في قلب رمضان، حيث تكتمل الأجواء بنكهة خاصة، يبرز في الذاكرة برنامج “فوازير فطوطة” الذي كان يشكل جزءاً لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل في زمن مضى، كانت فطوطة، الشخصية المحبوبة التي قدّمها الفنان الراحل سمير غانم، بمثابة الحلم الذي يلوّن ليالي رمضان بحكاياته الممتعة وألغازه الطريفة التي تتحدى الذكاء وتبعث الفرح في القلوب.
كان “فطوطة” بمثابة الفارس الذي يقود جمهور الأطفال والكبار على حد سواء في رحلة ممتعة من الأسئلة والأجوبة، تتراءى من خلالها خيوط المعرفة بلون المرح، وينتشي الجميع بمذاق الفوازير التي أضافت إلى السهر طعماً خاصاً لا يكتمل إلا بها، ولم تكن مجرد فوازير عابرة، بل كانت علامة فارقة في تاريخ البرامج الرمضانية التي امتزجت بالحكايات الشعبية والفكاهة الراقية.
في كل حلقة من الحلقات التي كانت تبث على الشاشة الصغيرة، كان فطوطة يقفز من خلف الشاشة متألقاً بجوابه الغريب على الأسئلة، يضحك الأطفال ويضحكون معه، وتستحضر القلوب الذكريات العتيقة لأيام كان فيها التلفزيون هو نافذتنا إلى عالم الفرحة والابتسامة.
كانت الفوازير تغزو البيوت وتجمع العائلة على ساحة واحدة، يطرح فيها فطوطة السؤال وتبدأ المسابقة، ومعها يبدأ العرض الرمضاني الأروع، أما عن لغز كل حلقة، فقد كان يتناول موضوعات مختلفة، تارة فنية وتارة اجتماعية، ولكن الثابت كان دائما الأجواء المبهجة والضحكات التي تزين المساء.
كانت فطوطة، ولا تزال في ذاكرة الكثيرين، أحد الوجوه التي أضأت ليالي رمضان، وخلدت في قلوب الأجيال التي عاصرتها.
ومع مرور الزمن، ورغم تطور وسائل الإعلام وتغير الذائقة الجماهيرية، تبقى فوازير فطوطة علامة لا يمكن نسيانها، تذكرنا بتلك الأيام الجميلة التي كانت فيها الرمضانات أكثر بهجة، حيث تختلط الفوازير بالفكاهة الطيبة وتصبح جزءاً من تراثنا الرمضاني.
في عالم سريع التغير، تظل فوازير فطوطة رمزاً للفن البسيط الذي يخلق الفرح من خلال الكلمة والفكرة، وحكاية تذكّرنا بأن البهجة كانت دومًا حاضرة في الذكريات التي لا تموت.
نقلاً عن : اليوم السابع
لا تعليق