في ليالي رمضان المضيئة، يحرص المصريون على سماع أصوات قراء القرآن التي تملأ الأرجاء قبل آذان المغرب، تلك الأصوات التي تملك قدرة عجيبة على تهدئة النفوس وإضاءة الروح، حيث يظل قراء القرآن المصريون جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل.
إن تلاواتهم المرتلة ترتبط بالوجدان المصري، وتغذي قلوب الصائمين، حيث تصبح لحظات الاستماع إلى القرآن قبل الفطور بمثابة رحلة روحانية نحو الطمأنينة والإيمان.
الشيخ أحمد نعينع، من أعلام التلاوة في مصر والعالم الإسلامي، هو الصوت الذي يأسر القلوب ويهز المشاعر ويعانق الأرواح، وُلد في 15 مارس 1954، في مدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، حيث نشأ في بيئة محبة للعلم والتدين، فكان القرآن الكريم هو رفيقه منذ نعومة أظافره، في عمر الثامنة فقط، حفظ القرآن الكريم، ليبدأ مشواره الذي لا يزال مستمرًا، حاملًا بين حروفه سلامًا وروحانية لا مثيل لهما.
كانت رحلة نعينع في العلم والتجويد شاقة ولكنها مفعمة بالإصرار، تعلم قواعد التجويد على يد الشيخ أحمد الشوا، ثم سار في درب قراءاته العشر على يد الشيخ محمد فريد النعماني خلال سنواته الجامعية في كلية الطب بجامعة الإسكندرية. وبذلك، بدأ صوته يتشكل ويتناغم مع معالم التلاوة، ليُصبح أحد أبرز القراء في عصره.
رغم دراسته في مجال الطب، إلا أن قلبه كان ينبض بحب القرآن، فجمع بين علم الطب وعلم القرآن، وظل صوت نعينع مسموعًا في مسجد السماك لعشر سنوات، إلى أن أصبح واحدًا من القراء الأكثر شهرة في مصر والعالم.
رحلاته لا تنتهي عند حدود مصر، فقد سافر إلى العديد من البلدان العربية والإسلامية والأوروبية لإحياء ليالي رمضان والمناسبات الدينية، حيث أمتع آذان الجمهور في إيران وماليزيا وأندونيسيا وباكستان وكندا وغيرها من البلدان. وقد حصل على جوائز عديدة، منها فوزه بالمركز الأول في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم في نيودلهي عام 1985.
الشيخ أحمد نعينع هو نموذج للفن الروحي، صوت يضيء دروب المتعبين، ويجعلنا نتأمل في عظمتنا كأمة القرآن.
شهر رمضان في مصر ليس مجرد فترة صيام، بل هو رحلة روحانية تتجسد فيها الطقوس المتجددة، ومن أبرزها استماع المصريين لتلاوات قرآن مشايخهم المفضّلين، مع دقات أذان المغرب، تملأ أجواء المنازل والشوارع أصوات القراء الكبار ليصبحوا جزءًا من الروح الرمضانية، هذه الأصوات العذبة التي تلامس القلوب قبل الفطور، أصبحت جزءًا من هوية الشهر الكريم، حيث تمزج بين الهدوء والسكينة، وتعيد للأذهان ذكرى إيمانية طيبة تمس الأعماق، فتجعل كل لحظة من رمضان أكثر تقديسًا.
نقلاً عن : اليوم السابع
لا تعليق