في قريّة شيلاي النائية بولاية هيماشال براديش الهندية، احتشد المئات نهاية الأسبوع الماضي لحفل زفاف استثنائي، حيث يقف عريسان: شقيقان براديب نيجي وكابيل نيجي معاً أمام عروسهما التي حرصا على إبقاء هويتها طي الكتمان.
حفل الزفاف، الذي نال بركة العائلتين، اتبع طقوساً محلية معتادة، لكنه تحوّل إلى ظاهرة عالمية خلال ساعات عندما انتشرت صور الثلاثة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تعالت التعليقات بين مصدوم ومتعجب، بينما ظلّ الزوجان متمسكين بتفسيرهما البسيط: “كنا نتبع تقليداً نفخر به”، كما صرّح براديب لوكالة “برس ترست أوف إنديا”، وأضاف شقيقه كابيل: “سنوفر لزوجتنا الدعم والاستقرار والحب”.
هذه الممارسة، المعروفة بتعدد الأزواج أو “البولياندري”، ليست قانونية في الهند ولا في معظم دول العالم، لكنها موجودة في أقصى شمال الهند، لاسيما بين جماعة “هاتي” العرقية التي يبلغ تعدادها 300 ألف نسمة.
النائب المحلي هارشواردهان سينج تشوهان أكّد وجودها كتقليد متجذر: “كان شائعاً في الأجيال السابقة وأصبح نادراً، لكنه مستمر بين الهاتي”. كوندال لال شاشتري، أحد زعماء المجتمع، أشار إلى جذورها في الميثولوجيا الهندوسية، مستشهداً بملحمة “المهابهاراتا” العظيمة، فيما ذكرت تقارير محلية تسجيل خمس حالات زواج مماثلة في منطقة شيلاي وحدها خلال العام الماضي، مما يدفع للتساؤل عما إذا كنا أمام بعث لتقاليد ظُنَّ أنها اندثرت، لا مجرد بقايا متناثرة.
ظل الإلهة دروبادي
في هذه المناطق، تقف شخصية دروبادي الأسطورية، البطلة المركزية في “المهابهاراتا”. تزوجت دروبادي من الأشقاء بانداڤاس الخمسة – يوديشثيرا، وبهايما، وأرجونا، وناكولا، وسهاديڤا – نتيجة ظروف معقدة وقعت فيها بحسن نية.
و رغم أن السياق الملحمي لا يقدمها كنموذج مثالي للتعدد، بل كوضع استثنائي، إلا أن رمزية دروبادي كزوجة مشتركة للأخوة بقيت حية في الوعي الجمعي لبعض المجتمعات الجبلية المعزولة، حيث يعتبر المؤيدون أن الزواج من امرأة واحدة من قبل أشقاء، كما في حالة نيجي، يقلل من حدة الصراع على الميراث (فالمزارع الصغيرة تبقى ملكاً للعائلة دون تجزئة)، ويوفر الحماية والرعاية المستمرة للمرأة والأطفال في حال غياب أحد الأزواج للعمل أو الحرب، ويحافظ على تماسك الأسرة الممتدة تحت سقف واحد. وهو نظام نشأ في بيئات قاسية، حيث شح الموارد وضرورة بقاء العائلة وحدة إنتاجية متراصة كانت تحتم حلولاً غير تقليدية.
التبت.. حيث الأخوة يشاركون الزوجة والأرض
في هضبة التبت العالية، قبل التأثير الصيني المكثف، كان نظام “الفريرليكال بولياندرِي” (تعدد الأزواج الأخوي) سائداً، خاصة بين طبقة النبلاء والملاكين. كان الأخوة يتزوجون امرأة واحدة مشتركة. الهدف الأساسي كان منع تجزئة ممتلكات الأسرة، لاسيما الأراضي الزراعية الثمينة والحيوانات، بين الورثة.
