مافيا تربح.. والطلاب يدفعون الثمن


أثار قرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمنع تداول أو استخدام أي كتب خارجية أو مناهج غير صادرة عن الوزارة في المدارس، حالة من الجدل بين الخبراء التربويين وأصحاب الشأن في النظام التعليمي، وجاء القرار في وقت حساس، حيث كانت الكتب الخارجية تُعد واحدة من المصادر المهمة التي يعتمد عليها العديد من الطلاب والمعلمين في تعزيز المستوى الدراسي للطلاب.

أستاذ مناهج: الكتب الخارجية تستنزف ميزانية الأسر وتعرقل التفكير النقدي لدى الطلاب

وفي هذا السياق، قال الدكتور حسن شحاته، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، إن الكتب الخارجية تكرس ثقافة الحفظ والاستظهار بدلًا من تنمية التفكير النقدي والعقلاني لدى الطلاب، حيث تقدم هذه الكتب المقررات الدراسية في صورة أسئلة وأجوبة، مما يجعل الطلاب يحفظون المحتوى من أجل الامتحانات فقط، واعتبر شحاته أن الكتب الخارجية تمثل “حبوب منع التفكير” لأنها تقتل البحث والتفكير لدى الطلاب، وتستحوذ على المواد التعليمية والأسئلة التي تتضمنها الكتب المدرسية، مما يعوق تنمية مهارات التفكير الفعّال.

وأضاف الدكتور حسن شحاته، في تصريحات خاصة لـ “كشكول”، أن مافيا الكتب الخارجية تستفيد من المواد التعليمية التي تُعدّها وزارة التربية والتعليم، دون أن تدفع الحقوق اللازمة للوزارة مقابل استخدام هذه الكتب، وأشار إلى أن مافيا الكتب الخارجية تتفق مع المطابع التي تطبع الكتب المدرسية لتأخير إصدار الكتب الدراسية وبيع الكتب الخارجية أولًا، وفي بعض الأحيان يقومون بتوزيع الكتب مجانًا على المعلمين ومديري المدارس ليتم استخدامها داخل الفصول الدراسية، وهو ما يشجع الطلاب على شراء هذه الكتب، حتى دون وجود حاجة حقيقية لها، وأكد أن هذا يضر بمستوى التعليم ويستنزف ميزانية الأسر المصرية.

وأوضح شحاته، أن الكتب الخارجية تشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على الأسر المصرية، حيث يصل سعر الكتاب الخارجي إلى ألف جنيه للمادة الواحدة، مما يعني أن تكلفة الكتب الخارجية لكل طالب في السنة الدراسية قد تصل إلى عشرة آلاف جنيه، ولفت إلى أن الكتب الخارجية تُباع في شارع الفجالة في ميدان رمسيس قبل بداية العام الدراسي، وتستهدف الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين الذين يتعاملون مع هذه الكتب على أنها مصدر رئيسي للتحصيل الدراسي. 

واقترح الدكتور حسن شحاته، أن تقوم وزارة التربية والتعليم بإصدار “دليل الطالب” الذي يتضمن الأسئلة التي تنمي التفكير وإجابات نموذجية في كل مادة دراسية، وأكد أنه يجب توزيع هذا الدليل على الطلاب بمقابل مادي رمزي، على أن يتم الإعلان صراحة عن أن الأسئلة في الامتحانات ستأتي فقط من هذا الدليل، وأوضح أن الوزارة يجب أن تتابع تطبيق هذه السياسة بجدية لضمان محاربة مافيا الكتب الخارجية، التي ستظل تشكل تحديًا دائمًا إذا لم تتم مواجهتها بالطرق الفعّالة.

“حجازي” يوضح الآثار الإيجابية لمنع الكتب الخارجية بالمدارس 

قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لموقع كشكول، إن يرتبط الطالب بالمدرسة بشكل أساسي من خلال معلم وكتاب أما المعلم فقد بذلت الوزارة جهودا كبيرة لسد العجز في أعداد المعلمين وأما ما يتعلق بالكتب الدراسية فقد تطورت في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا من حيث المحتوى وطريقة العرض ومن حيث الشكل أيضا.

