
جاءت قرارات البنك المركزي التركي الأخيرة بشأن أسعار الفائدة أقل تشدداً مما كان متوقعاً، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت سياسة التحول التي بدأ تنفيذها في عام 2023 مهددة بالانقلاب.
تشير رؤيتنا الأساسية إلى تحول جزئي عن الموقف المتشدد الحالي في عام 2027، مع تراجع العائد الحقيقي نحو 0%. أما السيناريو المتعلق بالمخاطر، فيشير إلى موقف أكثر تساهلاً بحلول أواخر 2026.
تستند توقعاتنا إلى افتراضين رئيسيين يتعلقان بالآفاق المالية والانتخابية. نحن نتوقع انتخابات رئاسية مبكرة في أواخر عام 2027، ونرجح تبني سياسة مالية توسعية بشكل متزايد قبيل موعد الانتخابات. ويؤدي ذلك إلى ثلاث سيناريوهات محتملة للمشهد النقدي:
الخط الأساسي: يقوم البنك المركزي بتنفيذ تخفيضات مدروسة في أسعار الفائدة خلال عام 2026، لينهي العام بسعر فائدة عند 23% (مما يحافظ على العائد الحقيقي المتوقع فوق 5%). بعد ذلك، يتجه صناع السياسات نحو موقف أكثر تيسيراً في النصف الثاني من عام 2027، ما يدفع سعر الفائدة دون 20% ويضع العوائد الحقيقية في نطاق يتراوح بين 0% و5%. ثم يلي ذلك عودة إلى سياسة نقدية مشددة في عام 2028 لكبح ضغوط الأسعار.
رغم اضطرابات الأسواق.. تركيا تتمسك بأمل السيطرة على التضخم
سيناريو التيسير: يستمر خفض أسعار الفائدة بوتيرة مفاجئة، مما يدفع العوائد الحقيقية إلى ما دون عتبة 5% في عام 2026، ثم إلى ما دون الصفر في النصف الثاني من عام 2027. ويعني ذلك أن سعر الفائدة الاسمي قد ينخفض إلى 13.5% بنهاية 2026، وقد ينخفض أكثر بعد ذلك.
سيناريو التشديد: إذا أدت الزيادة في الإنفاق المالي إلى تدهور آفاق التضخم، فقد يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة قبل الانتخابات الرئاسية. في هذا السيناريو، تبقى العوائد الحقيقية فوق 5% حتى عام 2027، مع بقاء سعر الفائدة عند أو فوق 25% اعتباراً من أواخر 2026.
تاريخياً تتجة تركيا إلى التيسير قبيل الانتخابات
من بين السيناريوهين المرتبطين بالمخاطر، نرى أن سيناريو التيسير النقدي هو البديل الأرجح؛ نظراً لسجل تركيا في تخفيف السياسة النقدية قبل الانتخابات. ومع ذلك، فإن مسار أسعار الفائدة لا يجب بالضرورة أن يكون في اتجاه واحد.
القضايا السياسية الجارية -بما في ذلك جلسة محكمة في 24 أكتوبر قد تؤثر على قيادة حزب المعارضة الرئيسي- قد تؤدي إلى تدهور معنويات المستثمرين وإضعاف الليرة، مما يفرض ظروفاً مالية أكثر تشدداً قبل أن يستأنف البنك المركزي التيسير النقدي.
ويمكن لصناع السياسات إدارة هذا الخطر قصير الأجل من خلال إعادة توجيه التمويل بين الأدوات المختلفة؛ على الأرجح بعيداً عن نافذة السياسة النقدية، حيث يبلغ سعر الفائدة حالياً 40.5%، إلى أداة الإقراض لليلة واحدة، حيث يقف السعر عند 43.5%.
أردوغان يؤيد خطة الاقتصاد التركي لكنه يجدد رفضه لأسعار الفائدة
وقد يتبع ذلك رفع في سعر الفائدة إذا استمرت الضغوط على الليرة وتراجعت الاحتياطيات؛ في تكرار للمسار الذي اتُبع بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المنتخب (والمرشح الرئاسي المحتمل) أكرم إمام أوغلو في 19 مارس.
كيف نقيس العائد الحقيقي
تعتمد طريقتنا في قياس العائد الحقيقي على مقارنة متوسط العائد المركب المتوقع خلال عام واحد على سعر إعادة الشراء لأسبوع واحد مع معدل التضخم المتوقع خلال نفس الفترة. وللتحليل التاريخي، نستخدم متوسط سعر الفائدة وتوقعات التضخم من مسح البنك المركزي التركي للمشاركين في السوق. أما بالنسبة لتوقعاتنا المستقبلية، فنستند إلى توقعاتنا لأسعار الفائدة والتضخم.
تُظهر فترات التشديد السابقة أن نسبة 5% تشكل عتبة حرجة؛ وهي الحد الأدنى الذي تحقق في عهد محافظي البنك المركزي السابقين مراد جتينكايا وناجي إقبال. أما الحد الأدنى الذي نعتمده عند 0% للعائد الحقيقي، فهو مستمد من فترة السياسة النقدية فائقة التيسير التي قادها شهاب قافجي أوغلو.
الانتخابات والموقف المالي التوسعي
نضع افتراضين بشأن الدورات الانتخابية والمالية. أولاً، نعتقد أن الانتخابات الرئاسية المقررة حالياً لعام 2028 ستُقدَّم إلى أواخر عام 2027. ونرى أن هذا هو المسار الأكثر ترجيحاً من بين المسارين المحتملين اللذين طرحهما نائب رئيس البرلمان (ووزير العدل السابق) لبقاء الرئيس رجب طيب أردوغان في منصبه.
أما التوسع المالي، فقد تم تضمينه بالفعل في البرنامج المتوسط الأجل الذي أعلنته الحكومة في وقت سابق من هذا الشهر. وافتراضنا بشأن تاريخ الانتخابات يعني ببساطة أن ذروة الإنفاق في الميزانية ستنتقل من عام 2028 إلى عام 2027.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج