لمدة 4 ساعات فقط عملت الفنانة هند رستم صحفية في مجلة آخر ساعة، فترة زمنية يظنها البعض قصيرة، لكنها استطاعت الحصول على خبطة صحفية كبيرة، وهي تحاور الأستاذ عباس محمود العقاد في منزله.
كاد الحوار الذي أعد له الكاتب الكبير مصطفى أمين يفشل، بسبب خوف هند رستم من مقابلة الأستاذ، اتصلت بمصطفى أمين وأخبرته أنها لن تستطيع، ولكن مصطفى أمين رفض العذر، وأقنعها بإجراء المقابلة التي نشرت في المجلة قبل ثلاثة شهور فقط من وفاة الأستاذ عباس العقاد، ومايزال القراء يقبلون على قراءتها إلى اليوم.
أما هند رستم فاعتبرت لقاء الأستاذ العقاد أجمل لقاء لي في حياتها، وقالت تعليقا عليه: ،”كنت أرهب هذا اللقاء فعلا، لكني وجدته ينتظرني على السلم وقال لي (لقد التقى الهلال مع النجوم)، واستمر لقاؤنا حوالي 4 ساعات، ونصحنى العقاد ألا أعمل على أعصابي وأكون محترفة”.
في ذلك الوقت كانت هند رستم في أوج شهرتها ويعرض لها فيلم “شفيقة القبطية”، ومع ذلك لم تستطع النوم ليلة الحوار وأخبرت صحفى “آخرساعة” كمال سعد الذي أعد الحوار للنشر بمخاوفها قائلة: “ربما لأنى أتصور الفرق الضخم اللى بينى وبين هذا الرجل.. هو يجلس على قمة تجارب البشرية كلها ويضع فلسفة الإنسانية داخل برشامة فى رأسه.. وأنا كل تجاربى معدودة.. قعدت أسأل نفسى طوال الليل: يا ترى بأى لغة حتقدرى يا هند تتكلمى مع عملاق الأدب والصحافة؟”.
إعجاب العقاد بهند رستم
جلست هند بجان الأستاذ هباس العقاد ترتدى فستانا أسود وقور، لكن المفاجأة كانت في بساطة استقبال العقاد لها، انتظرها مع كمال سعد، خارج شقته، ويحكى سعد عن كواليس اللقاء قائلاً: “كل ما تصورته هند رستم عن عداء أستاذنا العقاد للمرأة ذاب بمجرد مقابلته لها، فقد وجدناه فى انتظارنا خارج شقته، وعلى وجهه ابتسامة لم أرها فى كل المقابلات التى زرته فيها”، وما أن استقروا جميعا فى غرفة الاستقبال حتى فاجأ العقاد هند بقوله إنها نجمته المفضلة، ثم أضاف: “اكتشفت الآن أن الحقيقة أروع من الخيال، فأنا أهنئك بالموهبة الطبيعية، والوجه المعبر، فأنت فى رأيى لست ملكة الإغراء، ولكنك ملكة التعبير”.
لم ينس العقاد أن يبدي إعجابه بقدراتها في فيلم “شفيقة القبطية”، وتقديره لأدائها التعبيرى المتمكن قال لها: “أنت فى رأيى أقرب إنسانة إلى سارة، ولذا فأنا أرشحك لتمثيل هذا الدور، أنك سارة نفسها، بكل ما فيها من ذكاء الأنثى، وطبيعة الأنثى، ورغبتها فى أن تستجيب، والفارق الوحيد بينك وبين سارة هو أن الناحية العصبية عندك طاغية، وهى على عكسك، لدرجة أنك لو أقفلت شفتيك بدون كلام لمدة خمس دقائق لارتعشنا على الفور”.
و”سارة” هى بطلة الرواية الوحيدة التي كتبها الأستاذ عباس العقاد، وهي حبيبته التي فرقت بهما السبل، فظلت ذكراها عالقة فى نفس العقاد وقلبه لدرجة أنه قال عنها : “إنها أنثى مائة فى المائة، وهى مليئة بالإحساس العاطفى والجسدي، وسارة فى تجربتها معى كانت تأخذ صف الرجل فى كل المواقف، فكنت إذا حدثتها عن خناقة بين زوجين كان شعورها على الفور يذهب مع الرجل”.
رأي هند رستم في الرجل
هند رستم أيضا اتفقت مع سارة وهي تقول له: “عندها حق، وأنا دايما أؤيد الرجل، وأحس أنه كل شيء فى حياة المرأة، وبدونه تكون الحياة بالنسبة للست عبارة عن صحراء، لأنه هو اللى بيحميها، وهو اللى بتحمل اسمه، وهو اللى تفتخر بيه”، وأضاف العقاد سريعا: “وهو الذى تضيف وجودها لوجوده”، وهنا تساءلت هند: “لكن من كلامى مع الأستاذ العقاد، واضح أنه بيحب المرأة قوى”، انفجر العقاد فى ضحكة من أعماقه، خلدها مصور “آخرساعة” الفنان الراحل محمد بدر، ليقول العقاد: “قوى جدا”، ثم عاد بظهره إلى الوراء على الكنبة التى كان يجلس عليها ووضع ساقاً فوق ساق، وقال لها: “ومين قال لك إنى عدو المرأة؟ أنت بتصدقى أنى عدو المرأة! ده كلام فارغ، أنا بحب المرأة الطبيعية، وهى امرأة كأم أو زوجة أو عاشقة.. لكن المرأة اللى نسخة ثانية من الرجل؛ أعمل بيها إيه؟ أنا الذى أنكره أن تكون المرأة نسخة مكررة من الرجل”.