وكانت الزوجة، التي غالباً ما تكون من عائلة ذات مكانة مساوية، تدير المنزل وتنجب الأطفال الذين يعتبرون أولاداً لجميع الأزواج الأشقاء. هذا النظام ضمن بقاء الثروة العائلية متماسكة وقدرتها على الصمود في وجه بيئة قاسية. رغم تراجعها الكبير تحت ضغوط الحداثة والقوانين الصينية، لا تزال آثارها موجودة في بعض المناطق النائية.
الصين.. زواج “الرجل الواحد في عائلتين
في جنوب الصين، لاسيما في مقاطعات مثل قوانجدونج وفوجيان، ظهر تقليد “هوي جيا” أو “زواج العائلة الواحدة” بشكل أكثر وضوحاً في القرون الماضية بين بعض المجموعات. كان يُسمح لرجل متزوج بالفعل (عادة من عائلة ميسورة) أن “يتبنى” رسمياً امرأة ثانية، ليس لمتعة شخصية، بل لخدمة هدف عائلي محدد، هو إنجاب وريث ذكر عندما تعجز الزوجة الأولى عن ذلك، أو لتوفير رعاية إضافية لوالدي الزوج المسنين داخل نفس البيت. كانت الزوجة الثانية (“بيнг تشاي” أو الزوجة الخادمة) تحصل على مكانة أدنى من الزوجة الرئيسية (“تشاي”) ولكنها معترف بها اجتماعياً. كان العقد ينص صراحة على دورها المحدد في خدمة العائلة الأوسع، وليس كمنافسة للزوجة الأولى. هذا الشكل كان استجابة صارمة لضرورات استمرار السلالة الذكورية ورعاية المسنين في مجتمع كونفوشيوسي متشدد.
نيجيريا.. سيادة المرأة في “اتحاد الزوجة-الرجل
بين شعب الإيبيبيو في جنوب شرق نيجيريا، تمارس نساء من طبقة “الأوهو” الثرية تقليد “زوجة-الرجل”، حيث تكتسب المرأة، المسماة “ديانا”، مكانة اجتماعية واقتصادية عالية تسمح لها بدفع مهر لـ “تتزوج” امرأة أخرى. لا علاقة جنسية في هذا الاتحاد، بل هو ترتيب اقتصادي واجتماعي معقد. المرأة “المتزوجة” (“يايا”) قد تكون أرملة أو عاجزة عن الزواج التقليدي لأسباب مختلفة. تنتقل للعيش في منزل الديانا، وتنجب أطفالاً (غالباً من علاقات مع رجال توافق الديانا عليهم، أو أحياناً من زواج سابق).
هؤلاء الأطفال يعتبرون قانونياً واجتماعياً أولاد الديانا، ما يعزز مكانتها ويمدّ عائلتها بأيدي عاملة. للديانا سلطة كاملة على الزوجة والأطفال، وتتحمل مسؤولية إعالتهم وحمايتهم. هذا النظام يوفر شبكة أمان للنساء في مجتمع قد يكون قاسياً، ويسمح للنساء الثريات ببناء أسرهن المستدامة اقتصادياً واجتماعياً خارج الإطار الذكوري التقليدي.
الصين.. الزواج من وراء القبر
يعتبر أحد أكثر أشكال الزواج إثارة للحسرة. عندما يموت شاب أو شابة غير متزوجين، خاصة في المناطق الريفية ببعض مقاطعات الصين مثل شانشي وشاندونج وخنان، قد تلجأ العائلات إلى ترتيب “زواج مين هون” لمنع الروح من أن تصبح شبحاً تائباً (“جوي هون”) وفق المعتقدات.
تُجمع عائلتا الراحل والراحلة (أو تُشترى جثة أنثى غير متزوجة من سوق مريب) ويقام حفل زفاف كامل، غالباً في منتصف الليل، بملابس الزفاف التقليدية الحمراء، ويوضع “العروسان” جنباً إلى جنب في تابوت مشترك أو في قبور متجاورة، فيما يُعتقد أن هذا يهدئ الأرواح ويسمح لها بالانضمام إلى الأسلاف في العالم الآخر كزوجين، ويجلب البركة للعائلات الأحياء. رغم عدم قانونيته وانتقاده بشدة، لا يزال يحدث سراً، مدفوعاً بالخوف من اللعنة والتمسك بالتقاليد العميقة.
غانا وزواج الأشباح
في بعض الثقافات الأفريقية، مثل شعب النزما في غانا، يمكن للرجل المتوفى الذي لم يتزوج أو لم ينجب أطفالاً أن “يتزوج” بعد مماته. تختار عائلته امرأة حية (غالباً من الأقارب أو المجتمع) لتكون “زوجة شبحه”. لا تتضمن علاقة جسدية، بل دوراً طقسياً واجتماعياً.
الزوجة “تنجب” أطفالاً نيابة عن الزوج المتوفى (غالباً من خلال علاقة مع رجل آخر توافق عليه العائلة) لضمان استمرار نسبه وتقديم القرابين له، و تحصل الزوجة على مكانة محترمة داخل العائلة وتضمن رعايتها هي وأطفالها، الذين يرثون اسم الأب الراحل وحقوقه. هذا الزواج يحل مشكلة خطيرة في هذه المجتمعات: منع انقراض سلالة الفرد وضمان رعايته الروحية بعد الموت.
اليابان.. الارتباط الروحي دون لمسة
في اليابان، حيث الضغوط الاجتماعية والاقتصادية قد تؤخر الزواج أو تعقده، ظهرت ظاهرة “شوجو نو يوي” أو “الزواج بين الأشقاء الروحيين”، حيث يتعاقد رجل وامرأة، غالباً أصدقاء مقربون ليس بينهم جاذبية رومانسية أو جنسية، على شكل زواج قانوني كامل (كوتسوإيكون) لكنهم يتفقان على العيش منفصلين وعدم ممارسة العلاقة الحميمة.
ويأتي ذلك تحت دوافع متنوعة منها الاستفادة من الامتيازات الضريبية والإرثية للزوجين، تلبية رغبات الأهل المضغوطين في رؤية أبنائهم “مستقرين”، وتأمين شريك داعم في الشيخوخة دون تعقيدات العلاقة العاطفية، أو حتى لتجنب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعزوبية الدائمة، وهذا النموذج يعيد تعريف الزواج كشراكة حياتية عملية وعقلانية، منفصلة تماماً عن الرومانسية أو الجنس.
كوريا الجنوبية.. الاحتفال الجماعي بالحب
في مواجهة انخفاض معدلات الزواج وارتفاع تكاليفه الفلكية، انتشرت في كوريا الجنوبية ظاهرة “مجموعة التزويج”، و تقوم بلديات أو منظمات خاصة بتنظيم حفلات زفاف جماعية ضخمة لعشرات، بل ومئات، الأزواج في وقت واحد. تقام في ميادين عامة أو قاعات مؤتمرات ضخمة، بحضور كبار المسؤولين.
الأزواج المشاركون، من خلفيات متنوعة، يرتدون ملابس الزفاف التقليدية أو البدلات الرسمية، ويتبادلون الوعود ويقيمون حفلاً موحداً. الهدف الأساسي هو التوفير الهائل في التكاليف (تشارك الأزواج في نفقات الحفل الضخم)، وتوفير الدعم الرمزي والمجتمعي، وجعل الزواج أكثر قابلية للتحقيق أمام جيل يعاني من ضغوط اقتصادية هائلة. هذه الظاهرة تعكس تحولاً عميقاً نحو عقلانية متطرفة في حدث كان يُعتبر ذروة الخصوصية والتفرد.
نقلاً عن : تحيا مصر
- موجة حارة تضرب البلاد بدءًا من الخميس والأرصاد تحذر درجات الحرارة تقترب من 45 - 24 يوليو، 2025
- فواكه تُنقذ القلب من الكولسترول.. 9 أنواع طبيعية بخواص دوائية مذهلة - 24 يوليو، 2025
- ترامب يكشف عن شرط وحيد لإنهاء الحرب التجارية - 24 يوليو، 2025
لا تعليق