عودة المصريين من الخارج …..هل بدأ العائدون يعيدون رسم خريطة الاقتصاد المحلي المصرى


في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري تحديات متزايدة وضغط على العملة الأجنبية، خطفت التحويلات القياسية من المصريين العاملين في الخارج الأنظار  من جديد إلى هذا المصدر الحيوي للنقد الأجنبي حيث في خلال الأشهر السابقة ،  تصاعدت قيمة التحويلات بشكل ملحوظ عن المعتاد عليه، مدفوعة بتحسن سعر الصرف الرسمي وتوسيع القنوات البنكية، ما أتاح عودة تدريجية لهذه الأموال إلى المسارات الرسمية بعد سنوات من التراجع.

لكن هذا الزخم، ورغم أهميته في دعم الاحتياطي النقدي وتمويل واردات البلاد، يواجه عدة اختبارات في المرحلة المقبلة، أبرزها استمرار فجوة سعر الصرف، واستمرار السوق الموازية وإن كان بشكل  نسبي، إلى جانب التحديات العالمية المتعلقة بتوهج التوترات العسكرية والسياسية والحروب.

عدد ما وصلت اليه تحويلات المصريين في الخارج للعام الحالي 

بحسب بيان صادر عن البنك المركزي المصري في يونيو 2025، حيث بلغت تحويلات المصريين بالخارج في الربع الأول من عام لعام 2025 نحو 8.33 مليار دولار، مقارنة بـ5 مليارات دولار فقط في الفترة نفسها من عام 2024، أي بزيادة سنوية قدرها 84.4%، وهي الأعلى على الإطلاق لفترة فصلية في تاريخ البلاد.

كما أوضح التقرير إلى أن تحويلات الشهور التسعة الأولى من السنة المالية 2024/2025 سجل 26.4 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي يقارب 83%، ما يعكس تغييراً قاطعاً في سلوك تحويل مسار الأموال بعد تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية.

العلاقة بين تعويم الجنية المصري واعادة الثقة 

طبقت الحكومة المصرية في عام 2024 تعويم كامل للجنيه المصري مع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تراجع قيمة العملة بأكثر من 40%. لكن هذا الإجراء ساعد في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وأعاد الثقة في القنوات المصرفية الرسمية، وفق تقارير وكالتي “فيتش” و”رويترز”، وهو ما ساهم بدوره في تنشيط تحويلات المصريين في الخارج. 

وارتفعت تحويلات المصريين بالخارج  في العام الماضي 51.3% مسجلة 29.6 مليار دولار، بدعم الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة العام الماضي، وذلك بحسب بيانات البنك المركزي المصري. 

أما بيانات ديسمبر 2024 من البنك المركزي، فتكشف أن التحويلات سجلت 3.2 مليار دولار، مقارنة بـ 1.6 مليار دولار فقط في ديسمبر 2023، ما يعني تضاعفها خلال عام واحد، بفضل تطبيق نظام صرف مرن وتحسين البيئة المصرفية.

ما التأثير الذي ينعكس على الاقتصاد المصري من هذه التحويلات؟

تلعب هذه التحويلات دوراً محورياً في دعم الاقتصاد المصري وسط تحديات مالية متراكمة. وتبرز اليوم كأحد أهم روافد الاستقرار المالي في البلاد. فوصول الأموال إلى أسر المغتربين من المصريين يسهم في تحفيز الاستهلاك كما أنه يخفف عطل الحساب الجاري ، حيث تشكل تحويلات المصريين بالخارج إحدى أهم خمسة مصادر للعملة الصعبة في مصر إلى جانب الصادرات وعائدات قناة السويس وإيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كما تشكل هذه التحويلات نحو 5.85% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في عام 2024، وفق تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، الذي قدر الناتج المحلي بنحو 405.3 مليار دولار.

وبحسب أحدث تقارير البنك الدولي، ما تزال مصر ضمن الدول الخمس الأولى عالمياً في حجم تحويلات العاملين بالخارج، بفضل أكثر من 14 مليون مصري يعيشون في الخارج، معظمهم في دول الخليج. 

تحويلات المصريين العاملين في الدول العربية في العام المالي 2024/2023 – الشرق

وفي تقرير آخر للبنك الدولي (أبريل 2025 – موجز الهجرة والتنمية)، أكد أن التحويلات تسهم في “تحسين الأمن الغذائي، وتوسيع فرص التعليم، وتخفيف الفقر في الريف والمدن”.

هل يستمر موضوع تحويلات المغتربين؟

يتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع تحويلات المصريين إلى 42 مليار دولار سنوياً بحلول 2028، إذا استمرت سياسات استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في النظام المصرفي وتوضح البيانات إلى أن أكثر من 60% من العمالة المصرية بالخارج تتواجد في دول مجلس التعاون الخليجي، التي ما تزال تسجل معدلات نمو جيدة بفضل عائدات النفط ومشاريع .

بدورها، تواصل البنوك المصرية تقديم حوافز لاستقطاب التحويلات، عبر تسهيلات مثل فتح حسابات من خلال البعثات الدبلوماسية، وتعزيز استخدام التطبيقات الرقمية مثل “الانستا باي” و”فودافون كاش”.

أما الحكومة، فطرحت مبادرات تشمل شهادات ادخار بالدولار من أجل جذب المغتربين، مثل تلك التي أطلقها البنك الأهلي المصري وبنك مصر بعائد سنوي يصل إلى 9% خلال 2023.

طرحت أيضاً هيئة التأمينات خطة لمعاشات المصريين بالخارج، تسمح بالمساهمة بـ 500 دولار سنوياً لمدة خمس سنوات مقابل معاش مستقبلي مضمون.

وفي خطوة محفزة أخرى، قررت الحكومة منح إعفاءات جمركية لاستيراد سيارة واحدة مقابل وديعة دولارية تُرد بعد خمس سنوات بالجنيه المصري. كما أتيح للمصريين في الخارج إعفاء نهائي من التجنيد مقابل رسوم رمزية (حوالي 5 آلاف دولار أو يورو)، وفق بيانات وزارة الهجرة.

 ماهيه صعوبات المصريين في الخارج 

رغم  التصاعد الملحوظ في التحويلات، تظل تحديات قائمة تهدد استدامة هذا الامر فالاسواق ما تزال نشطة في مختلف بعض الدول، مستفيدة من تقديم أسعار صرف وسهولة أكبر من البنوك و كما بدأت العملات المشفرة تبرز كقناة غير رسمية تستخدمها فئات محددة، خصوصاً الشباب العاملين في التكنولوجيا، للتحايل على تفاوت أسعار الصرف أو رسوم التحويل، ما يثير قلق السلطات في ظل ضعف الرقابة وغياب نطاق منظم ملزم للجميع ،  وفق بيان البنك الدولي ومجموعة العمل المالي.

إلى جانب ذلك، فإن أي تباطؤ اقتصادي في وجهات العمل، لا سيما أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، قد يؤثر سلباً على دخول المصريين بالخارج وبالتالي على تحويلاتهم. وحذر البنك الدولي من حساسية تدفقات التحويلات لأي تغييرات في سياسات الإقامة والعمل أو تقلبات سوق الصرف في دول المهجر، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *