رفع التصنيف الائتماني.. الإشادات الدولية مستمرة بتحسن مؤشرات الاقتصاد المصري

بعد سنوات من التحديات الاقتصادية، تبدأ معطيات الواقع في القاهرة تشير إلى منعطف تاريخي جديد، حيث تتدفق التقارير الدولية والأرقام المحلية لتؤكد تحسناً غير مسبوق في أداء الاقتصاد المصري، لا تقف عند حدود تحسن مؤشرات النمو فحسب، بل تمتد لتشمل تعافي الجنيه المصري وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، في مشهد شامل يعيد تعريف مكانة مصر في الخريطة الاقتصادية العالمية.
رفع التصنيف الائتماني إشارة انطلاقة
شكل قرار وكالة “ستاندرد أند بورز” العالمية رفع التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى “B” مع تثبيت النظرة المستقبلية عند “مستقرة”، إشارة البدء لهذا التحول الكبير. وجاء القرار الذي يمثل الأول من نوعه منذ سبعة أعوام، تتويجاً لحزمة الإصلاحات الهيكلية والمالية التي نفذتها الحكومة خلال الـ18 شهراً الماضية، والتي أسهمت في تعزيز مرونة الاقتصاد وتحسين الأوضاع الخارجية وزيادة تدفقات النقد الأجنبي.
وقد أكدت الوكالة في تقريرها المفصل أن هذا التعديل يعكس التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد الكلي، متوقعة استمرار وتيرة الضبط المالي خلال الفترة المقبلة بشكل تدريجي، في إطار الموازنة بين متطلبات النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدة الإيرادات العامة.
“موديز” تدعم التقييم الإيجابي لمصر
لم يكن قرار “ستاندرد أند بورز” وحده في الميدان، فقد سبقته مؤسسة “موديز” في أبريل الماضي إلى رفع التصنيف الائتماني لمصر بدرجة واحدة للاقتراض طويل الأجل، ليصل إلى B3 مع الإبقاء على النظرة المستقبلية “مستقرة”.
ويحمل هذا التطور أهمية بالغة كونه الأول منذ بدء التصنيف السيادي لمصر في 1997، خاصة بعد خمسة تخفيضات متتالية منذ عام 2011. وقد عزت المؤسسة قرارها إلى تزايد معدلات النمو الاقتصادي وتوقعات استمرار الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط، متوقعة ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي إلى 4.5% خلال العام الجاري، وصولاً إلى ما بين 5 و6% خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
تصريحات وزير المالية عن الإصلاحات
في هذا السياق، علق وزير المالية الدكتور أحمد كجوك بأن قرارات التصنيف تمثل “شهادة ثقة في برنامج الإصلاح الوطني”، مؤكداً أنها تعكس إدراك المؤسسات الدولية لجدية الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي. وأشار إلى أن السياسات المنفذة على مدى الأعوام الماضية بدأت تؤتي ثمارها بشكل ملموس، حيث أصبحت الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنتائج الإيجابية المتحققة محل تقدير متزايد من المستثمرين والمؤسسات الدولية.
وأوضح أن الحكومة تعمل بشكل متسق ومتكامل لمواجهة التحديات ومواصلة الإصلاحات لدعم النمو وتعزيز تنافسية الاقتصاد، مما ينعكس إيجاباً على جودة حياة المواطنين وقدرة مصر على المنافسة عالمياً.
مؤشرات إيجابية تعزز الصورة الاقتصادية
وتشير المعطيات إلى عشرة مؤشرات رئيسية تعزز هذه الصورة الإيجابية، يأتي في مقدمتها صعود الجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى أدنى مستوى منذ تعويم مارس 2024، مدعوماً بارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 49.25 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي.
كما تظهر المؤشرات تحسناً ملحوظاً في مؤشرات القطاع الخارجي، حيث انخفض الدين الخارجي إلى 155.093 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، فيما سجلت تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفاعاً قياسياً بنسبة 49.7% خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي لتصل إلى 23.2 مليار دولار.
البنك المركزي يدعم التيسير النقدي
ويواصل البنك المركزي المصري دورة التيسير النقدي حيث قرر في أكتوبر الماضي خفض أسعار العائد الأساسية بمقدار 100 نقطة أساس، مما يعزز الثقة في سوق الأعمال ويزيد من شهية المستثمرين.
كما تشير توقعات البنك إلى تراجع التضخم ليتراوح بين 12 و13% في المتوسط خلال الربع الثالث من 2025، مقابل 15.2% في الربع السابق. وفي مجال النمو، يتوقع البنك توسع النشاط الاقتصادي بمعدل 5.4% خلال الربع الثاني من 2025، ليسجل خلال العام المالي 2024/2025 معدل نمو حقيقي قدره 4.5% في المتوسط مقارنة بـ2.4% خلال العام المالي السابق.
توقعات إيجابية من المؤسسات الدولية
وتعزز هذه الصورة الإيجابية التوقعات المشجعة للمؤسسات الدولية وبنوك الاستثمار، حيث يرى بنك “غولدمان ساكس” أن الجنيه المصري لا يزال مقوماً بأقل من قيمته العادلة بنحو 30%، مما يعزز فرصه في تحقيق مزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة.
هذه التوقعات تأتي في ظل استمرار تدفقات المحافظ الاستثمارية وتحسن المؤشرات النقدية، مما يعكس ثقة متجددة في قدرة الاقتصاد المصري على استكمال مسيرة التعافي ومواصلة تحقيق الإنجازات على طريق الإصلاح الاقتصادي الشامل.
نقلاً عن: تحيا مصر