لماذا تفشل “أيام الغش” في تحسين علاقتنا مع الطعام؟

لماذا تفشل “أيام الغش” في تحسين علاقتنا مع الطعام؟

لطالما روج خبراء الحمية ومؤثرو اللياقة البدنية والمجلات لفكرة “يوم الغش” كوسيلة لموازنة النظام الغذائي الصارم مع الانغماس في الأطعمة الممنوعة بين الحين والآخر. ,الفكرة بسيطة: تناول الطعام “النظيف” أو التقليل من بعض الأطعمة معظم الوقت، ثم خصص يومًا واحدًا للاستمتاع بالأطعمة التي كنت تتجنبها دون شعور بالذنب.

ورغم جاذبية هذه الفكرة، إلا أن الأبحاث الحديثة وخبراء التغذية يحذرون من أن أيام الغش غالبا ما تؤدي إلى نتائج عكسية؛ ما يعزز دورات غير صحية ويجعل من الصعب بناء علاقة متوازنة ومغذية مع الطعام.

مشكلة أيام الغش

وبحسب موقع “سايكولوجي توداي” ففي جوهرها، تروّج أيام الغش لفصل صارم بين “الأطعمة الجيدة” و”الأطعمة السيئة”؛ ما يحوّل تناول الطعام إلى مسألة أخلاقية. فالسَلَطة تُعتبر فضيلة، بينما  الحلوى تصبح خطيئة. هذا التوصيف الأخلاقي يولد شعورا بالذنب والخجل، ويزيد الانشغال بالطعام ويعزز الرغبات الشديدة. وبدلاً من تعزيز التوازن، تؤدي أيام الغش غالبا إلى تعزيز دورة التقييد والشره التي يصعب كسرها.

وتشير الأبحاث في اضطرابات الأكل إلى أن التقييد الغذائي، سواء كان تقييدا فعليا أم مجرد نية بالتقييد، يتنبأ بسلوكيات الأكل القهري. فأيام الغش تشجع بشكل أساسي على التقييد المخطط يليه الإفراط المخطط، وهو رد فعل طبيعي للجسم ضد الحرمان. يُفهم هذا السلوك خطأً على أنه ضعف في الإرادة، لكنه في الحقيقة استجابة فسيولوجية.

بالإضافة إلى ذلك، تقوض أيام الغش الثقة بالجسم من خلال الاعتماد على قواعد خارجية تحدد متى وماذا يجب أن تأكل؛ ما يبعد الأشخاص عن الإشارات الداخلية للجوع والشبع والرضا. هذا الانفصال قد يزيد من اضطرابات الأكل ويضر بالصحة النفسية.

 نهج أكثر رحمة

ينصح الخبراء بالابتعاد عن القواعد الصارمة وأيام الغش نحو طريقة أكثر مرونة وحدسا في تناول الطعام. فبدلاً من تصنيف الأطعمة كممنوعة أو محفوظة لأيام الغش، من الأفضل دمج جميع الأطعمة في الحياة اليومية بشكل معتدل. هذا يقلل من جاذبية “المحرمات” ويساعد على استعادة الثقة بالجسم.

وتشمل الاستراتيجيات الرئيسة:

  • ابدأ بخطوات صغيرة: أعد إدخال الأطعمة التي كنت تحظرها بطريقة هادئة ومتعمدة لكسر دورة التقييد والشره.
  • تناول الطعام بانتظام: الوجبات المنتظمة تمنع الرغبات الشديدة وتساعد الجسم على الشعور بالأمان.
  • ركّز على الصحة الشاملة: الصحة ليست مجرد تناول المغذيات، بل تشمل أيضا الصحة النفسية والثقة بالجسم.
  • اطرح أسئلة لطيفة: بدلا من “هل هذا الطعام جيد أم سيئ؟” اسأل نفسك “هل أشعر بالجوع؟ هل سيكون هذا الطعام مرضيا لي؟”

في النهاية، يؤكد الخبراء أن التوازن الحقيقي لا يأتي من التذبذب بين الطرفين، بل من ممارسة الرحمة مع النفس والاتساق والمرونة في العادات الغذائية اليومية. فالطعام لا يحتاج لأن تُكسبه أو أن تُغش فيه؛ لأن كل يوم يمكن أن يحمل التغذية والرضا معا.

وباستخدام هذا النهج الرحيم والواعي، يمكن للأفراد بناء علاقة صحية أكثر مع الطعام والابتعاد عن دوائر الذنب التي تعيق الصحة النفسية والجسدية.
 
 

نقلاً عن: إرم نيوز

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف