“شات جي بي تي”.. من النشأة إلى “الثورة المليارية” (إنفوغراف)

“شات جي بي تي”.. من النشأة إلى “الثورة المليارية” (إنفوغراف)

رغم الأرقام المليارية التي حققها “شات جي بي تي”، أحد أذرع الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن التقنية الثورية القادرة على إنتاج محتوى متنوع من الشعر إلى برامج الحاسوب، لم تكتمل بعد.

ووفق خبراء، مثل لوري بير، الرئيسة العالمية لقسم المعلومات في “جي بي مورغان تشيس”، فإن ثورة “شات جي بي تي” ستستغرق وقتًا طويلًا للتبني الواسع، مستندة إلى دروس التاريخ التكنولوجي؛ فمن طاقة البخار إلى الإنترنت، كانت هناك دائمًا فجوة زمنية بين اختراع التقنية وانتشارها عبر الصناعات والاقتصاد.

في التسعينيات، مثلاً، توقّع الجميع أن يحدث الإنترنت ثورة في البيع بالتجزئة والإعلان والإعلام، وهو ما حدث فعلاً، لكن بعد أكثر من عقد، عقب انفجار فقاعة الإنترنت، إذ تحسّنت التكنولوجيا مع انخفاض التكاليف، وتطوير أنظمة الدفع والبث، مدفوعة بتدفق الأموال والتجارب في ريادة الأعمال.

وبحسب تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز”، يتشابه الوضع اليوم مع الذكاء الاصطناعي؛ في “جي بي مورغان”، أكبر بنك أمريكي، حُجب الوصول إلى “شات جي بي تي” بسبب مخاطر تسريب البيانات السرية، وعدم دقة الإجابات، وتساؤلات حول الاستخدام.

وبدلاً من ذلك، أنشأ البنك شبكة معزولة لمئات العلماء والمهندسين لتجربة التقنية في أتمتة الدعم الفني وتطوير البرمجيات، وكما تضيف “بير”، فإن الشركات في جميع القطاعات تجري تجارب أولية، وتدرس الجوانب الاقتصادية، وقد يستغرق الاستخدام الواسع سنوات.

يُقدّر تقرير لمعهد ماكينزي العالمي أنه يمكن لشات جي بي تي تعزيز الإنتاجية وإضافة تريليونات الدولارات للاقتصاد العالمي، لكن الاعتماد الشامل يتراوح بين 8 و27 عاماً، بناءً على افتراضات حول الدورات الاقتصادية، التنظيمات الحكومية، ثقافات الشركات، وقرارات الإدارة.

نشأة “الثورة”

في نوفمبر 2022، أطلقت شركة أوبن إيه آي (OpenAI) نموذج ذكاء اصطناعي يُدعى شات جي بي تي (ChatGPT)، الذي أحدث ثورة في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بالاعتماد على تقنية التعلم الآلي العميق، إذ لم يكن مجرد أداة للكتابة أو الرد على الأسئلة، بل أصبح رمزاً لعصر جديد من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ووفق تقرير لمجلة “فوربس”، بدأ التاريخ الحقيقي لشات جي بي تي مع نموذج جي بي تي-1 في العام 2018، ثم تطور إلى جي بي تي-2 في 2019، وصولاً إلى جي بي تي-3 في 2020، الذي أُطلق في نوفمبر 2019 بعد دراسات لتقليل المخاطر.

أما الإصدار الذي أحدث الصدمة، فكان شات جي بي تي نفسه، الذي أُطلق دون إعلان كبير، لكنه سرعان ما جذب ملايين المستخدمين بفضل قدرته على توليد نصوص طبيعية والإجابة على استفسارات معقدة.

أما النشأة الأولى لشات جي بي تي، فتعود إلى جهود أوبن إيه آي، التي تأسست في 2015 كمنظمة غير ربحية قبل أن تتحول إلى شركة ربحية في 2019، برئاسة سام ألتمان.

وبحسب مقابلة سابقة مع ألتمان في يونيو الماضي، فقد كان الهدف بناء أدوات ذكاء اصطناعي آمنة ومفيدة للبشرية، لكن الإطلاق السريع لشات جي بي تي جاء كرد فعل على التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي.

نمو هائل

مع توسع شات جي بي تي، شهد نمواً مذهلاً في عدد المستخدمين، ففي نوفمبر 2022، بلغ عدد المستخدمين الأسبوعيين مليوناً واحداً، ثم ارتفع إلى 30 مليوناً في يناير 2023، ووصل إلى 700 مليون بحلول بداية العام الجاري، وفقاً لإحصائيات من بيزنس أوف أبس.

وبحلول أكتوبر الجاري، أعلن سام ألتمان أن عدد المستخدمين الأسبوعيين النشيطين بلغ 800 مليون، فيما تشير إحصائيات أخرى إلى أن الوصول إلى مليار مستخدم سيكون بحلول نهاية 2025.

وجعل هذا النمو السريع شات جي بي تي أداة عالمية، حيث ارتفع استخدامه اليومي إلى أكثر من 2.6 مليار رسالة يومياً بحلول يونيو الماضي، أما في سبتمبر 2025، فقد أصبح أكثر من نصف المستخدمين (52%) يعتمدون عليه بانتظام، مقارنة بـ 40% في 2023.

تأثيرات اقتصادية

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي زيادة الإنتاجية العالمية بنسبة تصل إلى 3-5% في المبيعات؛ ما يعزز النمو الاقتصادي. كما يتوقع نموذج من جامعة بنسلفانيا أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على 40% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي، مع زيادة الإنتاجية بنسبة 1.5% بحلول 2035 و3.7% بحلول 2075.

في تقرير من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أدى التبني السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي إلى استثمارات بلغت 33.9 مليار دولار عالمياً في 2024، بزيادة 18.7% عن 2023.

ومع ذلك، يحذر تقرير من إيكونوميكس أوبزيرفاتوري من أن أدوات مثل شات جي بي تي قد تسبب فقدان وظائف في بعض القطاعات، لكنها تعزز الإنتاجية في أخرى.

مخاوف اجتماعية

على الصعيد الاجتماعي، أثار شات جي بي تي مخاوف عديدة، إذ يمكن أن يؤدي إلى تآكل جودة التعليم وزيادة الغش، بالإضافة إلى تعزيز التحيزات الاجتماعية. كما أشارت دراسة من جامعة ميشيغان إلى أن الاستخدام اليومي المفرط يرتبط بالوحدة والاعتمادية؛ ما يؤثر سلباً على الصحة النفسية.

كما أن هناك نقاشات حول كيف يمكن أن يزيد شات جي بي تي من البطالة في قطاعات معينة؛ ما يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، في المقابل فثمة آراء أخرى أنه قد يحسّن الوظائف بدلاً من إلغائها، من خلال إزالة المهام الرتيبة، إضافة إلى أنه يساعد في تخصيص التعليم، لكنه يثير قضايا الخصوصية.

خطورة سياسية

أما التأثيرات السياسية، فتشمل “التحيز”، إذ وفقاً لدراسة من بروكينغز، يميل شات جي بي تي إلى آراء يسارية؛ ما يثير مخاوف حول تأثيره على الرأي العام، خصوصاً أن دراسات عديدة أكدت قدرته على تغيير آراء المستخدمين بسرعة.

كما حذر خبراء من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يغمر الإعلام بمعلومات مزيفة؛ مما يهدد الانتخابات. كما جدّت دراسة صينية في فبراير الماضي تحولاً يمينياً في تحيزات شات جي بي تي، وقد يهدد الديمقراطية من خلال التلاعب بالمعلومات.

الوظائف والبطالة

بالنسبة لتأثير شات جي بي تي على الوظائف، فقد أظهرت دراسة من جامعة ييل في أكتوبر الجاري عدم وجود اضطراب كبير في سوق العمل الأمريكي منذ إطلاقه في 2022، حيث عوضت الزيادات في بعض الوظائف الخسائر في أخرى.

ومع ذلك، هناك توقعات باستبدال ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول 2030. وبينما لم يحدث شات جي بي تي تغييرات كبيرة في التوظيف حتى ديسمبر 2023، إلا أن الذكاء الاصطناعي يؤثر على الوظائف ذات المهارات العالية.

ووفق “نيويورك تايمز”، فإن ثلث العمال الأمريكيين يخشون فقدان فرص عملهم بسبب الذكاء الاصطناعي، مع توقعات “سلبية” على نمو الوظائف، خاصة في حالات الركود.

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف