شركة Unitree الصينية تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر H2

شركة Unitree الصينية تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر H2

كشفت شركة Unitree Robotics الصينية، المتخصصة في تطوير الأنظمة الذكية والروبوتات المتقدمة، عن أحدث نسخة من روبوتها الشبيه بالبشر ضمن سلسلة تطورها منذ أعوام.

ويحمل النموذج الجديد اسم H2، وهو روبوت مزدوج القدمين يبلغ طوله نحو 180 سنتيمتراً، ويأتي بتصميم أكثر واقعية وانسيابية من سابقه H1.

وأكد فريق التطوير في الشركة أن هذا الإصدار يتميز بقدرات حركية متقدمة تجمع بين القوة والمرونة والدقة في الأداء، ما يجعله أكثر قدرة على التفاعل مع محيطه بطريقة أقرب إلى الإنسان.

ويستند H2 إلى هيكل ميكانيكي محسّن يعتمد على نظام مفاصل جديد يضم نقاط حركة إضافية في الأطراف، إلى جانب آلية مطوّرة في منطقة الفخذ تمنحه قدرة أكبر على التوازن والمناورة.

وأتاحت هذه التحديثات للروبوت تنفيذ حركات أكثر انسيابية وواقعية، مع إمكانية محاكاة طريقة المشي أو الالتفاف البشري بدقة لافتة.

وقالت الشركة إن هذا التطوير يمثّل نقلة نوعية في مستوى التحكم الميكانيكي للروبوتات الثنائية القدمين.

هيكل بهندسة محكمة

قدّمت شركة Unitree روبوتها الجديد عبر مقطع فيديو دعائي ظهر فيه وهو يؤدي حركات راقصة متقنة تتماشى مع الإيقاع الموسيقي في مشهد وصفه المتابعون بأنه أقرب إلى عروض برودواي المسرحية من التجارب المختبرية.

ويُعد هذا الفيديو تغييراً واضحاً في الطريقة التي اعتادت بها الشركة تقديم منتجاتها؛ إذ كانت مقاطعها السابقة تُظهر الروبوتات في مواقف قتالية أو تدريبات تستعرض القوة والسرعة.

وفي الجزء الختامي من الفيديو، يعود الروبوت إلى جذور تلك العروض القتالية، إذ يؤدي مجموعة من حركات الكونغ فو بدقة عالية وتوازن مذهل، ليؤكد قدرته على الجمع بين الرشاقة الفنية والقدرة القتالية، وهو ما تصفه الشركة بأنه دليل على نضوج نظام التحكم في الحركة وارتفاع مستوى الدقة في تنسيق الإيماءات والإشارات الميكانيكية.

يمثّل روبوت H2 نقلة في فلسفة التصميم مقارنة بالإصدار السابق H1 الذي ركز على تحقيق السرعة والرشاقة العامة، وهو ما مكّنه من الفوز بعدة ميداليات خلال “أولمبياد الروبوتات” الذي أُقيم في بكين مؤخراً.

لكن الجيل الجديد يضحي بجزء من تلك السرعة لصالح تحقيق براعة أكبر في التحكم اليدوي والحركي، وقدرة أعلى على تنفيذ المهام الدقيقة التي تتطلب حساسية في الحركة.

وقد عمل مهندسو الشركة على إعادة تصميم الهيكل الخارجي بالكامل ليبدو أقرب إلى هيئة الإنسان، مع تزويده بوجه واقعي الملامح وبعض الملابس التي تمنحه مظهراً اجتماعياً مألوفاً، ما يسهم في تقليل المسافة النفسية بين البشر والروبوتات في البيئات اليومية.

وأشارت الشركة إلى أن الهدف من ذلك هو جعْل الروبوتات أكثر قبولاً في المنازل وأماكن العمل والمؤسسات الخدمية، ضمن ما تسمّيه “الدمج الاجتماعي للروبوتات”.

استخدام يومي

لا يقتصر دور H2 على المهام التجريبية أو العروض الاستعراضية، بل صُمّم في الأساس لأداء مهام الحياة اليومية، إذ أوضحت شركة Unitree أن الروبوت موجّه لتولّي أدوار متعددة تشمل خدمة العملاء في المؤسسات التجارية، والمساعدة في قطاعات الضيافة والرعاية الصحية، إضافة إلى المشاركة في الأعمال المنزلية الدقيقة التي تتطلب حساسية في التعامل مع الأشياء الصغيرة أو القابلة للكسر، كما يمكنه تنفيذ مهام تعتمد على التفاعل الاجتماعي مع البشر بفضل تصميمه الذي يراعي لغة الجسد والإيماءات.