وجدير بالذكر أن الطلاب كانوا يلجأون للكتب الخارجية لعدد كبير من الأسباب منها: 

  • جودة الطباعة والعرض واستخدام المعينات البصرية.
  • كثرة وجود الأسئلة والتدريبات والتطبيقات.
  • اختيار معلمي الدروس الخصوصية لكتاب خارجي لإقناع الطلاب  أنهم يقدمون إضافة.

وجميع الأسباب لم تعد مبررة خاصة في ظل توجه الوزارة لطباعة التقييمات في كتيبات  ولم يتبق سوى السبب الخاص بمعلمي الدروس الخصوصية وهو ما يستدعي قرارا حازما لمنع استخدام الكتب الخارجية في المدارس.

ولهذا القرار آثاره الإيجابية على النظام التعليمي ومنها:

  • ضمان تحقيق الأهداف التربوية التي حددتها الوزارة بدون تداخل أو آثار تربوية جانبية خطيرة.
  • زيادة ارتباط الطالب بالمدرسة وانتمائه لها.
  • محاولة جادة للقضاء على المحرك الأساسي للدروس الخصوصية.

هل يستطيع الكتاب المدرسي منافسة الخارجي؟ تربوية تجيب

قالت الدكتورة بثينة كشك، المستشار التربوي والتعليمي، تعليقًا على قرار وزارة التربية والتعليم بشأن منع الكتب الخارجية، إن الأمر لا يقتصر على مجرد قرار وزاري، بل يتطلب خطة شاملة ومواجهة حقيقية مع “أباطرة الكتب الخارجية”، سواء من يعملون بشكل مباشر في السوق التعليمي أو حتى من يتواجدون داخل ديوان الوزارة ويديرون مصالح من الباطن.

وأشارت كشك، في تصريحات خاصة لموقع “كشكول”، إلى أن أولياء الأمور منذ سنوات طويلة اعتادوا الاعتماد الكامل على الكتب الخارجية باعتبارها المرجع الأساسي للشرح والتدريب، في حين ظل الكتاب المدرسي بالنسبة لهم مجرد مادة تُستخدم في الامتحان أو لا تُقرأ إلا نادرًا، وهنا يكمن التحدي الحقيقي، إذ أن تغيير ثقافة مجتمع بأكمله لا يمكن أن يتم بقرار واحد، بل يحتاج إلى توعية تدريجية وإقناع بأهمية الكتاب المدرسي.

وتطرح كشك تساؤلًا مهمًا: هل الكتاب المدرسي في صورته الحالية قادر على منافسة الكتاب الخارجي من حيث الشرح والتمارين والتدريبات المتنوعة؟ مؤكدة أن الطلاب وأولياء الأمور يبحثون دائمًا عن مصادر تضمن لهم الفهم الجيد والتدريب الكافي، وهو ما يفسر استمرار هيمنة الكتب الخارجية على العملية التعليمية.

وترى كشك، أن نجاح القرار مرهون بقدرة الوزارة على مواجهة مصالح البعض ممن يحققون أرباحًا ضخمة من سوق الكتب الخارجية، سواء في المطابع أو المكتبات أو حتى داخل المنظومة نفسها، فالأمر ليس مجرد تجارة، بل شبكة مصالح مترابطة تحتاج إلى إرادة قوية لكسرها.

واختتمت كشك، بالتأكيد على أن أي محاولة لمنع الكتب الخارجية يجب أن تسير بالتوازي مع تطوير الكتاب المدرسي ليصبح أكثر شمولًا وجاذبية، مع توفير بدائل رقمية حديثة تساعد الطلاب على التعلم بطرق تفاعلية، مشيرة إلى أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من داخل المنظومة نفسها قبل أن يتم فرضه على المجتمع.


نقلاً عن : كشكول

أحمد ناجيمؤلف

Avatar for أحمد ناجي

أحمد ناجي محرر الأخبار العاجلة بموقع خليج فايف

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *