
مع استعداد نادي النصر لخوض أولى معاركه في بطولة دوري أبطال آسيا “الثاني”، وبينما تنتظر الجماهير بفارغ الصبر رؤية فريقها المدجج بالنجوم يستهل مشواره القاري، أطلق المدرب البرتغالي جورجي جيسوس تصريحًا مفاجئًا أثار جدلًا واسعًا، لكنه في حقيقته قد يكون خدعة نفسية كبرى، ودرسًا متقدمًا في إدارة الضغوط.
فبينما كان الجميع يتوقع حديثًا عن أهمية البطولة، قلل جيسوس من قيمتها، معتبرًا أنها تأتي في مرتبة ثانية بعد دوري النخبة وشبه أهميتها بالبطولة العربية للأندية.
تصريح مثير بذاكرة من الماضي
هذا التصريح لم يكن عابرًا، بل يحمل في طياته الكثير من الدهاء، فالرجل الذي يقلل اليوم من أهمية البطولة العربية هو نفسه الذي خسر نهائيها المثير أمام النصر، عندما كان مدربًا للهلال.
تلك الهزيمة كانت مؤلمة، وهو يدرك تمامًا حجم الشغف الجماهيري والإعلامي الذي أحاط بتلك البطولة. إذن، لماذا يستخدمها الآن كمعيار للتقليل من قيمة مشاركته الحالية؟ هنا تكمن “خدعة جيسوس الكبرى”، وهي استراتيجية تذكرنا بالأساليب التي أتقنها مواطنه جوزيه مورينيو على مر السنين.
تخفيض التوقعات.. درع الحماية الأول
الهدف الأول من هذه الخدعة هو تخفيض سقف التوقعات، يعلم جيسوس أن النصر يدخل هذه البطولة وهو المرشح الأبرز على الورق. هذا اللقب لا يُنظر إليه على أنه إنجاز محتمل، بل واجب لا بد منه. أي نتيجة غير التتويج ستعتبر فشلًا ذريعًا، من خلال تصريحاته، يقوم جيسوس ببناء شبكة أمان نفسية له ولفريقه. فهو يرسل رسالة مبطنة مفادها: “هذه ليست بطولتنا الأساسية، فمكاننا الطبيعي هو النخبة”. بهذه الطريقة، إذا لم يحقق اللقب، يمكنه العودة ليقول إن التركيز كان منصبًا على أهداف أسمى، وبالتالي يخفف من حدة الهجوم والانتقادات.
إزالة الضغط عن كاهل النجوم
الهدف الثاني، والذي لا يقل أهمية، هو إزالة الضغط عن اللاعبين، النجوم العالميون في صفوف النصر، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، يعيشون تحت ضغط إعلامي وجماهيري هائل للفوز بكل شيء، التقليل من أهمية البطولة يحررهم نسبيًا من هذا العبء. بدلًا من الشعور بأن كل مباراة هي مسألة حياة أو موت، يمكنهم خوض غمار المنافسة بهدوء أكبر. جيسوس يحاول تحويل الضغط الخارجي الخانق إلى مجرد دافع داخلي للتحضير للمستقبل.
في النهاية، ما فعله جيسوس ليس جهلًا بقيمة البطولة، بل هو تكتيك مدروس من مدرب محنك يعرف كيف يلعب “لعبة العقل” خارج الملعب بنفس البراعة التي يدير بها المباراة داخله، لقد ألقى بالكرة في ملعب الإعلام والجماهير، وخلق درعًا واقيًا لفريقه قبل أن تبدأ المعركة. والسؤال الآن: هل ستنجح خدعته الكبرى في تأمين الهدوء اللازم للوصول إلى منصة التتويج؟
نقلاً عن: إرم نيوز