صفقة القرن ترامب يمنح تيك توك الضوء الأخضر صفقة بـ14 مليار دولار

ترامب , في تطور يُعد نقطة تحول بارزة في العلاقة بين التكنولوجيا والسياسة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يوم الخميس، يقضي بالسماح لتطبيق “تيك توك” بالاستمرار في السوق الأمريكية، لكن بشرط جوهري: أن تتم إدارته تحت ملكية وإشراف أمريكي كامل.
القرار الذي جاء في إطار صفقة استثمارية ضخمة تجاوزت قيمتها 14 مليار دولار، لم يُنظر إليه كمجرد اتفاق تجاري، بل اعتبره مراقبون رسالة سياسية واضحة مفادها أن واشنطن مصممة على تقويض النفوذ الصيني في الفضاء الرقمي، وإعادة رسم قواعد السيطرة على أدوات التأثير التكنولوجي العالمي.
أمن البيانات في صلب الأزمة
تعود جذور الأزمة إلى مخاوف أمريكية متزايدة من وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين الأمريكيين عبر الشركة الأم لتطبيق “تيك توك”، “بايت دانس”. ومنذ سنوات، تلوّح واشنطن بفرض حظر شامل على التطبيق، ما لم يتم نقل ملكيته أو فصله تقنيًا عن الإدارة الصينية.
الرئيس ترامب، الذي اشتهر بمواقفه الحادة تجاه الصين، فاجأ الجميع بموقف أكثر مرونة، معلنًا عن اتفاق يضمن استمرار “تيك توك” داخل السوق الأمريكية، مع الحفاظ الكامل على خصوصية المستخدمين.
“الهدف لم يكن حظر التطبيق، بل حماية بيانات الأمريكيين”
مستثمرون كبار يدعمون صفقة ترامب
لم تكن الصفقة لتكتمل دون دخول أسماء اقتصادية وإعلامية ثقيلة على خط الاستثمار. فقد شارك في تمويل الصفقة كل من مايكل ديل، مؤسس شركة “ديل”، والإعلامي الشهير روبرت مردوخ، إلى جانب نخبة من رجال الأعمال الأمريكيين.
هذا الانخراط الواسع من مستثمرين كبار منح الصفقة مصداقية اقتصادية وإعلامية، وساهم في تهدئة الأسواق، وطمأنة المستخدمين بأن “تيك توك” لم يعد تحت تهديد الإغلاق أو الملاحقة القانونية.
منصة تتجاوز الترفيه إلى النفوذ السياسي
تُعد “تيك توك” اليوم أكثر من مجرد تطبيق لمقاطع الفيديو؛ فهو منصة تُستخدم في تشكيل الرأي العام، وإدارة الحملات الانتخابية، وتحريك النقاشات الاجتماعية، خصوصًا بين الفئات الشابة.
ويعترف الرئيس ترامب نفسه باستخدام التطبيق كأداة في حملاته الانتخابية، حيث يتابعه أكثر من 15 مليون مستخدم. كما أطلق البيت الأبيض مؤخرًا حسابًا رسميًا على “تيك توك”، في خطوة تعكس إدراك الإدارة لأهمية المنصة كوسيلة تواصل مباشر مع الأجيال الجديدة.
الاستقلالية التقنية.. التحدي الأكبر لصفقة ترامب
رغم الأجواء الإيجابية، يرى خبراء أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق استقلالية تقنية كاملة. إذ أن نقل الملكية وحده لا يكفي ما لم تُفصل الخوادم، أنظمة الحماية، وأساليب معالجة البيانات عن أي نفوذ صيني.
الخبير في أمن المعلومات، المهندس ممدوح محمد، يؤكد أن الاتفاق الجديد يمثل “إعادة تموضع استراتيجي للتطبيق داخل السوق الأمريكية”، لكنه يحذر من أن تحقيق الأمان السيبراني يتطلب استثمارات إضافية وتعاونًا تقنيًا عميقًا بين الفرق الأمريكية ومطوري التطبيق الأصليين.
تيك توك.. في قلب صراع الهيمنة الرقمية
الصفقة تمثل فصلاً جديدًا في الحرب الباردة الرقمية بين الولايات المتحدة والصين. فالتطبيقات لم تعد مجرد أدوات ترفيه، بل أصبحت وسائل نفوذ سياسي واقتصادي في عالم تحكمه البيانات والاتصال المباشر بالجماهير.
ومع أن الصفقة أنقذت “تيك توك” من الحظر، فإن الاختبار الحقيقي سيأتي لاحقًا: هل تستطيع الإدارة الأمريكية الجديدة للتطبيق تحقيق الشفافية والأمان المطلوب؟ وهل ستتمكن من مقاومة الضغوط السياسية والاقتصادية القادمة من بكين؟
في عالم باتت فيه التكنولوجيا مرآة للصراعات الجيوسياسية، يبدو أن “تيك توك” لم يعد مجرد تطبيق، بل ساحة معركة على من يملك مستقبل العالم الرقمي.
نقلاً عن: صوت المسيحي الحر