ويمثّل هذا التوجه تحولاً واضحاً في استراتيجية الشركة، إذ كانت مشاريعها السابقة تركز على تطوير روبوتات رياضية وتجريبية، ومع إطلاق H2، تسعى Unitree إلى نقل الروبوت من نطاق التجارب إلى الاستخدام العملي، ليصبح جزءاً من الحياة اليومية في البيوت والمكاتب والفنادق والمستشفيات، في خطوة تعتبرها الشركة بداية عصر “الروبوتات الاجتماعية”.

منافسة عالمية

تأتي هذه الخطوة في وقت تتسارع فيه وتيرة المنافسة بين الشركات العالمية لتطوير روبوتات بشرية متعددة الاستخدامات، ومن أبرز المنافسين للشركة الصينية، شركة Figure الأميركية التي أعلنت مؤخراً عن روبوتها الجديد Figure 03، المخصص للاستخدام المنزلي. 

وقد نشرت الشركة مقطعاً مصوراً يُظهر الروبوت وهو يؤدي مجموعة متنوعة من المهام المنزلية مثل تنظيف الغرف، وري النباتات، وطي الملابس، وحتى تقديم المشروبات للضيوف، في مشهد يعبّر عن مدى تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة في تصميمه.

وتعمل Figure كذلك على تطوير نسخة صناعية من الروبوت قادرة على العمل في بيئات الإنتاج، وقد عقدت بالفعل شراكة مع شركة BMW الألمانية لتجربة الروبوت في خطوط تجميع السيارات بمصانعها. وتهدف هذه الخطوة إلى اختبار قدرة الروبوتات على أداء المهام الصناعية المتكررة التي تتطلب دقة عالية وسرعة استجابة متواصلة.

نحو عصر الذكاء الفيزيائي

يتزامن هذا التطور مع بروز اتجاه جديد في مجال التكنولوجيا يُعرف باسم الذكاء الفيزيائي (Physical AI)، وهو مزيج من الذكاء الاصطناعي والقدرات الميكانيكية المتقدمة التي تمكّن الروبوت من التفكير والحركة في آن واحد. 

وفي هذا الإطار، أعلنت شركة Nvidia الأميركية عن تطوير منصة جديدة باسم Jetson Thor ووصفتها بأنها “العقل الإلكتروني الأكثر تطوراً في العالم للروبوتات”. وتتيح هذه المنصة للروبوتات معالجة المعلومات البصرية والحركية بسرعة هائلة، ما يمكنها من اتخاذ قرارات فورية والتفاعل مع البيئة المحيطة بذكاء يشبه السلوك البشري.

وترى Nvidia أن هذه التقنية تمثّل خطوة كبيرة نحو بناء أنظمة روبوتية ذاتية التفكير قادرة على التعلم من التجربة والتعامل مع مواقف غير مبرمجة مسبقاً. ويصف خبراء الصناعة هذه المرحلة بأنها الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي المجسّد، الذي سيتجاوز مرحلة المحاكاة الرقمية إلى التفاعل المادي المباشر مع العالم الحقيقي.

في سياق تحولها الصناعي والتكنولوجي، تبرز الصين كنقطة محورية في مجال تطوير الروبوتات ذات الهيئة البشرية، لا سيّما في قطاع التصنيع.

فقد أعلنت البلاد عن استثمار حكومي ضخم يصل إلى نحو تريليون يوان (نحو 138 مليار دولار) لدعم قطاعات الروبوتات والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانتها كقوة عالمية في مجال الصناعات الذكية.

وتشير بيانات الصناعة إلى أن الصين استحوذت على أكثر من نصف وحدات الروبوتات الصناعية المثبتة عالمياً، كما توسّع سوقها المحلي ليغطي احتياجات شركات التكنولوجيا والإلكترونيات الكبرى.

وتتبنّى بكين نهجاً متكاملاً لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر، يجمع بين التصنيع عالي الدقة، والإنتاج واسع النطاق، والدعم المالي الكبير الموجّه إلى المنشآت المحلية الناشئة في هذا المجال.

وفي إطار هذا التوجه، أطلقت الصين في أغسطس الماضي خطة استراتيجية تحت اسم “AI+” تمتد حتى عام 2035، وتهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والحكومية.

وتُركّز هذه المبادرة على بناء ما تسميه الدولة “الحضارة الذكية”، عبر تسخير الروبوتات الشبيهة بالبشر والتقنيات الإدراكية في تحسين كفاءة الصناعة وإدارة البيانات الضخمة وتطوير الخدمات العامة.

كما تسعى الخطة إلى جعْل الروبوتات جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين، سواء في بيئات العمل أو المنازل، في إطار رؤية أوسع تهدف إلى معالجة تحديات مثل الشيخوخة السكانية وتباطؤ النمو الاقتصادي، وتحويل التكنولوجيا إلى ركيزة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة في الصين.

نقلاً عن: الشرق

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف