“سوداوية”.. لماذا لم يتحمس الناشر العربي للفائز بنوبل “كراسناهوركاي”؟

ما إن أعلنت الأكاديمية السويدية عن فوز الأديب المجري لاسلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب لعام 2025، حتى تحركت محركات البحث ووسائل الإعلام العربي عموما في تقصي تاريخ الرجل واستعراض أبرز محطات حياته.
والمفارقة اللافتة هنا أنه رغم أننا أمام أحد الأصوات البارزة في المشهد الأوروبي الثقافي الذي تجمع أعماله بين العمق الفلسفي والخيال الإبداعي، كما سبق أن فاز قبل 10 سنوات بجائزة مرموقة هي “مان بوكر” الدولية، إلا أنه لم يتم ترجمة سوى عملين فقط له إلى العربية، في حين تُرجمت أعمال كثيرة لأدباء أقل قيمة منه من الشرق والغرب وأمريكا اللاتينية.
وربما كان السبب وراء عدم الحماس لدى دور النشر العربية، والتي تبحث عن العائد المادي في المقام الأول، أن أعمال كراسناهوركاي ليست من النوع الخفيف المسلي الذي يستهوي القارىء المتعجل الباحث عن الإثارة، وإنما تميل إلى الأجواء السوداوية عبر طابع سوريالي فانتازي يطرح رؤى متشائمة.
تجلى هذا في روايته الأولى المترجمة إلى العربية 2017 والتي حملت عنوان “تانغو الخراب” وروايته الثانية “كآبة المقاومة”، المترجمة 2020.
وكما يوحي العنوان في العملين، فإن الكاتب يبدو مشغولا بمحاولة قوى شريرة للسيطرة على الشعوب واستغلال أزمات الناس في السعي لتحقيق مكاسب بأي شكل، من خلال ألاعيب الكذب والخداع التي تستهدف تزييف الوعى لدى الفرد والمجتمع، على حد سواء.
في “تانغو الخراب”، ثمة قرية معزولة عن العالم تعيش في يأس مطلق وخراب شامل بعد مطر غزير استمر عدة أيام تخللتها الخيانات والانكسارات والهزائم المعنوية، حتى يظهر أحد المحتالين ويمنحهم أملا زائفا في الخلاص، لكنه يستهدف في الحقيقة الاستيلاء على ما تبقى لديهم من أموال.

ومن اقتباسات الرواية نقرأ: “ويبدأ المطر من جديد بينما تضيء السماء في جهة الشرق، سريعًا مثل ذكرى قرمزية زرقاء شاحبة متكئة على أفق متموج، منتظرة أن تأتي الشمس في أعقابها، تنتظر مثل متسول يشق طريقه لاهثًا كل يوم إلى مكانه على درجات المعبد، مفعمًا بالبؤس وبانكسار القلب”.
وفي “كآبة المقاومة”، ثمة سيدة شريرة ذات أطماع هائلة وأجندة خفية تتقرب لسكان مدينة صغيرة نائية من خلال إقامة سيرك ضخم يعرض حوتا محنطا هو الأكبر في العالم، حيث تتقاطع نوايا السيدة مع سذاجة بعض السكان وخبث البعض الآخر.
ومن اقتباسات الرواية نقرأ: “صار السكّان يرون كل جهد إضافي عقيمًا لا فائدة منه، فتخلوا حتى عن آخر آثار حضورهم البشري المهدَّد بالخطر لظنهم بأن جدران بيوتهم الثخينة قادرة على أن توفر لهم حماية من أي أذى جدّي بعد أن خسروا الشوارع والساحات”.

وتصنف روايات لاسلو كراسناهوركاي كنصوص صعبة تندرج تحت مسمى ما بعد الحداثة، وتركز على موضوعات “الديستوبيا” أو “المدينة الفاسدة الكئيبة”، لكن بعضها تحوّل إلى أفلام روائية، مثل “ساتانتانجو” و”كآبة المقاومة”.
ووصف بيان لجنة جائزة نوبل الفائز بأنه “كاتب ملحمي عظيم في التقاليد الأوروبية الوسطى، التي تمتد من كافكا إلى توماس برنهارد، ويتميّز بالعبثية والإفراط الغريب”.
وأضاف: “يتطلع لاسلو كراسناهوركاي، إلى الشرق أيضاً متبنياً نهجاً أكثر تأملاً ودقّة، والنتيجة هي سلسلة من الأعمال المستوحاة من الانطباعات العميقة التي تركتها رحلاته إلى الصين واليابان”.
نقلاً عن: إرم نيوز