درس مهم في القيادة من مانشستر يونايتد وروبن أموريم

يقدّم البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد، درساً هاماً في الإدارة، لكنه من النوع الذي ينبغي على قائد أية مؤسسة تجنبه بأي ثمن.
أندية كرة القدم، حتى الأكثر نجاحاً منها، لا تحقق نفس الإيرادات أو الأرباح التي تصل إليها كبرى الشركات العالمية، حيث أصبح ريال مدريد أول نادٍ رياضي تتخطى إيراداته المليار دولار سنوياً، وهو رقم كبير في عالم الرياضة، لكنه يوازي تقريباً ما تحققه شركة “أبل” في يوم واحد. في إنجلترا، يحقق نادٍ بحجم إيفرتون إيردات سنوية تستطيع سلسلة سوبرماركت تيسكو البريطانية أن تجنيها في يوم واحد تقريباً.
ومع ذلك، لا يوجد فرق كبير بين نوعية المسؤوليات والضغوط التي يتحملها مدير فني لفريق بحجم ريال مدريد أو مانشستر يونايتد، والرئيس التنفيذي لشركة كبرى مثل “أبل”. يحاول تيم كوك طرح منتجات جديدة كل عام لزيادة الأرباح وإرضاء مساهمي الشركة وزبائنها. بالمثل، يسعى شابي ألونسو للفوز بألقاب كل البطولات التي يشارك فيها ريال مدريد لإرضاء رئيس النادي وملايين المشجعين.
بل يمكننا القول إن مدربي كرة القدم يتعرضون لضغط أكبر، حيث أشارت دراسة لشبكة “سكاي سبورتس” تناولت عامي 2019 و 2020 أن متوسط فترة بقاء مدربي الدوري الإنجليزي كانت 423 يوماً، مقارنةً بنحو 7 سنوات للرئيس التنفيذي لشركة مدرجة على مؤشر “إس.آند.بي 500″، وفقاً لدراسة منفصلة. لذلك ليس من النادر أن تستضيف شركة كبرى مدرباً رياضياً ناجحاً للحديث حول أسرار القيادة.
ماذا عن روبن أموريم.. محور الحديث هنا؟
مشكلة المدرب البرتغالي الشاب ليست النتائج السيئة التي يحققها مع مانشستر يونايتد (نسبة فوز الفريق تحت قياداته أقل من 30%)، أو خروجه من كأس الرابطة الإنجليزية هذا الموسم على يد فريق يلعب في الدرجة الرابعة، أو فشله في التأهل لأية بطولة أوروبية. المشكلة هي رفضه القاطع لتغيير طريقة لعب مانشستر يونايتد لأنه يرى أن هذا سيضعف من مكانته أمام اللاعبين.
تشعر من تصريحات أموريم العلنية (قال مازحاً ذات مرة إن بابا الفاتيكان نفسه لا يستطيع أن يقنعه بتغيير طريقة اللعب) أنه يرى أن التمسك بموقفه فضيلة تستحق الثناء. أموريم بالطبع ليس وحده، آنج بوستيكوغلو، مدرب نوتنغهام فورست الحالي، أصر على طريقة لعب هجومية واحدة أثناء قيادته توتنهام الموسم الماضي رغم تراجع نتائج الفريق (أنهى توتنهام الموسم في المركز 17). آنج، مثل أموريم، ظلّ يردد في كل مؤتمراته الصحفية أنه لن يغير من طريقة اللعب مهما كلف الأمر.
لكن ما يراه أموريم وآنج فضيلةً، هو في الواقع أحد أخطر أمراض القيادة الحديثة: الخلط بين الثبات على المبدأ والعجز على المراجعة والتطوير، وهي نقطة ضعف تجعل “عدم التراجع” مرادفاً للقوة والتحدي دون مراعاة ضرورة المرونة وتعديل المسار عند الحاجة.
الطريف أن آنج غيّر بالفعل من طريقته الهجومية في آخر مباراة لتوتنهام الموسم الماضي، والتي تغلب فيها على مانشستر يونايتد بهدف نظيف في نهائي بطولة دوري أوروبا. غير أن هذا لم يكن كافياً لمساعدته على تفادي قرار الإقالة.
لماذا يصبر مانشستر يونايتد على أموريم إذاً؟
علناً يصرح الملياردير جايمس راتكليف، المستثمر الرئيسي في نادي مالنشستر يونايتد، أن أموريم بحاجة إلى وقت كافٍ ليترك بصمته على الفريق.
بيد أن آلان شيرار، الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي والمحلل الكروي المعروف، يرى أن طرد أموريم سيسلط الضوء على قرارات راتكليف منذ توليه مسؤولية إدارة كرة القدم في النادي، ودفع تعويض ضخم للمدرب البرتغالي. هذا سيزيد بدوره من التحديات المالية التي يعاني منها مانشستر يونايتد، والتي اضطر معها راتكليف لتسريح عدد كبير من الموظفين وتقليص النفقات.
جيم راتكليف: إصلاح “مانشستر يونايتد” سيستغرق بعض الوقت
قد ينجح أموريم في قلب الطاولة على منتقديه وخصوم مانشستر يونايتد قريباً، وقد ينجح راتكليف في إعادته إلى موقعه كأحد أنجح الأندية في إنجلترا والعالم، غير أن هذا لن يأتي بالعناد. الدرس الأفضل هو اتباع نصيحة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرتشل الذي قال: “لكي تتحسن، عليك أن تتغير، ولكي تبلغ الكمال، عليك أن تتغير كثيراً”.
من تفضل كقدوة: تشرشل أم أموريم؟
نقلاً عن: الشرق بلومبرج