اعترافات العقاد لهند رستم
وفي اللقاء اعترف العقاد لهند رستم بضعفه البشرى أمام المرأة، قائلا: “أومن بالحب والإرادة، وأنا فى الواقع ضعيف أمام العاطفة.. إلى درجة أنى كنت لا أستطيع أن أنام أو أصحو إلا على صورتها (أى صورة حبيبته) التى علقتها أمام سريرى.. وعندما أردت أن أنساها لجأت إلى الفن… فأحضرت لوحة لتورتة عليها صرصار وإلى جوارها كوب من العسل يتساقط فيه الذباب، ووضعت هذه اللوحة المنفرة بدلا من صورتها”.
هند تسأل العقاد عن زيارة بيت الله الحرام
قالت هند للعقاد: فيه حاجة شاغلة بالى الأيام دي، أنا عايزة أزور بيت الله، فهل حرام أن الفنان يزور بيت الله ويرجع يشتغل فى السينما؟ وأسرع يقول لها: أبدا… لا حرام ولا حاجة! قالت له: “أنا لغاية دلوقتى ما سألتش حد من علماء الدين. فرد العقاد: لا.. لا.. الفن؛ فن التمثيل، غير محرم مطلقا، لكن الحرام هو الخلاعة… رأيى أنا شخصياً أنه لا يوجد حرام فى التمثيل، لكن عندما أتكلم بصفة الدين أقول إن الخلاعة حيثما كانت غير جائزة شرعاً”.
العقاد لا يخاف من الموت
وسألت هند العقاد من جديد ولكن هذه المرة عن الموت : “فيه حاجة تانية برضه، عايزة أسألها، كل إنسان مؤمن بالله، وأنا مؤمنة بالله، لكن الحاجة الوحيدة اللى بأخاف منها هى الموت”، رد العقاد الذى لم يكن يعلم أنه على بعد شهور قليل من الموت “شوفى.. أنا شخصيا لا أخاف الموت، ولو شرف فى أى وقت أقول له اتفضل، ويمكن الشيء الوحيد اللى بأخاف منه هو المرض”، تساءلت هند: “يمكن لأنك ماتجوزتش قبل كده وما عندكش أولاد”.
أسباب عدم زواج العقاد
شرح العقاد لهند أسباب عدم زواجه قائلا: “أنا لم أتزوج لأننى كنت فى دور جهاد، وجدت نفسى بعده وعمرى 42، وهى سن لا تصلح للزواج”، لكن هند ردت قائلة: “بس أربعين يا افندم دى سن الرجل الكامل والإنسان مايفهمش قيمته إلا وهو فى سن الخمسين… لكن غير معقول أنك لست نادمًا على عدم زواجك، فرد عملاق الأدب: أنا لا أندم على شيء فات، وأشار إلى أن الخوف من الموت بينشأ “من فرط الحساسية ولو بحثت فى نفسك حتلاقى حاجات تانية بتخافى منها زى خوفك من الموت بالضبط”.
رأي العقاد في مانرين مونرو
سألته عن رأيه فى مارلين مونرو، وأجاب الكاتب الكبير: “مارلين مونرو كانت هى الإغراء، إنها أنثى ناقصة تكوين، وأمها مجنونة، ولذا كل الذى كانت تفعله عبارة عن تعويض لشعورها بنقص الأنوثة، فمارلين عبارة عن امرأة عايزة وسائل تجذب بها الأنظار، عايزة تثبت أنوثتها بأى طريقة، للدرجة أنها فى سبيل أن تكون أنثى رضيت برجل يهودى وغيرت دينها وتزوجته، وأنا رأيت لها صورا كثيرة وفى الواقع أنها مبالغة جدا فى حركاتها.
طلب غريب من هند رستم
واختتمت هند رستم الحوار بطلب غريب من العقاد وهو أن يشبه الرجل والمرأة بالحيوانات، فقال عملاق الأدب: “شوفى بقى.. لو أنا مصور بأعمل موديل لن أشبه الرجل بالأسد والمرأة بالغزال، أو أقول إن الرجل نسر وإن المرأة بلبل، لكن التشبيهات دى فى رأيى غير صحيحة! الرجل فى رأيى هو الشمبانزي، والمرأة هى الأرنب” ولم يتوقف عند تعجب هند رستم، وتابع: “الأسد حيوان وبس، لكن الشمبانزى حيوان حساس، الأسد قوى وبس، لكن التانى وليف وممكن يفهمك، ولو فيه فى حديقة الحيوان عندنا أورنجتان، يمكن الرجل الطبيعى فى خيالى هو الأورنجتان”، وشبه المرأة بالأرنب لأنه مثلها “فى النعومة والتجسس والتحسس والولع بالسراديب”.
انتهى حديث هند رستم مع العقاد، وعلقت على الحوار بجملة واحدة: سأرسل باقة أزهار إلى العقاد وعليها نفس الكلمات، نفس المعانى التى شعرت بها: لن أنسى فى حياتى طعم هذه المقابلة!
نقلاً عن : تحيا مصر
- تذكار نياحة انبا حديد القس تحتفل الكنيسة اليوم بالقديس - 12 مارس، 2025
- إحالة مديري مدرستين إعدادي للتحقيق في دمياط.. اعرف السبب - 12 مارس، 2025
- العدادات الكودية غير متوفرة.. البرلمان يتحرك بسبب ارتفاع سعر الممارسة الكهربائية - 12 مارس، 2025
لا تعليق