رسالة فنية.. حسام حسن يكشف أكبر خطأ ارتكبه سلوت
في خضم المعارك الكروية الشرسة التي تشهدها ملاعب كأس الأمم الإفريقية 2025، وبينما تتوجه الأنظار نحو صراع اللقب، كان هناك صراع تكتيكي خفي يدور عبر القارات، طرفاه هما حسام حسن، المدير الفني لمنتخب مصر، وآرني سلوت، مدرب ليفربول الإنجليزي.
“العميد” المصري لم يكتفِ بقيادة الفراعنة للفوز في الجولة الافتتاحية أمام زيمبابوي، بل قدم درسًا مجانيًّا ومرافعة فنية بليغة لنظيره الهولندي، كاشفًا عن أكبر خطأ يرتكبه الأخير في حق أسطورة الريدز، محمد صلاح.
درس زيمبابوي.. اللمسة الواحدة تغني عن ألف مراوغة
المشهد الذي حسم به صلاح المباراة لم يكن مجرد هدف بثلاث نقاط، بل كان إعلانًا عن الميلاد الجديد للاعب بلغ الـ33 من عمره، في الدقيقة الحاسمة، لم نشاهد صلاح يركض لمسافة 50 مترًا، أو يدخل في سباق سرعة مع ظهير يصغره بعقد من الزمان، ولم يراوغ ثلاثة مدافعين كما كان يفعل في حقبة 2018.
ما فعله صلاح مع حسام حسن هو تطبيق حرفي لمفهوم اقتصاد الجهد مقابل دقة الإنتاج، تمركز ذكي في عمق منطقة الجزاء، قراءة مسار الكرة قبل المدافعين، ولمسة واحدة قاتلة سكنت الشباك.
حسام حسن، الهداف التاريخي الذي يعرف بالفطرة أين تسكن الخطورة، أدرك أن صلاح اليوم لم يعد الجناح الطائر، بل تحول إلى الثعلب القاتل. هذه النسخة من صلاح لا تحتاج لمساحات شاسعة، بل تحتاج فقط لنصف متر خالٍ من الرقابة داخل الصندوق لإنهاء المباراة.
عناد الهولندي.. الهروب من حتمية البيولوجيا
على النقيض تمامًا في الآنفيلد، يبدو المشهد أشبه بمسرحية عبثية، يصر سلوت على تجاهل حقائق البيولوجيا والسن، متمسكًا بتوظيف صلاح كجناح أيمن كلاسيكي، هذا التوظيف يفرض على الملك المصري أعباءً بدنية لم يعد جسده قادرًا على تلبيتها بالكفاءة ذاتها؛ من ارتداد دفاعي مرهق، إلى ضرورة التفوق في المواجهات الفردية (1 ضد 1) على أطراف الملعب.
النتيجة الحتمية لهذا العناد هي ظهور صلاح بمظهر المنتهي أو العاجز بدنيًّا في مباريات البريميرليغ، بينما الحقيقة أنه مجرد ضحية سوء استخدام.
سلوت يطلب من صلاح أن يعزف لحنًا سريعًا بأدوات أصبحت تميل للكلاسيكية والهدوء والتركيز، وهو ما التقطه حسام حسن فورًا، فحرر صلاح من قيود الخط الجانبي وألقى به في قلب المعركة حيث الخبرة تغلب السرعة.
فخ الملايين.. الكبرياء الإداري يغتال المنطق الفني
ولكن، هل يعجز مدرب بحجم سلوت عن رؤية ما رآه حسام حسن؟ الإجابة هنا تتجاوز حدود الملعب لتدخل في دهاليز الإدارة، المعضلة الكبرى التي تكبل يدي المدرب الهولندي ليست عمى فنيًا، بقدر ما هي ورطة إدارية.
لقد ورط سلوت نفسه، وأقنع إدارة ليفربول في الصيف الماضي، بإنفاق ملايين الدولارات للتعاقد مع مهاجمين صريحين لتدعيم الفريق هما هوغو إيكيتيكي وألكسندر إيزاك.
هذه الصفقات الجديدة هي رهان سلوت الشخصي ومشروعه للمستقبل، هنا تكمن الكارثة؛ فالاعتراف بأن مركز صلاح الجديد هو رأس الحربة يعني بالضرورة حرق أوراق هذه الصفقات الجديدة وإجلاس استثمارات النادي الضخمة على مقاعد البدلاء.
التحول للمنطق الذي طبقه حسام حسن يعني اعترافًا ضمنيًّا من سلوت بفشل رؤيته في الميركاتو، أو تسرعه في الحكم، لذا، يجد المدرب نفسه مضطرًا للتضحية بأسطورة الفريق في مركز غير مناسب (الجناح)، واستنزاف طاقته في مهام مستحيلة، فقط ليحمي البرستيج الخاص بصفقاته الجديدة ويبرر الأموال التي أُنفقت عليها.
الخلاصة.. روشتة إنقاذ أم شهادة وفاة؟
ما حدث في مباراة مصر وزيمبابوي هو جرس إنذار عالي الصوت. حسام حسن أثبت للعالم أن الذهب لا يصدأ إذا وُضع في مكانه الصحيح. صلاح لا يزال يمتلك السم الكروي، لكن مفعوله يظهر داخل الصندوق لا خارجه.
الكرة الآن في ملعب آرني سلوت؛ أمامه خياران لا ثالث لهما: إما التواضع وقبول الهدية الفنية القادمة من إفريقيا، وتوظيف صلاح كمهاجم صريح لإنقاذ موسم ليفربول حتى لو كان الثمن إحراجًا إداريًّا، أو الاستمرار في المكابرة والعناد؛ ما قد يكتب السطور الأخيرة المؤلمة في مسيرة محمد صلاح مع الريدز، ويحرم الفريق من أهداف محققة تضيع تحت أقدام لاعبين أقل خبرة، بينما الملك يلهث وراء كرة طائشة بجوار الراية الركنية.
نقلاً عن: إرم نيوز
