في الساعات الأولى من صباح اليوم هزّ بيانٌ نشره تنظيم ما يسمى بـ “سرايا أنصار السنة” على قناتهم في “تلجرام” المشهدَ الأمني السوري، مُعلناً مسؤوليته عن تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق ، الذي أودى بحياة 25 مدنياً على الأقل وأصاب 63 آخرين خلال قدّاس مسائي.
ووصف البيان الهجومَ بأنه “ردٌّ على استفزازات نصارى دمشق ضد الدعوة وأهل الملة”، مُقدّماً اسم المنفّذ الانتحاري “محمد زين العابدين أبو عثمان” دون إرفاق أدلة ملموسة.
هذا الهجوم، إذا ثبتت صلة التنظيم به، يُعدّ الأكبر والأجرأ منذ ظهور هذه الجماعة الجهادية الغامضة مطلع عام 2025، ليفتح ملفاً خطيراً حول تحوّلات التطرف في سوريا ما بعد نظام الأسد.
النشأة والقيادة.. من الظل إلى الواجهة
ظهر التنظيم لأول مرة في أواخر يناير 2025 عبر منشورات على “تلجرام” تحت قيادة “أبو عائشة الشامي”، وهو قيادي سابق في “هيئة تحرير الشام” انشقّ عنها احتجاجاً على ما وصفه بـ”تساهلها مع الطوائف الكافرة”.
وفقاً لتحليلات باحثين مثل “أيمن التميمي”، فإن التنظيم تأسس كـ”فصيل منشق مؤيد لفكر داعش”، مشكّلاً نواته عناصر انشقت من “هيئة تحرير الشام” و”حراس الدين” (المرتبط سابقاً بالقاعدة) بعد حل الأخير مطلع 2025.
ويُقدّر عدد مقاتليه بـ1,600 عنصر، يعملون ضمن خلايا لا مركزية موزّعة بين حماة، حمص، اللاذقية، وريف دمشق، مع امتدادات ناشئة في طرابلس اللبنانية، بينما يبرز اسم “أبو فتح الشامي” كوجه شرعي للتنظيم، حيث يُعتبر المسؤول عن صياغة خطابها التكفيري المستند إلى تأويلات متطرّفة للفقه الإسلامي.
الأيديولوجيا: تكفير منهجي واستهدافٌ طائفي
تتبنى “السرايا” أيديولوجيا تكفيرية صارمة، تُصنّف وفقها المجتمع السوري إلى:
• “كافر حربي”: يشمل العلويين، الشيعة، الدروز، والمسيحيين، ويوجب قتالهم.
• “مرتدّ”: السنة الذين تعاونوا مع نظام الأسد أو المؤسسات الانتقالية الحالية.
• “منافق”: من يدعم “حكومة الشرع” التي يصفونها بـ”عميلة العلمانيين”.
ويهدف مشروعهم المعلن إلى “حرب تطهير عقائدي” عبر تصفية هذه الفئات، وهو ما تجسّد عملياً في سلسلة هجمات طائفية منها: مجزرة “قرية أرزة” في حماة (فبراير 2025) التي ذُبح فيها 10 علويين، واغتيالات في حمص وطرطوس، وإحراق غابات في القرداحة، واختطاف مدنيين علويين في اللاذقية. خطابهم يستنسخ أدبيات داعش، خاصة في تبرير استهداف المسيحيين كـ”نصارى يحمون فلول النظام”.
تفجير الكنيسة.. رسالة دموية وتناقضٌ رسمي
يُعتبر هجوم مار إلياس نقلة نوعية في أداء “السرايا” كأول هجوم انتحاري داخل كنيسة في سوريا منذ 2011، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، حيث سبق أن تضررت كنائس في محيطها دون استهداف المصلين داخلياً.
كما كشف “المرصد السوري” أن أحد المتورطين كان عنصراً منتسباً لوزارة الدفاع السورية من دير الزور، ما يشير إلى اختراق التنظيم لأجهزة الدولة، فيما أسفرت مداهمات أمنية لاحقة في “زملكا” بالغوطة الشرقية عن اعتقال 4 أشخاص بتهمة التخطيط للهجوم.
وبينما نسبت الحكومة السورية الهجوم في البداية لـ”داعش”، جاء تبنّي “السرايا” ليكشف تعقيد المشهد الأمني، حيث نفى بيان التنظيم رواية الحكومة واصفاً إياها بـ”الكذب المُخجِل”، بينما وصف وزير الداخلية “أنس خطاب” العملية بأنها “ضربة لداعش” بعد إعلان اعتقال خليته المفترضة.
التحدي الأمني.. اختراقات مؤسساتية وفجوات مراقبة
يواجه الرئيس الانتقالي “أحمد الشرع” اختباراً وجودياً مع صعود “السرايا”، حيث يعمل التنظيم بخلايا مستقلة (5-12 عنصراً) يصعب تعقبها، مستفيداً من الفراغ الأمني في مناطق خارج سيطرة الدولة، فيما لم تُكشف مصادر تمويله، لكن تقارير تشير إلى تلقّيه دعماً من شبكات جهادية عابرة للحدود، أو استغلاله لتهريب الآثار والنفط في المناطق الحدودية، إضافة إلى تورّط عناصر من وزارتي الدفاع والأمن العام في الهجوم يثير شكوكاً حول “تغلغل الفكر المتطرف داخل مؤسسات الدولة”، كما حذّر المرصد السوري.
إدانات دولية وتحذيرات من انهيار أمني
أدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجومَ وطالب بـ”تحقيق كامل”، بينما وصفه المبعوث الخاص لسوريا “غير بيدرسون” بـ”الجريمة البشعة”، وعلى الصعيد الإقليمي، حذّرت السعودية وتركيا من “محاولات جرّ سوريا إلى الفوضى”، فيما أكدت فرنسا التزامها بـ”سوريا تعددية”. لكن التصريح الأكثر إثارة جاء من “سرايا أنصار السنة” نفسها، حيث هدّدت في بيانها بـ”فتح باب التوبة قبل فوات الأوان”، ملوّحةً بهجمات جديدة “لا ترحم” تستهدف العلويين والدروز، ووصفت مدينة طرابلس اللبنانية بأنها “أرض للردة”.
نقلاً عن : تحيا مصر
- باسم سمرة سائق ميكروباص في مسلسل زمالك بولاق| تفاصيل - 25 يونيو، 2025
- السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن إثر ماس كهربائي بطامية في الفيوم - 25 يونيو، 2025
- ملخص أهداف ونتيجة مباراة بايرن ميونخ وبنفيكا في كأس العالم للأندية - 25 يونيو، 2025
لا تعليق