«ترامب وعدسة الصفقات التجارية».. ما الدروس الدبلوماسية المستفادة من لقاء زيلينسكي مع زعيم البيت الأبيض؟


بعد اللقاء الناري وحرب المناوشات الكلامية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بات على زعماء العالم الذي يدرسون عقد لقاء مع زعيم البيت الأبيض، أن يضعوا اجتماع ترامب وزيلينسكي تحت المجهر وتشريحه لاستخلاص الدروس المستفادة. 

ترامب وعهد جديد من السياسة الأميركية 

الرئيس الأمريكي أظهر نهج وسياسة صادمة ليس للداخل الأمريكي بل للمجتمع الأوروبي بشكل خاص، الذي سارع بحشد أصواته ودعم زيلينسكي حتى وإن كان هذا الدعم ليس لقناعة بمطالب كييف، وإنما لردع النفوذ الروسي، ويبدو مع ترامب الأمر مختلف الذي يتعامل مع الدول من منطلق تجاري، وليس من منطلق دبلوماسي، (مصالح متبادلة) أي استخدام لغة الأرقام، حتى وإن كان هذا الحليف يمثل تهديد للحلفاء الغرب، فالخطاب الدبلوماسي الذي تستخدمه الإدارة الأمريكية الحالية لم يعد يتبع نفس القواعد كما كان في الماضي.

زيلينسكي وترامب.. القيم والسياسة لا يجتمعان في مكان واحد! 

صحيفة Jerusalem Post العبرية نشرت تقرير مطول، تتحدث خلاله عن أوجه الدروس المستخلصة من اللقاء الذي دام لنحو 50 دقيقة بين الزعيمين، حيث أشارت أن زيلينسكي تعامل مع الاجتماع من (منظور أخلاقي وأيديولوجي)، وتحدث عن العدالة والقيم وهي مصطلحات لا توجد في قاموس ترامب الذي تعامل مع اللقاء من منطلق تجاري وأرسل رسالة واضح للعالم بشأن السياسة الخارجية الأمريكية في عهده وتتلخص:”لا مزيد من التحالفات التقليدية، فقط المصالح المتبادلة” .

وبموجب هذا النهج، إذا قدمت الولايات المتحدة المساعدة، فإنها تتوقع مقابلاً واضحاً. وتحل الاتفاقيات التجارية محل التحالفات. وإذا كانت أوكرانيا تريد الدعم الأميركي، فيتعين عليها أن تقدم شيئاً ملموساً في المقابل، ولكن زيلينسكي لم يتعامل مع الاجتماع باعتباره مفاوضات. بل اعتبره نداءً للقيم المشتركة، ونظرًا للعلاقات الدولية من منظور العدالة والإنصاف والالتزامات الأخلاقية. وحاول إقناع ترامب بأن أوكرانيا تمثل خط الدفاع الأخير للديمقراطية الغربية، متوقعًا الدعم غير المشروط. ومع ذلك، كان نهجه غير متوافق مع حقائق السياسة الخارجية لترامب.

بالنسبة لترامب، فإن فكرة أن الولايات المتحدة تعمل كحارس أخلاقي للديمقراطية أصبحت قديمة. إن إدارته تعطي الأولوية للمصالح الأميركية فوق كل شيء آخر. وفي حين أن الرئيس جو بايدن ربما رأى في أوكرانيا شريكا استراتيجيا، فإن ترامب يراها مدينة لها رصيد مستحق. ويتلخص هدفه في إعادة كتابة القواعد الجيوسياسية ــ لم يعد وضع الولايات المتحدة في موقع “زعيمة العالم الحر” بل كدولة تعمل لصالحها فقط.

في جوهره، كان هذا الاجتماع يمثل معركة حول السرديات. ويتلخص موقف ترامب في أن المساعدات الأميركية لابد أن تأتي بثمن. وحاول زيلينسكي تأطير معركة أوكرانيا باعتبارها صراعا أوسع نطاقا من أجل الديمقراطية، لكن هذا النهج فشل في إيجاد صدى في إطار معاملاتي.

دروس زيلينسكي للعالم

الدرس الرئيسي هنا هو أن زيلينسكي كان بحاجة إلى التحدث بلغة ترامب. فبدلاً من التركيز على الديمقراطية والقيم، كان ينبغي له أن يعرض قضية أوكرانيا من منظور المصالح الأميركية ــ الاقتصادية والاستراتيجية والجيوسياسية.كان ينبغي له أن يستخدم مصطلحات الأعمال: العائد على الاستثمار، والصفقات، والميزة التنافسية، بدلاً من المساعدات والالتزامات الأخلاقية. وكان بوسعه أن يصور روسيا والصين كمنافسين على موارد أوكرانيا، مؤكداً أن ترامب قادر على تأمين صفقة أفضل للولايات المتحدة، فالامتنان ليس عملة، والحجج الأخلاقية لا تفوق دائما الحسابات الاستراتيجية.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *