لماذا تضاعف عجز ميزانية السعودية 2025؟

تتوقع الحكومة السعودية أن يتضاعف العجز في ميزانية عام 2025 مقارنةً بتقدير سابق. فوفقاً للبيان التمهيدي لميزانية 2026، رفعت المملكة توقعاتها للعجز في العام الجاري إلى 245 مليار ريال، بما يعادل 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كان 2.3% فقط عند اعتماد الميزانية في نوفمبر.
العجز المتوقع خلال العام الجاري، يعد الأكبر منذ 2018، إذا ما جرى استثناء فترة جائحة كورونا.
هذا التعديل في التوقعات يفتح الباب لتساؤلات عدة حول أسباب الفجوة، وتداعياتها على السياسة المالية والاقتصاد الكلي.
لماذا ارتفعت تقديرات عجز السعودية في ميزانية 2025؟
بحسب البيان التمهيدي لميزانية 2026، ارتفع العجز المتوقع لعام 2025 إلى 245 مليار ريال، بعدما كان مقدّراً بـ101 مليار ريال فقط في الميزانية المعتمدة.
تغيير التوقعات جاء عقب صدور بيانات الميزانية للربع الثاني، والتي أظهرت بلوغ عجز الميزانية خلال الفترة منذ بداية العام وحتى نهاية شهر يونيو 93.2 مليار ريال، ليقترب بذلك عجز نصف العام من مستهدف عجز الموازنة للعام 2025 بكامله البالغ 101 مليار ريال.
ما الذي تغيّر في الأرقام؟
الإيرادات تراجعت والإنفاق ارتفع مقارنةً بالتقديرات السابقة:
الميزانية | فعلي 2024 | ميزانية 2025 المعتمدة | توقعات 2025 (الحديثة) |
الإيرادات | 1259 | 1184 | 1091 |
النفقات | 1375 | 1285 | 1336 |
عجز الميزانية | 116 | 101 | 245 |
نسبة العجز من الناتج المحلي | %2.5 | %2.3 | %5.3 |
لماذا انخفضت الإيرادات المتوقعة؟
أثّر هبوط أسعار النفط، وسط استمرار تخفيضات الإنتاج من قبل تحالف “أوبك+”، لا سيما خلال النصف الأول، على الصادرات النفطية. رغم الأداء القياسي للإيرادات غير النفطية في بعض الفصول.
ما شهدته سوق النفط من تقلبات لأسباب سياسية واقتصادية، بما في ذلك سياسات ترمب التجارية، والتي أثارت تخوفاً حيال النشاط الاقتصادي عالمياً، ضغط على أسعار الخام، وأثر على الصادرات النفطية للبلاد التي تراجعت قيمتها خلال النصف الأول من العام الجاري 12% على أساس سنوي، أي بمقدار 53.7 مليار ريال.
وتشير تقديرات المالية السعودية بتحقيق عجز يناهز 161 مليار ريال بالنصف الثاني من العام، يما يفوق العجز المحقق بالنصف الأول البالغ 93 مليار ريال، إلى الأخذ في الاعتبار التقارير حول التقلّبات في أسعار النفط، وإمكانية تراجع سعر البرميل دون 60 دولاراً كما توقعت بيوت خبرة عقب قرار “أوبك+” برفع الإنتاج، بما قد يؤثر على الإيرادات الناتجة عن إعادة مئات آلاف البراميل إلى السوق. لكن تبقى التطورات الجيوسياسية، لا سيما ما يتعلّق منها بروسيا وإيران وفنزويلا، عاملاً محورياً في هذا السيناريو.
الشهر | القيمة (مليار ريال) | نسبة التغير السنوية |
يناير | 70.7 | -%0.4 |
فبراير | 67.6 | -%7.9 |
مارس | 66.7 | -%16.1 |
أبريل | 61.9 | -%21.2 |
مايو | 59.3 | -%21.8 |
يونيو | 64.6 | -%2.5 |
* بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية
لماذا زادت النفقات عن المتوقع؟
الحكومة تمسكت بخططها التوسعية ضمن رؤية 2030 رغم ضغوط الإيرادات، حيث تمّ تسجيل زيادة بمقدار 51 مليار ريال في الإنفاق الفعلي مقارنةً بما كان معتمداً.
هذا التعديل، وإن كان مفاجئاً من حيث الحجم، لكنه متوقع ضمنياً في ظل السياسة المالية التوسعية التي تنتهجها الحكومة، والتي تركّز على النمو المستدام بدلاً من تقليص الإنفاق بشكل مباشر.
وزير المالية السعودي محمد الجدعان قال بمقابلة سابقة مع “الشرق”: “نرى أن بالإمكان التوسع في الإنفاق”، مضيفاً: “العجز في ميزانية المملكة لعام 2025 ينتج بشكلٍ أساسي عن زيادة الإنفاق على المشاريع؛ وسيحقق عائداً اقتصادياً يفوق تكلفة الاستدانة لتغطيته”.
وأوضح الجدعان: “سنستدين من خلال السوق المحلية، ومن خلال السوق الدولية..طالما أن العائد على الإنفاق أعلى من تكلفة الدين، بموازاة القدرة على الوصول إلى أسواق الدين بتكلفة مقبولة لا تؤثر على الاقتصاد.. هذا التوازن مهم جداً”.
اقرأ المزيد: وزير مالية السعودية لـ”الشرق”: العائد الاقتصادي لعجز الميزانية يفوق كلفة الاستدانة
كيف ستموّل السعودية هذا العجز المرتفع؟
من خلال مزيج من الاقتراض المحلي والخارجي، كما قال وزير المالية السعودي، إضافةً إلى أدوات التمويل البديل. البيان التمهيدي أكد استمرار الاعتماد على السندات، والصكوك، والقروض، وتمويل المشاريع مباشرة.
أصدرت المملكة منذ بداية هذا العام وحتى الآن أدوات دين في الأسوق الدولية قيمتها 19.9 مليار دولار، لتقترب بذلك من المستوى القياسي المسجل في 2017، ولتواصل تصدرها للأسواق الناشئة كأكبر مصدر للسندات السيادية.
كافة المؤشرات تدل على أن المملكة مستعدة لتحمّل عجز مؤقت مقابل تسريع التحول الاقتصادي. وسط تأكيد وزارة المالية في البيان التمهيدي للعام المقبل أنه “يشكل بداية المرحلة الثالثة من رؤية السعودية 2030، والتي تركز على تكثيف جهود التنفيذ، وتوسيع فرص النمو، إضافةً إلى تسريع وتيرة الإنجاز، بما يضمن تحقيق أثر مستدام لما بعد عام 2030”.
نقلاً عن: الشرق بلومبرج