لغز محمد صلاح.. هل حسام حسن أفضل من آرني سلوت؟

في الأيام الأخيرة، ومع تألق محمد صلاح اللافت في قيادة منتخب مصر للتأهل إلى كأس العالم 2026، انطلق نقاش حاد في الأوساط الرياضية المصرية والإنجليزية.
العنوان الأبرز كان مقارنة بين أداء صلاح تحت قيادة حسام حسن مع “الفراعنة”، ومستواه الذي يبدو باهتا نسبيا مع ناديه ليفربول في بداية الموسم الجديد تحت قيادة آرني سلوت.
التساؤل المطروح بوضوح: هل نجح حسام حسن في فك شفرة صلاح بطريقة عجز عنها المدرب الهولندي؟
مصر: حرية القائد وهدم القيود
لفهم سر توهج صلاح مع المنتخب، يجب النظر إلى الدور التكتيكي الذي منحه إياه حسام حسن. فبعد سنوات كان فيها صلاح أسيرا للخط الأيمن في ليفربول، وهو المركز الذي حفظه مدافعو العالم عن ظهر قلب، قرر “العميد” تحرير قائده من هذه القيود.
لم يعد صلاح مجرد جناح أيمن ينتظر الكرة، بل أصبح لاعبا حرا يتحرك في كل أرجاء الثلث الهجومي؛ فتارة نجده كمهاجم ثانٍ، وتارة كصانع ألعاب متأخر، وفي أحيان أخرى يمارس هوايته في الانطلاق من اليمين.
هذه الحرية جعلت رقابته كابوسا للمنافسين، فبات من المستحيل التنبؤ بمكان ظهوره التالي. هذا التوظيف لم يأت من فراغ، بل هو استغلال ذكي لخبرة صلاح ونضجه الكروي، حيث لم تعد قيمته في سرعته الخارقة فقط، بل في رؤيته للملعب وقدرته على صناعة الفرص لزملائه مثل محمود حسن “تريزيغيه” وعمر مرموش، الذين يستفيدون من المساحات التي يخلقها تحركه المستمر. باختصار، حوّل حسام حسن صلاح من “نجم الفريق” إلى “محور المنظومة” بالكامل.
ليفربول: بداية عصر جديد وتحديات مختلفة
على الجانب الآخر في ليفربول، تبدو الصورة أكثر تعقيدا؛ إذ يعيش النادي مرحلة انتقالية حساسة، وتشير الأرقام والإحصائيات في بداية موسم 2025-2026 إلى تراجع معدلات صلاح التهديفية من اللعب المفتوح، وانخفاض عدد مراوغاته الناجحة، وتمركز لمساته في مناطق أبعد عن المرمى مقارنة بالمواسم السابقة.
لا يمكن إلقاء اللوم كاملًا على سلوت، فالوضع محكوم بعدة عوامل، أولًا، يمر الفريق بمشروع بناء جديد بوجود لاعبين جدد في الهجوم؛ ما يتطلب وقتا للانسجام.
ثانيا، عامل العمر لا يمكن تجاهله؛ فمع بلوغ صلاح عامه الثالث والثلاثين، من الطبيعي أن يبدأ الجهاز الفني في إدارة مجهوده البدني وتوظيفه في إطار تكتيكي أكثر انضباطا للحفاظ عليه طوال الموسم المزدحم.
قد يرى سلوت أن تثبيت صلاح في مركز محدد يخدم المنظومة ككل على المدى الطويل، حتى لو أثر ذلك على أرقام اللاعب الفردية في البداية، وربما حتى يرى أن التضحية بأرقام صلاح لابد منها في سبيل بدء مشروع كبير يمتد لسنوات من بعده.
مقارنة بين سياقين لا مدربين
في النهاية، الحكم على أن حسام حسن “أفضل” من آرني سلوت هو تبسيط مخل، فلكل مدرب ظروفه وأهدافه المختلفة جذريا، حسام حسن يقود منتخبا وطنيا يخوض مباريات قليلة، وهدفه الأسمى هو تحقيق أقصى استفادة من نجمه الأول في كل مباراة على حدة. أما سلوت، فيدير ناديا ينافس في أقوى دوري بالعالم، ومهمته هي بناء نظام مستدام قادر على المنافسة على مدار موسم كامل، وهو ما قد يتطلب تضحيات فردية من أجل الصالح العام.
اللغز الحقيقي ليس في تفوق مدرب على آخر، بل في كيفية تطور دور محمد صلاح في خريف مسيرته، لقد أثبت حسام حسن أنه قادر على تقديم نسخة متجددة وأكثر نضجا من “الملك المصري”، نسخة تعتمد على الذكاء أكثر من السرعة، ويبقى التحدي أمام سلوت هو إيجاد التوليفة المثالية التي تضمن استمرارية صلاح كنجم حاسم في ليفربول، مع تلبية متطلبات مشروعه الجديد.
نقلاً عن: إرم نيوز