حرائق مدمّرة.. موجة حر خانقة تضرب أوروبا


تشهد القارة الأوروبية موجة حر غير مسبوقة، تضرب عشرات المناطق من إسبانيا غربًا إلى البلقان شرقًا، ما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة، وتسجيل وفيات وإصابات، وإجلاء آلاف السكان، وسط تحذيرات من استمرار الظروف الجوية القاسية حتى مطلع الأسبوع المقبل.

إسبانيا تواجه الكارثة: حرائق مميتة وآلاف النازحين

تُعد إسبانيا من أكثر الدول تأثرًا بهذه الموجة الحارة، حيث اندلعت عشرات الحرائق في مناطق مختلفة من البلاد، مما أدى إلى مقتل شخصين خلال 24 ساعة فقط.
أحد الضحايا لقي حتفه في حريق اجتاح بلدة تريس كانتوس شمال مدريد، التهم أكثر من 1500 هكتار، فيما قضى الآخر أثناء محاولته إخماد حريق بمنطقة ليون شمال غرب البلاد.

في ظل هذه الأوضاع، تم نشر أكثر من ألف جندي من وحدة الطوارئ العسكرية للمشاركة في عمليات الإطفاء والإجلاء. 

واضطر أكثر من 6 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم، قضى معظمهم ليلة كاملة في مراكز إيواء مؤقتة قبل عودتهم إثر تحسن نسبي في الأحوال الجوية.

أما في الأندلس، فقد تم إنقاذ منطقة سياحية بالكامل قرب مدينة طريفة من حريق هائل مساء الإثنين، في عملية وصفتها السلطات بأنها “استباقية وناجحة”.

كما شهدت مناطق أخرى مثل قشتالة وليون، ومنها موقع لاس ميدولاس المدرج ضمن التراث العالمي لليونسكو، عمليات إجلاء جماعية. واعتقلت الشرطة شخصًا يشتبه بإشعاله حريقًا دمر 2200 هكتار في مقاطعة أفيلا.

البرتغال: معركة مفتوحة مع النيران وسط البلاد

في البرتغال، لا تزال فرق الإطفاء التي تضم 700 عنصرًا، مدعومة بوسائل جوية ومتطوعين من السكان المحليين، تكافح حريقًا ضخمًا اندلع في منطقة ترانكوسو وسط البلاد. وتشير التقديرات إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات والمزارع، وسط دعوات حكومية لتعزيز الدعم الأوروبي والإقليمي.

اليونان تطلب المساعدة الأوروبية: عشرات القرى تُخلى

في اليونان، امتدت النيران إلى عدة مناطق حيوية، أبرزها جزيرة زاكينثوس السياحية وسواحل البيلوبونيز. وقد اضطرت السلطات إلى إخلاء أكثر من 20 قرية، فيما ارتفعت ألسنة اللهب إلى ارتفاعات كبيرة أعاقت جهود الإطفاء.

الحكومة اليونانية وجهت نداءً رسميًا إلى الاتحاد الأوروبي، طالبة دعمًا عاجلًا لمواجهة أكثر من 100 حريق نشط في أنحاء البلاد.

إيطاليا وفرنسا في حالة تأهب قصوى

في إيطاليا، أُعلنت حالة الطوارئ القصوى في 11 مدينة رئيسية، بينها روما، ميلانو، وتورينو. السلطات الصحية أصدرت تحذيرات بشأن موجة حر قد تتجاوز حاجز 45 درجة مئوية في بعض المناطق، ما يزيد من مخاطر الحرائق وضربات الشمس.

أما في فرنسا، فقد أعلنت الحكومة حالة الإنذار الأحمر لموجة حر في عدة مناطق جنوبية، خاصة بعد السيطرة بصعوبة على حريق ضخم أتى على نحو 16 ألف هكتار من الأراضي في الجنوب.

البلقان تحترق: حرائق مستمرة وأرقام قياسية في الحرارة

لم تسلم منطقة البلقان من تداعيات موجة الحر، حيث تستمر 14 بؤرة حريق نشطة في ألبانيا، بينما تكافح كرواتيا ومونتينيغرو حرائق واسعة أدت إلى مقتل جندي وإصابة آخرين.

كما سجلت كوسوفو أعلى درجة حرارة في تاريخها خلال يوليو الماضي، حيث بلغت 42.4 درجة مئوية، وهو ما اعتبره خبراء المناخ “ناقوس خطر على الأمن البيئي في المنطقة”.

القبة الحرارية: تفسير علمي وتهديد مستقبلي

يرى خبراء الأرصاد الجوية أن ما يحدث حاليًا ناتج عن ظاهرة تُعرف باسم “القبة الحرارية”، وهي منطقة من الضغط المرتفع تحبس الهواء الساخن لعدة أيام أو أسابيع، ما يؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة.

ويؤكد علماء المناخ أن التغير المناخي العالمي هو السبب الرئيسي في تكرار هذه الموجات وزيادة حدتها. وقد أظهرت بيانات وكالة البيئة البريطانية أن أكثر من نصف أوروبا، خصوصًا دول حوض البحر المتوسط، تعاني من جفاف غير مسبوق منذ بداية العام.

في إنجلترا، تم تسجيل النصف الأول من العام كـ”الأكثر جفافًا منذ عام 1976″، مما يثير القلق بشأن موسم الحرائق المحتمل.

العالم في مواجهة الطبيعة: رسالة واضحة من المناخ

تشكل هذه الموجة الحارة وحرائق الغابات التي صاحبتها جرس إنذار جديد للبشرية بشأن تداعيات تغير المناخ، حيث تتعرض القارة الأوروبية لموجات حر وجفاف تتكرر بوتيرة متسارعة وبتأثيرات أكثر تدميرًا عامًا بعد عام.

ويبدو أن أوروبا  ومعها بقية العالم  أمام واقع جديد يتطلب تحركًا حاسمًا على مستوى السياسات البيئية، وتوسيع جهود الحماية من الكوارث المناخية، بما يشمل الاستثمار في الطاقة النظيفة، وإعادة تشجير الغابات، وتعزيز البنية التحتية لمواجهة التغير المناخي.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *