرى ميلاده.. إرث فني يتجاوز الزمن

تحلّ اليوم الذكرى الثالثة والتسعون لميلاد الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي، أحد أبرز رموز الموسيقى العربية في القرن العشرين، وبرغم مرور أكثر من اثنين وثلاثين عاما على رحيله، فإن حضوره في الوجدان الفني العربي لا يزال متقدا.

ولا يزال اسم “بليغ حمدي” يتردد في الأحاديث، وتُستعاد ألحانه في الحفلات، وتُغنّى من جديد بأصوات أجيال متلاحقة، كعلامة على عبقرية لحنية لا تُنسى.

ولم يكن بليغ حمدي موسيقارا بارزا وحسب، بل ظاهرة فنية وإنسانية، حيث ترك خلفه إرثا لا يزال حيا في الوجدان العربي، وموسيقى تتجاوز زمنها، لتُغنّى كما لو كانت وليدة الأمس، حيث عبقرية موسيقاه وألحانه، وأصوات نغماته العذبة التي لا تزال حاضرة في الذاكرة والأرجاء.

ووُلد بليغ في عام 1932 في القاهرة، في بيئة محبة للفن، فتشرّب النغم منذ صغره، وتعلّم العزف على العود في التاسعة من عمره، والتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، المُسمى حاليا بـ “الكونسرفاتوار”.

وهناك بدأت ملامح عبقريته الموسيقية تتبلور، حتى بزوغ وتوهج نجوميته بمسيرة فنية حافلة بالإنجازات الفريدة من نوعها، حيث غيبه الموت في 12 سبتمبر 1993.

ألحان روت الوجدان العربي

وتميّزت ألحان بليغ حمدي بقدرتها على ملامسة العواطف المتباينة، من الشوق إلى الحنين، ومن الفرح إلى الحزن، في مزيج موسيقي حافظ على الهوية الشرقية دون أن يغفل التجديد.

وترك بليغ بصمته على مسيرة أبرز نجوم الغناء العربي، حيث تعاون مع كوكب الشرق أم كلثوم، وقدم لها أغنيات “أنساك”، و”بعيد عنك”، و”حب إيه”، وكان أصغر من لحن لها بعمر 22 عاما.

كما شكّل ثنائية فنية لافتة مع عبد الحليم حافظ، وأبدع له “سواح”، و”موعود”، و”زي الهوا”، وهي أغانٍ لا تزال تُمثل ذروة في الغناء العاطفي العربي.

وطنية وروحانية اللحن

وفي اللحظات المفصلية من تاريخ الأمة، لم يتأخر بليغ حمدي عن أداء دوره الوطني، لاسيما بعد نكسة 1967، وبعد انتصارات حرب أكتوبر 1973، أسهم بألحان وطنية صنعت وجدان مرحلة كاملة.

وقدّم “عدى النهار”، و”البندقية اتكلمت”، و”عاش اللي قال” بصوت العندليب الأسمر، فتحوّلت إلى أناشيد شعبية تعبّر عن الألم والفخر والأمل.

ولحّن حمدي أحد أشهر الابتهالات الدينية في القرن العشرين، وهو “مولاي” للشيخ سيد النقشبندي، الذي جمع بين الروحانية والنغم العذب، فبات هذا الابتهال مرجعا روحانيا يُستعاد في المناسبات الدينية حتى اليوم.

بليغ ووردة.. قصة حب خالدة

ولا يمكن ذكر بليغ حمدي دون التطرق إلى علاقته بالفنانة وردة الجزائرية، حيث جمعتهما قصة حب كبيرة توّجت بالزواج، وإن لم يدم سوى ست سنوات، لكنه ترك أثرا لا يُمحى على المسيرة الفنية لوردة، التي غنت من ألحانه أعذب أغنياتها، من “العيون السود”، إلى “حكايتي مع الزمان”، و”خليك هنا”، و”حنين”، و”لو سألوك”، وغيرها من الأعمال الغنائية المميزة، وقد أصبحت وردة، بلا منازع، الصوت الأكثر اقترانا بألحانه.

إرث فني لا يُختصر

وامتد تأثير بليغ حمدي إلى مسيرة عشرات الفنانين، من شادية وفايزة أحمد، إلى نجاة الصغيرة وصباح وميادة الحناوي، مرورا بأصوات ظهرت لاحقًا مثل سميرة سعيد وهاني شاكر وعلي الحجار ولطيفة.

وبحسب النقاد لم يكن بليغ حمدي مجرد ملحن، بل كان مبدعا قادرا على قراءة صوت كل مطرب ومطربة، وتقديم ما يناسبه بأعلى درجات الحرفية والصدق.

 

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف