طفرة اقتصادية جديدة فى الاقتصاد المصري… البنك الدولي يرفع توقعات النمو إلى 4.3 ٪

في تقريره السنوي الصادر اليوم، أعلن البنك الدولي عن رفع توقُّعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2025-2026 إلى 4.3 ٪، بزيادة 0.1 نقطة مئوية عما كان متوقعًا في يونيو الماضي، مع تأكيدات على تحسّن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، مدعومة بخطوات الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها الدولة.
أداء مشرف في 2024-2025: نمو حقيقي قياسي
كشف التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي المصري شهد ارتفاعًا لافتًا خلال العام المالي 2024-2025، حيث بلغ معدل النمو الحقيقي 4.8٪ في الربع الثالث و 5.0٪ في الربع الرابع، مقارنة بمعدلات لم تتجاوز 2.2٪ و2.4٪ في نفس الفترات من العام السابق، ليبلغ متوسط النمو السنوي نحو 4.4 ٪ لعام كامل.
وأشار التقرير إلى أن مسارات النمو تقودها الصادرات، والاستهلاك الخاص، والاستثمار الخاص، إلى جانب مشروعات استثمارية مدعومة من دولة الإمارات، في حين ظلت الاستثمارات العامة أكثر تحفظًا. كذلك، برز في التقرير أن الصناعات التحويلية غير البترولية انتعشت مع تيسير قيود الاستيراد، رغم استمرار التحديات في قطاعات قناة السويس والقطاع الاستخراجي.
التوقعات القادمة: تفاؤل نسبي وتراجع تدريجي في التضخم
يتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد المصري مزيدًا من الانتعاش في العام المالي 2026-2027، حيث يصل النمو إلى 4.8 ٪، بزيادة 0.2 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة، ما يُعد إشارة قوية إلى تفاؤل المؤسسات الدولية بآفاق الاقتصاد المصري.
على صعيد التضخم، يرى التقرير أن المعدلات ستتراجع تدريجيًا من 20.9 ٪ في 2024-2025 إلى 14.6 ٪ في 2025-2026، وصولًا إلى 8.2 ٪ في 2026-2027، ما من شأنه أن يخفف الضغوط المعيشية ويعزز القوة الشرائية للمواطنين. وأشار إلى أن معدل الفقر وفق خط الفقر الدولي (4.2 دولار يوميًا بسعر 2021) قد يستقر عند 12.5 ٪ في 2024-2025، بعد أن ارتفع من 7.1 ٪ في 2022 إلى 12.6 ٪.
الإصلاح المالي والدين العام: مسار نحو الانضباط
كما أكد التقرير أن عجز الموازنة العامة قد ارتفع مؤقتًا إلى 7.4 ٪ من الناتج المحلي في 2024-2025، نتيجة لارتفاع تكاليف الفائدة وتراجع الإيرادات غير الضريبية، مقارنة بعجز نسبته 3.6 ٪ في العام السابق.
ورغم ذلك، يرى البنك أن الحكومة المصرية تتجه نحو ضبط مالي أكثر حزمًا بدءًا من 2025-2026، من خلال تعديلات في ضريبة القيمة المضافة، وترشيد الدعم، وتعزيز الإدارة الضريبية. أما بخصوص الدين العام، فتوقع أن ينخفض تدريجيًا إلى 84.8 ٪ من الناتج المحلي في 2024-2025، ثم إلى 81.7 ٪ في 2025-2026، وصولًا إلى 80 ٪ في 2026-2027، مما يعكس تحسّنًا تدريجيًا في المؤشرات المالية واستعادة الانضباط المالي.
آراء الخبراء: ثقة متزايدة رغم المخاطر
رأى المحلل الاقتصادي إسلام الأمين أن رفع البنك الدولي لتوقعاته إلى 4.3 ٪ يُعد مؤشّرًا إيجابيًا على الثقة الدولية في مسار الإصلاح المصري، وأن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قدرة على الصمود أمام الصدمات العالمية، بفضل تنويع قواعد النمو ودعم الصناعة والبنية التحتية.
وعلى المستوى الدولي، تشير العديد من التقارير إلى أن هذا التعديل في التوقعات يعكس تقييم المؤسسات المالية العالمية بأن السياسات المصرية بدأت تعطي ثمارها. لكن البعض يُحذّر من أن هذه الطفرة ليست بلا مخاطِر؛ فعلى سبيل المثال، يرى باحثون بمراكز دراسات دولية أن جزءًا من هذا الانتعاش قد يعود إلى “آثار سنة الأساس المواتية” بالإضافة إلى تدفقات تمويل خليجي مؤقتة، مما قد يضع ضغطًا على الاستدامة إذا لم تواكبها إصلاحات مستدامة في القطاع الخاص والإنتاجية.
في هذا السياق، قال أحد خبراء الاقتصاد الدولي:> “ما حققته مصر من تحسّن في الأداء ليس مجرد حظ أو صدفة، بل نتاج خطوات إصلاحية مهمة، لكن التحدي الآن هو تثبيت المكاسب وتعميقها خاصة عبر تحسين الإنتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص الحقيقي.”
التحديات تبقى… والفرص واسعة
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات قائمة، منها الضغوط العالمية على سلاسل التجارة، وارتفاع أسعار الطاقة، وتقلبات الطلب على الصادرات المصرية. كذلك، يظل التوسع في الاستثمار الخاص واستعادة ديناميكية الاستثمارات الأجنبية المباشرة أحد مفاتيح الاستدامة، إضافة إلى ضبط الإنفاق العام ومواصلة تحسين المناخ الاستثماري.
لكن الفرصة المتاحة كبيرة، بحسب التقرير، إذا واصلت الدولة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز دور القطاع الخاص والتصدير، وربط النمو المحلي بسلاسل القيمة العالمية.
نقلاً عن: تحيا مصر