لندن تحاول وبروكسل ترفض.. مواجهة صعبة تلوح في أفق قمة مايو


في وقت تسعى فيه حكومة بريطانيا إلى إعادة ترتيب أوراق علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، اصطدمت محاولات إعادة الضبط التي تقودها لندن بجدار الرفض الأوروبي. 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز، فإن مقترحات رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر بشأن تسهيل وصول السلع البريطانية إلى السوق الأوروبية الموحدة قوبلت برفض صريح، خاصة من باريس، ما ينذر بمفاوضات عسيرة قبيل قمة مرتقبة تحتضنها لندن الشهر المقبل.

ستارمر يبحث عن نقطة اختراق اقتصادية 

كان رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، يأمل في التوصل إلى اتفاق الاعتراف المتبادل بمعايير المنتجات، ما يخفف البيروقراطية أمام الصادرات البريطانية المتجهة إلى أوروبا.

غير أن هذه الخطوة واجهت انتقادات شديدة من دبلوماسيين أوروبيين، أبرزهم الفرنسيون الذين وصفوا المقترح بأنه غير قابل للتطبيق حاليًا، نظراً إلى خروج بريطانيا من السوق الموحدة دون التزامات موازية.

بروكسل: الامتيازات لها ثمن 

وفقًا لمسؤولين أوروبيين كبار، فقد أرسلت بروكسل إشارة واضحة بأنها لن تمنح لندن اتفاقًا مشابهًا لذلك الممنوح لسويسرا، التي تدفع مساهمات مالية في ميزانية الاتحاد وتلتزم بحرية حركة الأشخاص. 

وقال أحد الدبلوماسيين: ما تطلبه بريطانيا ببساطة لن يحدث، لأنها لا تلتزم بما تلتزم به الدول الأخرى التي تستفيد من امتيازات مماثلة.

ملف الهجرة يعقد المشهد أكثر 

وبعيدًا عن التجارة، بدا أن ملف الهجرة يشكل عقدة إضافية في المفاوضات المرتقبة، إذ تسعى بريطانيا إلى إعادة تفعيل اتفاق إعادة المهاجرين غير الشرعيين، ليُعاد بموجبه المهاجرون إلى أول دولة أوروبية دخلوا منها. 

إلا أن مسؤولين أوروبيين وصفوا هذا السيناريو بأنه بعيد المنال، في ظل تزايد الحساسية داخل الاتحاد تجاه ملف الهجرة

قمة مايو.. آمال وتحديات 

في ظل هذا الجمود، يعول الجانبان على قمة 19 مايو في لندن، التي يُتوقع أن تكون حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات الدفاعية والأمنية بين الطرفين. 

ويأمل البريطانيون في التوصل إلى اتفاق دفاعي وأمني يسمح لهم بالاستفادة من صندوق الدفاع الأوروبي البالغة ميزانيته 150 مليار يورو

بريطانيا تعرض تمديد حقوق الصيد مقابل صفقة أوروبية أوسع بعد الانتخابات

أفاد دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي أن المملكة المتحدة أبدت استعدادها لتمديد حقوق الصيد الحالية الممنوحة لدول الاتحاد في مياهها الإقليمية لعدة سنوات، ضمن محاولة لتمهيد الطريق نحو اتفاق أوسع نطاقاً. 

وبحسب وسائل الإعلام، فإن لندن تقترح تأجيل أي مفاوضات إضافية حول ملف الصيد، الذي كان من أكثر القضايا تعقيداً في مفاوضات البريكست، حتى ما بعد الانتخابات العامة المقبلة.

بيان مشترك.. ولكن مؤجل 

ضمن ترتيبات القمة المرتقبة بين الطرفين في لندن، يجري الإعداد لبيان ختامي منفصل يتضمن فهمًا مشتركًا حول عدد من الملفات التي قد تُشكل نواة لاتفاق شامل لاحقاً هذا العام. ومن أبرز هذه الملفات: 

– تسهيل تنقل الشباب بين الجانبين 

– أمن الطاقة 

– تسهيل حركة المواطنين البريطانيين عبر أوروبا

لكن بريطانيا طلبت تأجيل الانتهاء من صياغة البيان إلى ما بعد الانتخابات المحلية المقررة الأسبوع المقبل، وذلك بطلب مباشر من مبعوث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، مايكل إيلام، المسؤول السابق في وزارة الخزانة، وذلك لتفادي أي تأثير سياسي داخلي.

ثلاث مطالب بريطانية قوبلت بفتور 

مع بدء بلورة تفاصيل البيان، قدمت بريطانيا ثلاث مطالب رئيسية إلى بروكسل، بحسب دبلوماسيين بارزين في الاتحاد الأوروبي: 

1 اتفاق شامل لمكافحة الهجرة غير الشرعية 

2 تحسين وصول الفنانين البريطانيين المتجولين إلى أوروبا 

3 الاعتراف المتبادل بشهادات السلع الصناعية

لكن المفوضية الأوروبية نقلت إلى الدول الأعضاء ردوداً متحفظة على هذه المطالب، والتي رُفض بعضها أو لم يُلقَ قبولاً واسعاً، خاصة في ظل التزام أوروبا بمواقف موحدة إزاء شروط الوصول إلى السوق الموحدة.

الثقافة البريطانية تضغط من أجل الانفتاح 

من جانب آخر، وبينما ترفض لندن الانضمام إلى النسخة الموسعة من برنامج تنقل الشباب الأوروبي للفئة العمرية 18–30 عاماً، تسعى إلى صيغة بديلة تُركز على تسهيل تنقل الفنانين والموسيقيين البريطانيين، استجابة للضغوط الكبيرة التي تواجهها الحكومة من قطاع الثقافة والفنون.

في ظل الأجواء المليئة بملفات شائكة كالهجرة وحقوق الصيد وشهادات السلع، تبدو مفاوضات ما بعد البريكست أشبه بـ”رقصة دقيقة” بين التنازل السياسي والمكاسب الاقتصادية.

وبينما تسعى لندن لإعادة ضبط العلاقة مع القارة العجوز، تبقى بروكسل حذرة، وتلوح بأن كل امتياز له ثمن


نقلاً عن : تحيا مصر

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *