سباق استثماري خليجي على مصر.. والسعودية في الصدارة

سباق استثماري خليجي على مصر.. والسعودية في الصدارة

في ظل تحركات استثمارية نشطة تشهدها السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة، دخلت شركة “سمو القابضة” السعودية بقوة إلى المشهد عبر مفاوضات جدية للاستحواذ على شركة “ميدار للاستثمار والتنمية العمرانية”، في صفقة ضخمة تصل قيمتها إلى 3.5 مليار دولار.

هذه الخطوة تعكس اهتماماً متزايداً من رؤوس الأموال الخليجية، وخاصة السعودية، بالسوق المصرية، التي لا تزال رغم التحديات تمثل فرصة استثمارية ضخمة ومغرية في قطاعات استراتيجية مثل العقارات والتنمية العمرانية.

لماذا “ميدار”؟.. وراء الكواليس كيان ضخم وقيمة استراتيجية

اختيار “سمو القابضة” لميدار ليس عشوائياً. فـ”ميدار” ليست مجرد شركة تطوير عقاري تقليدية، بل كيان شبه حكومي تقف خلفه مؤسسات اقتصادية مصرية ضخمة، مثل:

بنك مصر

البنك الأهلي المصري

بنك الاستثمار القومي

شركة المقاولون العرب

هذا الخليط من التمويل والخبرة والثقل المؤسسي يمنح ميدار مكانة استثنائية في السوق المصري، خصوصاً وأنها تمتلك وتُدير أحد أضخم المشروعات العقارية في شرق القاهرة.

“مستقبل سيتي”.. كنز عمراني شرق العاصمة الإدارية

الورقة الأقوى في ملف “ميدار” هي إدارتها لمشروع “مستقبل سيتي”، الذي يُعد من أكبر المشاريع العمرانية في مصر، ويمتد على مساحة 11 ألف فدان شرق القاهرة، على مقربة من العاصمة الإدارية الجديدة.

حتى الآن، تم تطوير نحو 40% من مساحة المشروع، بينما تظل 60% أراضٍ لم تُستغل بعد، وهي مساحة هائلة تُعرف في لغة الاستثمار بـ”الكنز العقاري”. هذا ما جذب اهتمام “سمو القابضة”، ودفعها لتقديم عرض استحواذ قوي.

المفاوضات مستمرة.. والصفقة تحت إشراف حكومي مباشر

الصفقة لا تزال في مراحلها التفاوضية، وتُجرى المحادثات بين “سمو” و”ميدار” برعاية وإشراف من مكتب رئيس مجلس الوزراء المصري.

وحتى الآن، لم يُحسم شكل الصفقة بالكامل، سواء كانت استحواذًا كاملاً أو جزئيًا، لكن المؤشرات تؤكد وجود إصرار من الطرفين على الوصول إلى اتفاق قريباً، نظراً للأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية الكبيرة للطرفين.

السعودية تبحث عن فرص طويلة الأجل.. ومصر تبحث عن تدفقات استثمارية

من منظور الاقتصاد الكلي، يرى المراقبون أن هذه الصفقة تمثل تلاقي مصالح حقيقية:

السعودية تبحث عن فرص طويلة الأجل في سوق عقارية واعدة، بعد نجاح مشروعاتها الداخلية، وتستهدف توسيع بصمتها الاستثمارية الإقليمية.

مصر من جهتها تحتاج إلى تدفقات مالية ضخمة، تساهم في دعم الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، وتعزيز التنمية في القطاعات الحيوية.

شراكات قائمة ومشروعات جديدة بين “سمو” و”ميدار”

العلاقة بين “سمو القابضة” و”ميدار” ليست جديدة. ففي يوليو 2025، وقعت الشركتان اتفاقية لتطوير مشروع “البوليفارد” باستثمارات تجاوزت 70 مليار جنيه مصري.

المشروع يُقام على مساحة 500 ألف متر مربع، ويُنفذ بنظام مشاركة الإيرادات، ما يعكس فلسفة جديدة في التعاون الاستثماري، بعيدة عن نمط بيع الأراضي التقليدي.

كما أعلنت “سمو” عن خطة طموحة لضخ 26 مليار جنيه في السوق المصري خلال الـ5 سنوات المقبلة، عبر مشروعات تطوير عمراني مشتركة مع شركات محلية.

في حال فشل الاستحواذ.. الشراكة تظل خيارًا مطروحًا

حتى إذا لم تكتمل صفقة الاستحواذ الكاملة، فهناك سيناريو بديل قيد الدراسة، يقوم على توسيع الشراكة بين الطرفين لتطوير الأراضي غير المستغلة في مشروع “مستقبل سيتي”، بنفس آلية مشاركة الإيرادات.

وهذا يعني أن ضخ الاستثمارات، وتوسيع الأعمال، وتوليد الوظائف مستمر، بغض النظر عن الشكل النهائي للصفقة.

“مدينة مدى”.. مشروع آخر يكشف أهمية “ميدار” الاستراتيجية

بعيدًا عن “مستقبل سيتي”، تمتلك “ميدار” مشروعاً آخر لا يقل أهمية، هو “مدينة مدى”، المُقام على مساحة 5800 فدان، باستثمارات متوقعة تتجاوز 14 مليار دولار.

ما يعني أن “ميدار” ليست فقط لاعبًا كبيرًا في السوق العقاري، بل أحد الأعمدة الأساسية لمستقبل التنمية العمرانية في مصر، وهو ما يفسر الاهتمام الخليجي المتزايد بها.

رسائل مهمة من صفقة “سمو – ميدار”: مصر لا تزال سوقًا جاذبًا

الصفقة المحتملة بين “سمو القابضة” و”ميدار” ليست مجرد عملية تجارية بين شركتين، بل دليل قوي على أن السوق المصري ما زال قادراً على جذب الاستثمارات الخليجية الكبرى.

وفي ظل التحديات العالمية والإقليمية، تؤكد هذه التحركات أن المستثمر السعودي يضع ثقته في الاقتصاد المصري، ويرى فيه فرصًا حقيقية للتوسع والنمو.

ختامًا: بداية لمسار اقتصادي أوسع بين مصر والسعودية

الصفقة المحتملة، سواء انتهت بالاستحواذ أو شراكة موسعة، ترسم ملامح مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين مصر والسعودية.

مرحلة تتجاوز الاستثمار العقاري إلى مجالات الصناعة، البنية التحتية، السياحة، والطاقة، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ويعزز من استقرار ونمو المنطقة بأكملها.

نقلاً عن: تحيا مصر

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف