رغم أن مصر حققت خلال السنوات الأخيرة نجاحًا كبيرًا في زراعة العديد من المحاصيل الجديدة، لا سيما الاستوائية والنباتات الطبية والعطرية، إلا أن الكاكاو ظل حتى الآن محصولًا عصيًا على التوطين في الأراضي المصرية.

ورغم تكرار المحاولات من قبل المستثمرين وجهات بحثية، فإن زراعة الكاكاو لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن.

تجربة مصرية لزراعة الكاكاو داخل الصوب والمراكز البحثية

خلال السنوات الماضية، حاول عدد من المستثمرين المصريين إدخال شجرة الكاكاو ضمن منظومة الزراعة المحلية من خلال استيراد شتلات من الخارج، وزراعتها داخل الصوب الزراعية التابعة للقطاع الخاص، خاصة بعد توفير ظروف مناخية موائمة إلى حدٍ ما لنموها.

كما لم تتوقف الجهود عند القطاع الخاص فقط، بل قام معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية بتجارب متعددة بالتعاون مع خبراء زراعيين من دول مثل أوغندا، نيجيريا، جنوب إفريقيا، والبرازيل وهي من أكبر منتجي الكاكاو عالميًا وذلك لتطبيق تقنيات زراعة متقدمة واستكشاف مدى صلاحية البيئة المصرية لزراعة هذه الشجرة.

ورغم هذه الجهود البحثية والتقنية، لم يتم التوصل إلى نتائج ناجحة أو قابلة للتطبيق على نطاق واسع.

أسباب فشل زراعة الكاكاو في مصر حتى الآن

بحسب تقارير صادرة عن معهد بحوث البساتين، هناك مجموعة من العوامل البيئية والفنية التي تقف عائقًا أمام نجاح زراعة الكاكاو في مصر، من أبرزها:

1. المتطلبات المناخية المعقدة

شجرة الكاكاو تحتاج إلى درجات حرارة عالية تتجاوز أحيانًا 48 درجة مئوية، ولكنها في الوقت ذاته لا تتحمل الانخفاض دون 15 درجة مئوية، خاصة في فترة التزهير، ما يهدد بخسارة الأزهار بالكامل.

هذه التباينات الحرارية لا تتوافر بشكل مستقر في المناخ المصري، الذي يتسم إما بالحرارة الشديدة أو البرودة الموسمية.

2. التربة المناسبة محدودة الانتشار

تحتاج شجرة الكاكاو إلى تربة دوبالية خصبة وغنية بالمواد العضوية.

كما يشترط أن تكون التربة جيدة الصرف والتهوية، وهو ما لا يتوفر في كثير من الأراضي الزراعية المصرية، خاصة في المناطق الصحراوية.

3. الحساسية الشديدة للجفاف والرياح

الكاكاو من الأشجار الحساسة جدًا للجفاف والرياح والحرارة المباشرة، مما يجعلها عرضة للتلف في المناخ الصحراوي السائد في أغلب مناطق مصر.

كما أن غياب الأمطار الطبيعية والرطوبة يعقّد من عملية الري، ويزيد من التكلفة التشغيلية.

4. ارتفاع تكاليف الرعاية والزراعة

زراعة الكاكاو تحتاج إلى ري منتظم ومكثف، وتوفير بيئة زراعية محمية أو شبه محمية.

هذا يجعل الزراعة غير مجدية اقتصاديًا حاليًا إلا في ظل مشاريع كبيرة أو دعم حكومي مباشر.

هل هناك فرصة لنجاح زراعة الكاكاو مستقبلًا في مصر؟

رغم التحديات السابقة، يرى بعض الخبراء الزراعيين أنه لا يمكن إغلاق الباب نهائيًا أمام زراعة الكاكاو في مصر.
وقد يكون ذلك ممكنًا في ظل:

التغيرات المناخية التي قد تُعيد رسم خريطة الزراعة في مصر.

استخدام التقنيات الحديثة في الري والصوب الذكية.

اختيار مناطق مناخية أكثر ملاءمة مثل جنوب الصعيد (أسوان – الأقصر – قنا)، خاصة مع وجود زراعات مشابهة مثل الموز.

تطوير أصناف كاكاو هجينة مقاومة للجفاف وارتفاع الحرارة عبر الهندسة الوراثية أو التهجين البيئي.

مصر من كبار مصدري الشوكولاتة رغم غياب زراعة الكاكاو

رغم عدم نجاح زراعة الكاكاو محليًا، فإن مصر تُعد من أبرز الدول الإفريقية المصدرة للشوكولاتة ومنتجات الكاكاو المُصنّعة.
فوفقًا لتقرير صادر عن “بيزنس أفريكا” حول صناعة الشوكولاتة في القارة، تأتي مصر ضمن أهم 5 دول إفريقية في تصدير الشوكولاتة بجانب:

كوت ديفوار (أكبر منتج عالمي للكاكاو)

جنوب إفريقيا

السنغال

زامبيا

وتستورد مصر حبوب الكاكاو الخام من الخارج، ثم تُجري عليها عمليات التصنيع محليًا، وتُعيد تصدير المنتجات النهائية إلى الأسواق العالمية.