ليس أهدافا ولا بطولات.. “الكنز” الذي تركه كريستيانو رونالدو لريال مدريد

عندما غادر الأسطورة كريستيانو رونالدو ريال مدريد في عام 2018، ترك خلفه إرثا لا يمكن إنكاره، 450 هدفا، 4 ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وسجلاته القياسية التي حفرت اسمه كهداف تاريخي للنادي.
لكن بعد مرور سنوات، ومع بناء “غلاكتيكوس” جديد في مدريد، يتضح أن الكنز الحقيقي الذي تركه “الدون” لم يكن الأهداف أو البطولات، بل كان شيئا أعمق وأكثر قيمة، لقد ترك “روحه” و”عقليته” في قلوب وعقول الجيل الجديد الذي يحمل الآن راية النادي الملكي.
بين الاحترام والعشق.. شهادة مبابي التي كشفت كل شيء
لفهم هذا الإرث الخفي، لا نحتاج سوى الاستماع إلى كيليان مبابي، النجم الأول للمشروع الجديد، عندما يتحدث مبابي عن ليونيل ميسي، الذي زامله في باريس سان جيرمان، تكون كلماته دبلوماسية ومليئة بالاحترام لزميل سابق: “شخص رائع”، “محظوظ باللعب معه”، لكن عندما يأتي ذكر كريستيانو رونالدو، تتغير نبرة الصوت وتتحول الكلمات من “الاحترام” إلى “العشق”، يصفه بأنه “قدوته” و”مثاله الأعلى” و”الأسطورة”.
هذا الفارق الدقيق في الكلمات يكشف حقيقة أعمق، مبابي قد يحترم ميسي كفنان، لكنه لن ينسى أبدا أنه الرجل الذي حرمه من الفوز بكأس العالم للمرة الثانية على التوالي في نهائي لوسيل التاريخي، أما رونالدو، فهو “الأب الروحي” وبطل الطفولة الذي ألهمه، حتى لو شاهد مبابي من ميسي في التدريبات اليومية ما لم يره من رونالدو، فإن “العشق” الأول يظل محفورا في القلب. هذا العشق هو ما تركه رونالدو في مدريد: إلهام يتجاوز حدود المنافسة.
“جيش كريستيانو”.. جيل كامل يسير على خطاه
الأمر لا يقتصر على مبابي، انظر إلى غرفة ملابس ريال مدريد الحالية، وستجد “جيشا” من المواهب الشابة التي نشأت وهي تعتبر كريستيانو رونالدو “النموذج المثالي”، فينيسيوس جونيور، الذي ورث مركز الجناح الأيسر، بنى أسلوبه على جرأة رونالدو وقوته في المواجهات الفردية، جود بيلينغهام، الذي أصبح ماكينة أهداف من خط الوسط، يمتلك “الجوع” والعقلية القتالية أنفسهما اللذين كانا يميزان “الدون”.
وحتى المواهب الأصغر سنا، مثل أردا غولر وفرانكو ماستانتونو، وصولًا إلى الحلم القادم إندريك، كلهم ينتمون إلى جيل شاهد رونالدو وهو يحطم الأرقام القياسية ويرفع دوري الأبطال عاما بعد عام بقميص ريال مدريد. لقد أصبح رونالدو بالنسبة لهم ليس مجرد لاعب، بل هو “الدليل” و”خريطة الطريق” للوصول إلى المجد في هذا النادي.
الكنز الحقيقي.. عقلية الفوز التي لا تموت
هذا هو الكنز الحقيقي الذي لا يقدر بثمن، رونالدو لم يترك خلفه مجرد أرقام، بل ترك “عقلية”. لقد علم هذا الجيل أن ارتداء قميص ريال مدريد يعني أن المركز الثاني هو هزيمة، وأن الاستسلام ليس خيارا، وأن العمل الشاق والانضباط هما الطريق الوحيد للبقاء في القمة. هذه “العقلية التي لا تلين”، وذلك “الجوع” الدائم للانتصار، هو الإرث الخفي الذي يربط بين جيل رونالدو الذهبي وجيل مبابي الواعد.
الخلاصة
قد يتمكن مبابي أو غيره من تحطيم أرقام رونالدو التهديفية يوما ما، وقد يفوز النادي ببطولات أكثر في المستقبل، لكن “الكنز” الحقيقي الذي ضمن به كريستيانو خلوده في مدريد هو أنه لم يترك خلفه مجرد ذكريات، بل ترك جيلاً كاملاً من “الورثة” الذين يحملون عقليته ويقاتلون بروحه نفسها، وهو إرث لا يمكن لأي صفقة أو أي لاعب آخر أن يمحوه.
نقلاً عن: إرم نيوز