تحظى المنتجات المصرية بسمعة مرموقة في الأسواق الدولية، حيث استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة بارزة في قطاعات تصديرية متنوعة، بفضل الجودة العالية والتنوع الكبير الذي تقدمه.
إلا أن السوق العالمية شهدت في الآونة الأخيرة نقلة نوعية وغير تقليدية في مسار الصادرات المصرية، تمثلت في ظهور منتج شعبي للغاية، ولكن في بيئة استهلاكية بعيدة تمامًا عن موطنه الأصلي: الخبز البلدي المصري.
الخبز البلدي.. من أفران القاهرة إلى رفوف “ترايدر جوز” الأمريكية
في تجربة مبتكرة وغير مسبوقة، أطلق عدد من الشباب المصريين مشروعًا لتصدير الخبز البلدي مجمّدًا إلى الولايات المتحدة، ليتحول هذا الرغيف التقليدي إلى منتج عالمي ينافس على أرفف واحدة من أشهر سلاسل المتاجر الأمريكية، Trader Joe’s.
وبحسب ما تم تداوله في مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يُباع الرغيف الواحد هناك بحوالي نصف دولار (نحو 25 جنيهًا مصريًا)، ورغم ارتفاع السعر مقارنة بالقيمة المحلية، إلا أن الإقبال عليه كان لافتًا، حتى أن الرغيف ينفد من المتاجر خلال أقل من ساعة يوميًا، حسب شهادات الجالية المصرية في أمريكا.
رمز ثقافي يتجاوز الحدود
ما يجعل القصة أكثر إثارة هو البعد الثقافي الذي يحمله الرغيف المصري؛ فهو ليس مجرد منتج غذائي، بل يُمثّل جزءًا من هوية تمتد جذورها إلى آلاف السنين، حيث ارتبط الخبز منذ العصور الفرعونية بالحياة اليومية والطقوس الاجتماعية والدينية. وها هو اليوم يعيد تأكيد مكانته، ليس فقط في مصر، بل في واحدة من أكثر الأسواق تنافسًا على مستوى العالم.
جودة بمعايير عالمية
تؤكد هذه التجربة الناجحة أن المخبوزات المصرية، وعلى رأسها الخبز البلدي، باتت قادرة على تلبية المعايير العالمية الصارمة. فقد أوضحت سلسلة Trader Joe’s أنها تعتمد على مورد رئيسي من القاهرة، في حين أشارت مصادر رسمية إلى أن جميع المنتجات الغذائية المصدّرة تمر عبر هيئة سلامة الغذاء المصرية، لضمان مطابقتها للمواصفات الدولية، ما يمكّنها من الدخول إلى أسواق قوية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
طفرة في صادرات الصناعات الغذائية المصرية
تعكس هذه القصة جزءًا من صورة أشمل لصعود الصادرات الغذائية المصرية. فقد أظهرت البيانات الرسمية أن صادرات الصناعات الغذائية خلال النصف الأول من عام 2025 سجلت رقمًا قياسيًا بلغ 3.365 مليار دولار، وهو أعلى مستوى نصف سنوي في تاريخ هذا القطاع، بزيادة قدرها 182 مليون دولار عن نفس الفترة من عام 2024، أي بنسبة نمو بلغت 6%.
خريطة الأسواق المستوردة
وفقًا للإحصاءات، توزّعت الصادرات الغذائية المصرية على النحو التالي:
الدول العربية: جاءت في الصدارة بقيمة 1.577 مليار دولار، رغم انخفاض بسيط بنسبة 4%.
الاتحاد الأوروبي: استورد منتجات مصرية بقيمة 715 مليون دولار، بنمو 2%.
إفريقيا غير العربية: بلغت صادراتها 249 مليون دولار، محققة نموًا بنسبة 9%.
الولايات المتحدة الأمريكية: سجّلت قفزة نوعية بصادرات قيمتها 230 مليون دولار، بنمو لافت بلغ 47%.
بقية المجموعات الدولية: استوردت بقيمة 585 مليون دولار، بنسبة نمو 29%.
من الرغيف إلى الريادة
تحمل تجربة تصدير الخبز البلدي رسائل عديدة، لعل أبرزها أن الهوية الثقافية يمكن أن تتحول إلى قوة اقتصادية إذا ما وُظفت بذكاء وابتكار. وهي أيضًا دعوة لمواصلة الاستثمار في جودة المنتج المصري، وتعزيز سلاسل التوريد والتسويق الخارجي، ليفتح الطريق أمام المزيد من النجاحات التي تبدأ من قلب مصر وتمتد إلى أنحاء العالم.
نقلاً عن : تحيا مصر