جاك ما عاد لكن هل سيلتفت إلى مشكلة سائقي التوصيل؟

جاك ما عاد لكن هل سيلتفت إلى مشكلة سائقي التوصيل؟

سيكون ذكاءً أن يبذل جاك ما، الذي عاد بقوة إلى الشركة التي شارك في تأسيسها، مزيداً من الجهود لتحسين معيشة عمال التوصيل الذين يدعمون أكبر وحدة أعمال في مجموعة ”علي بابا“. بل سيكون ذلك خطوة ذكية في أكثر من جانب.

بعد أشهر فقط من مصافحته العلنية للرئيس شي جين بينغ، مُبشراً بعودة التفاؤل لشركات التقنية الصينية التي عززت سوق الأسهم، عاد ما إلى منصبه وأصبح أكثر انخراطاً في العمل بشكل مباشر مما كان عليه منذ سنوات، وفقاً لتقرير من بلومبرغ نيوز. رغم عدم وجود لقب رسمي له، إلا أن عودة رجل الأعمال الشهير رفعت الروح المعنوية.

هل يعيد جاك ما إلى “علي بابا” مجدها الضائع؟

كان ما أحد أكثر مؤسسي الأعمال في البلاد صراحةً في الزمن الماضي، وقد اختفى عن ساحة الشأن العام بعد وقت قصير من إدلائه بتصريحات انتقادية لاذعة في أكتوبر 2020 تناولت الهيئات التنظيمية المالية الصينية والبنوك التي تملكها الدولة.

كان ذلك الخطاب الذي استغرق 20 دقيقة هو الأغلى في تاريخ الشركات، إذ كلف “علي بابا” وشركتها التابعة “آنت جروب” – التي كانت على وشك الطرح العام الأولي في شنغهاي – نحو 877 مليار دولار من حيث القيمة السوقية المفقودة.

كما أدى إلى غرامة تقارب مليار دولار على “آنت جروب” وحملة قمع غير مسبوقة على شركات التقنية الأخرى والقطاع الخاص الأوسع.

ما بين الخطاب والعودة

تُغلق إعادة تأهيل ما رمزياً ذلك الفصل المظلم. لكنه يعود إلى شركة تواجه مجموعة تحديات مختلفة تماماً عما كانت عليه في سبتمبر 2019، عندما استقال من منصب الرئيس التنفيذي في عملية انتقال قيادة مُخطط لها.

في ذلك الوقت، كان ما يزال هناك حديث عن تجاوز الصين للولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم. كان ذلك قبل أن تتفجر أزمة العقارات في البلاد بشكل كامل. لم يكن مفهوم التراجع أو “نيجوان” قد ظهر بشكل كامل بعد، ناهيكم عن أن يصبح أولوية لتتعامل معها بكين.

أشاد المستثمرون بتوسع ”علي بابا“ الجريء في تطوير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فقد شهد قطاع التجارة الإلكترونية في الصين، الذي ما يزال أكبر مصدر دخل للشركة، تباطؤاً ملحوظاً، حيث تباطأ نمو قاعدة مستخدمي التسوق الإلكتروني إلى 1% فقط في عام 2024 مقارنةً مع العام السابق. لقد ولّت أيام استحواذ علي بابا على حصة سوقية تبلغ 85%.

“علي بابا” تعزز بصمتها في الذكاء الاصطناعي بترقية “Qwen”

في الواقع، منذ أطلقت شركة ”جيه دي دوت كوم“ (JD.com)، منافستها في مجال التجارة الإلكترونية، خدمات توصيل الطعام في فبراير متحديةً الاحتكار الثنائي السابق لشركتي ”ميتوان“ (Meituan) و“إيلي دوت مي“ (ele.me) التي تملكها ”علي بابا“، انخرط القطاع، الذي يبلغ حجمه 80 مليار دولار، في حرب أسعار شرسة.

استجابةً لذلك، خفض المحللون جماعياً أهدافهم لأسعار أسهم الشركات الثلاث. كتب محللو ”مورغان ستانلي“، بقيادة غاري يو، الشهر الماضي أنهم يتوقعون انكماش هامش قيمة المعاملات الإجمالية طويل الأجل لقطاع توصيل الطعام من 3.2% حالياً إلى 2%.

 منذ مايو، استدعت الهيئة التنظيمية العليا للسوق في الصين الجهات الفاعلة مرتين، وحثتها على الانخراط في منافسة عادلة. طُلب منها أيضاً حماية مصالح المطاعم، التي تشهد طاولات فارغة، وعمال التوصيل، الذين لطالما اشتكوا من انخفاض أرباحهم نتيجةً لاشتداد المنافسة.

وعد تنفيذه لن يكون سريعاً 

على الرغم من وعد الثلاثي الشهر الماضي بتخفيف حرب الأسعار، إلا أن أحداً لا يتوقع انتهاءها فعلياً. فالشركات عالقة في معضلة السجين التقليدية، بسبب خوفها من فقدان حصتها السوقية، مع أن الجميع سيكونون في وضع أفضل لو توقفوا جماعياً، وفقاً لفريق ”مورغان ستانلي“.

إن إنهاء المنافسة القائمة على الأسعار ليست مسؤولية أي طرف بعينه. لكن هنا تحديداً، يستطيع ما، الأكبر سناً وحكمة، بعد أن واجه سابقاً غضب الجهات التنظيمية، أن يتحرك استراتيجياً لتجنب مواجهة مباشرة مع السلطات في المستقبل. وقد أوضحت أن أولوياتها هي تعزيز التوظيف ومعالجة الانكماش في ظل تباطؤ الاقتصاد.

طاولات فارغة وأرباح متآكلة بفعل حرب توصيل الطعام في الصين

إحدى طرق تحقيق ذلك هي تخصيص حصة من الدعم البالغ 50 مليار يوان (7 مليارات دولار) الذي أُعلن عنه في أغسطس، وهو موجه حالياً نحو المتسوقين وتجار التجزئة، لزيادة دخل 4 ملايين سائق توصيل يعملون مع ”إلي دوت مي“. منذ أغلقت جائحة كوفيد المصانع وبدأ قطاع العقارات في التباطؤ في عام 2019، استوعبت أعمال التوصيل – حتى وإن كانت شاقة وخطيرة في كثير من الأحيان، وغالباً ما تكون مستقلة – ما يصل إلى 12 مليون باحث عن عمل.

هناك طريقة أخرى كي تنخرط ”إلي دوت مي“ في الأولويات الوطنية تتمثل في توسيع نطاق برنامج المزايا الذي كُشف عنه أواخر الشهر الماضي لتغطية 100% من المعاش التقاعدي والتأمين الطبي لجميع السائقين الذين يحققون أهدافهم باستمرار، بدلاً من الدعم الجزئي الذي أُعلن عنه.

قد يؤدي تقديم مزايا موسعة إلى تحقيق الهدف الإضافي المتمثل في تحسين الولاء وتسهيل استقطاب مزيد من السائقين. مع إمكانية الوصول إلى أسطول يضم 7.3 مليون سائق، أصبح لدى ”ميتوان“ ضعف عدد السائقين تقريباً.

بعد سنوات من العزلة، لا شك أن ما أصبح الآن أفضل في فهم ما يدور في الغرفة. إن تحسين أجور ومزايا عمال التوصيل من شأنه أن يساعد في تعزيز الأولوية الاستراتيجية في ”علي بابا“، والحفاظ على رضا المنظمين المهم.

نقلاً عن: الشرق بلومبرج

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف