من يقول إن الجماد لا ينطق، ولا يشعر، فهو لم يقرأ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. فالجماد يسبح لله كغيره من المخلوقات وينفعل كالإنسان وهو ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يوصينا بالرفق بالجماد.
ولا يمكننا أن نتخيل الحياة بدون جماد.. أن نتصور العالم بدون ملابس، وبيوت، ووسائل مواصلات واتصالات.. ولا نستطيع الإجابة عن السؤال: أين سيذهب الإنسان لو اختفت الشوارع، والجبال، والبحار والأنهار؟!
الجماد هو الخادم الذي سخّره الله لنا.. بواسطته نستطيع تدبير أمورنا وقضاء حوائجنا، وعن طريقه تستمر الحياة بأقل قدر من التعب وأكبر قدرا من الاستمتاع.
علاقة من الحياة توجد في الإنسان والجماد
يشير د. صلاح العادلي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إلى أن أجناس الموجودات في الكون أربعة مشهورة وهي من أدنى إلى أعلى: جماد، نبات حيوان، إنسان، وكل منها يخدم ما فوقه فالجماد مثل الشمس والماء يخدم النبات، والنبات يخدم الحيوان، والحيوان يخدم الإنسان، والإنسان بدوره يخدم بالعبادة التي تنقسم إلى اثنتين: الأول متجه إلى السماء والثاني إلى الأرض حسب توجيه السماء، وهو يتمثل في عمارة الأرض وعلاقة الإنسان بالأجناس التي تحته ومنها النبات وتحدد علاقته بالسماء بالله عز وجل.
ويضيف: جمع القرآن الأجناس الأربعة مرة واحدة في الأية المشهورة في سورة الإسراء ” وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تسمعون تسبيحهم”، وقوله تعالى في سورة الحج” ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم”، وفي ضوء الأية نستطيع ان نستنتج أن كل جنس له مهمة إما تسخير وإما اختيار، فمهمة الجماد تسخيرية ولذلك لا تقع منه معصية، وإنما تسبيح وطاعه وتسخر لما فوقه وأعلى منه.
بعد ذلك نجد السنة النبوية تخرج بعض أنواع الجمادات بالذكر وتبين أن له سماعا وتسبيح وعبادة مثل الحديث الصحيح ” أُحد جبل يحبنا ونحبه” وفي حديث أخر أن النبي خاطب جبل أحد وسمعه الجبل فقال له “إثبت أحد فإن عليك نبي وصديقين وشهيدان”، وهذا من النظرة الشرعية وإذا طابقناها بالنظرة العلمية والتجريبية في العلم الحديث لوجدنا بالفعل نه في داخل الجماد يوجد إحساس وهناك قوانين مثل قانون الطاقة المتاحة الذي يبين أنه في باطن الأرض حرارة تقل تدريجيا حتى يفنى الكون، والشاهد هنا أنه في داخل جسم الإنسان حرارة مسئولة عن حياته وفي باطن الكون حرارة مسئولة عن حياته أيضا وإذا وجدنا جسمه يبرد تخرج منه الحرارة وكذلك الكون، وهذا التشابه الجزئي لو طابقناه لوجدنا أن هناك علاقة من الحياه توجد في الإنسان والجماد.
ويشرح: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته فتح الباب برفق وإذا خرج أغلق الباب برفق، وقال “ما وجد الرفق في شيء إلا زانه” وشيء هنا تفيد العموم أي أننا مطالبين بالرفق مع كل شيء وحينما نهانا أن نقطع الشجر ليس ذلك من أجل الشجر فقط ولكن لأن هناك علاقة بين الشجرة والتربة فهو إماتة للشجرة وللتربة التي تغذي الشجرة، وحينما قال ” إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة” فليس فقط دعوة للعمل إلى أخر لحظة ولكن فيها حق الحياه للفسيلة والأرض التي تتفاعل معها، وكل هذا يبين أن الجماد وإن كان خادما للإنسان إلا أن فيه حياة ووجود والإنسان بكل روحه وإرادته أعلى وأرقى، ويتساءل: لماذا سمي سيدنا آدم بهذا الإسم؟ سمي حينما نفخت فيه الروح لأنه كان مادة وبعد أن نفخت فيه الروح سمي أدم من الإدام والشاهد هنا أنه مكون من جزئين وهو الجماد أي المادة والروح التي تحل محل العاطفة فكلاهما متكاملان فالمادة جزء من الإنسان لكنها أدنى ويعلوها فكره وخلقه وعقله.
طريقة تعاملك مع الجماد تعبر عن شخصيتك
ويؤكد د. رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجنمع بجامعة حلوان أن ما يقتنيه الإنسان من أشياء وطريقة تعامله معها يعبر عن شخصيته فهناك من يجمع التماثيل وأخر يهوى جمع الكتب وغيرهم يعشق الزهور، فبمجرد نظرة واحده على بيت الشخص يمكنك معرفة ميوله أو عمله أو هوايته فتجار السلاح على سبيل المثال دائما ما نجد منازلهم مزينة بالأسلحة والسيوف وغيرها، والموسيقيين يملأون بيوتهم بالآلات الموسيقية، والرسامين الذين تتناثر فرش الرسم الخاصة بهم في المنزل.
أما شكل الأشياء وترتيبها فيعرفك بطبيعة الشخصية، إذا كان كسولا أو يملك طموحا، فما يمتلكه الإنسان ليس قيمة في حد ذاته إلا إذا أضفى عليه من طباعه ومزجه بشخصيته وأسبه منها، ومن ناحية أخرى ما فائدة الممتلكات إلا إذا كانت تبرز بشكل جمالي!
طبيعة المكان أيضا ترشدنا إلى العصر الذي صنعت فيه فمرحلة الخمسينيات والعصر الملكي تشتهر بالشوارع المتسعه والقصور والبيوت الواسعة، وفي فترة التحول الإشتراكي كانت الضرورة لخلق مساكن كثيرة للفقراء بغض النظر عن المظهر الجمالي، والمرحلة الحالية هي الشقق المعلبة، وينقسم المجتمعات حاليا إلى قسمين الأول مهتم بالأرستقراطية وهي المدن البلاستيكية المغلقة على قاطنيها مثل الصوب البلاستيكية يرون الشمس ولا تؤثر فيهم ولا تخترق أبدانهم، آخرين في المناطق الشعبية المعرضة للشمس طوال الوقت فاحترقت، فأصبح لدينا جيل مرفه وأخر يموت من أجل لقمة العيش، وبينهما الطبقة المتوسطة التي تعيش في عمارات عادية.
نقلاً عن : تحيا مصر
- التقييمات الدورية تدعم الطلاب الضعفاء وتحسن مستواهم - 4 مارس، 2025
- أمن الفيوم يفض مشاجرة بالأعيرة النارية بين عائلتين بمركز اطسا - 4 مارس، 2025
- وزيرة التنمية المحلية تستقبل رئيس حزب الجبهة الوطنية - 4 مارس، 2025
لا تعليق